الموسيقا > تعرف إلى موسيقيي العالم

جيمس براون: عرّاب موسيقى

استمع على ساوندكلاود 🎧

- بدأتُ بتلميعِ الأحذية بثلاثِ سنتات، ثم خمسِ سنتات، ثم رفعتها لتصبح ست سنتات، كان عُمري تسعُ سنين عندما حصلت على ثياب داخلية من محلٍ حقيقي، كل تلك السابقة كانت مصنوعةً من أكياس الخيش، ولكني عَلِمتُ أنّه يجب علي أن أصبر، كانت لدي العزيمة للمُضي قُدماً، ولكي أكون الشخص الذي أريد أن أكونه." هذا ما قاله "جيمس جوي براون جونيور"، المولود في "بارنويل" في كارولينا الجنوبية في الثالث من أيّار عام 1933م، انفصل أبواه منذ كان صغيراً، وفي الرابعة أُرسل إلى "أوغوستا" جورجيا ليعيش مع عمته، مترعرعاً في جو من الاكتئاب والضياع، فقد عاشَ في فقرٍ مُدقع عاملاً في قطف القطن، غسيل السيارات وتلميع الأحذية.

- "عرّاب السول"، "أخ السول رقم واحد"، "الرجل الأكثر اجتهاداً في العروض"، "مستر داينامايت"، هذه هي الألقاب الكبيرة التي حصل عليها جيمس براون بفضل موسيقاه المنعشة والممتعة، وعروضه المدهشة التي كانت تظهر حيويته وقدرته على لفت الأنظار في أجزاء من الثانية.

بدايته الموسيقية:

- بعد أن تمَّ فصلِه من المدرسة في سن الثانية عشر بسبب فقره، قام بملء وقته بأعمالٍ متعددة لينسى الحقيقة المرّة، التي تحيله إلى الحياة السوداوية، والتجئ إلى الكنيسة وموسيقاها، فغنّى في الكورس مطوّراً مهاراته وقدرته على الغناء بصوتٍ ملائكي.

- وعندما دخل مرحلة المراهقة دخل حياة الجريمة، فقد اعتُقِلَ براون في سنِّ السادسة عشر لسرقته سيارة أحدهم، وحُكِمَ عليه بقضاء ثلاث سنوات في السجن، وأثناء فترة اعتقاله قام بتنظيم وقيادة كورس ترتيل، عندها قابل "بوبي بيرد"، مغنّي الـ(ريذم آند بلوز) الطموح وعازف البيانو، مشكلاً صداقةً وعلاقة موسيقية من أكثر العلاقات المثمرة في تاريخ الموسيقى.

- عندما أُطلق سراحه من السجن في عام 1953م، أعطت له موهبته في الرياضة فرصة ليتوجه اهتمامه إلى الرياضة، مكرّساً حياته في السنتين التاليتين في الملاكمة والبيسبول، ثم في عام 1955م دعاه بوبي بيرد ليشارك في فرقة لأداء الريذم آند بلوز، وكانت تدعى"The Gospel Star lighters" وقبل براون بذلك، ومع موهبته الممتعة وحضوره الباهر على المسرح أثناء تأدية عروضه، أصبح براون هو المسيطر على المجموعة، مُغيّراً اسمها ليصبح"The Famous Flames" ، ثم انتقلوا إلى مدينة ماكون في جورجيا، حيث قدّموا عروضهم في نوادي محليّة.

- في عام 1956م، سجّلت الفرقة شريطاً تجريبياً لأغنية "Please، Please، Please"، وأدّوها أمام مكتشف مواهب لشركة تسجيل تدعى "King Records"، والذي اُعجب بها وولِع خصّيصاً براون ولمساته التي يضيفها، فقرَّر أن يوقّع عقداً مع الفرقة، وفي شهور كانت تلك الأغنية قد وصلت إلى المرتبة السادسة في قائمة أغاني الريذم آند بلوز.

حقّقت الفرقة نجاحاً باهراً في الوسط الفني آنذاك، متجوّلة في جنوبي البلاد بالاشتراك مع مغنيين كـ"بين إي كينغ"، عائدين في بدايات عام 1957م إلى وطنهم، ولكنهم وقعوا في مأزق خسارة عقد شركة التسجيل في سنة 1958م، فانتقل براون إلى نيويورك ليعمل مع موسيقيين آخرين اسماهم نفس اسم الفرقة الأخيرة، وأطلق أغنية "Try Me" التي حصلت على المرتبة الأولى في قوائم الريذم آند بلوز، داخلة في قائمة أفضل مئة أغنية منفردة، معلنةً بذلك بدء مشوار جيمس براون الفنّي، وهكذا حصل على شهرة أكثر بأغانيه مثل "Lost Someone"، "Night Train"، و"Prisoner of Love".

بالإضافة لكتابة الأغاني وتسجيلها، كان براون يقوم بجولات عديدة بلا توقف، مؤدّياً خمس أو ست ليالي في الأسبوع خلال الخمسينات والستينات، لذلك لُقِّب بـ"الرجل الأكثر اجتهاداً في العروض".

براون كان مقدّماً لامعاً، راقصاً مذهلاً، ومغنّي مفعم بالعاطفة، كانت حفلاته مثالاً خالصاً للتنويم المغناطيسي، نتيجة الحماس الذي كان يتركه في أنفس الناس، فقد كان حقاً كما قيل عنه: "عندما تسمع أنّ جيمس براون قادم إلى البلدة، فإنك تتوقف عن أي عمل تقوم به وتبدأ بادّخار المال".

- أتقنَ براون العديد من رقصات ذلك الوقت "The mashed potato"، "The Camel Walk"، و"The popcorn"، حتّى أنّه ابتكر رقصته الخاصّة واسماها "Do the James Brown".

- أقام براون في الرابع والعشرين من شهر تشرين الأوّل أمسية غنائية في هارلم في مسرح "أبولو"، ولكن بدون مساعدة شركة التسجيل بسبب عدم وجود أي أغاني جديدة، وكانت تلك الأمسية مثالاً عملياً لأحد أنجح الفعاليات الموسيقيّة، معتلية المرتبة الثانية في قائمة أفضل ألبومات ذلك الحين.

- أعاد جيمس براون تسجيل أغانيه بدقّة أعلى كـ"Papa's Got a Brand new Bag"،

وI Got You وIt Feels Good وIt's a Man's World، والتي كانت أوّل أغنية من الأسلوب الجديد، أسلوب الـ"Funk" المتفرّع من الـ"Soul"، وأساس الـ"Hip-Hop" في المستقبل.

نشاطاتهِ الاجتماعية:

كَسِبَ براون في مُنتصف ستينات القرن الماضي قدرةً أكبر على التحكم في الشارع الاجتماعي، فقد سَجَّل في عام 1966م أغنيته"Don't Be a Dropout"، والتي كانت مُحَرِّكاً هاماً في مجتمع الأفارقة الأمريكيين لتوعيتهم بأهمية التعليم، فكان الرد بالاحتجاجات التي عَمَّت أنحاء البلاد لإعادة النظر في المؤسسات التعليمية لدى الأفارقة الأمريكيين.

وفي الخامس من شهر نيسان عام 1968م، أي في اليوم التالي لاغتيال مارتن لوثر كينغ، عندما دخلت البلاد في سلسلة من أعمال الشغب، أقام بروان حفلاً موسيقياً مُتلفزاً في مدينة بوسطن لتجنيبها الوقوع في شباك أعمال الشغب، وقد نجحت خطّته، إذ أوى معظم سكان المدينة إلى بيوتهم ليشاهدوا براون على الشاشة الصغيرة.

وفي شهور لاحقة كتب أغنية "Say it Loud: I'm Black and I'm Proud"، والتي كانت موحّدة وملهمة لأجيال عديدة تلت، وأصدر أغنية "Get On Up" عام 1970م، لتقوم بتتويج سلسلة نجاحاته.

من ثم وقع بروان في دوّامة من المشاكل المادّية في نهاية السبعينات، وزاد الطين بلّة صعود الديسكو إلى الساحة أيضاً. ولكنَّ بروان لم ييأس من ذلك، بل عاد بقوَّة مع فيلم كلاسيكي يدعى "The Blues Brothers"، وأغنية "Living in America" التي برزت في فيلم "Rocky IV"، تلك التي كانت ضربته الكبرى.

رحلَ عَرَّاب السول عندما بلغَ الثالثة والسبعين من عمرهِ، في ليلةِ عيد الميلاد من عام 2006م بعد صراعٍ طويلٍ مع التهاب الرئة، رحلَ تاركاً خلفهُ إرثاً موسيقياً ألهمَ الكثيرين مِنَ المُغنين الشباب من بعده، أمثال مايكل جاكسون ومايك جاغر، محولاً بموسيقاه مشاعر العنصرية تجاهَ السود إلى الكثير من الحبّ والاحترام تجاههم وتجاه موسيقاهم، وكما قال جيمس براون؛ "من يريد أن يعرف حقاً من هو جيمس براون، كل ما عليه هو الاستماع إلى موسيقاه".

مختارات من أغاني جيمس بروان:

المصادر:

هنا

هنا