الغذاء والتغذية > عادات وممارسات غذائية

هل لتخطي وجبات الطعام علاقة بزيادة دهون البطن أو مقدّمات السكري؟

استمع على ساوندكلاود 🎧

قد يظن البعض أن تخطي بعض الوجبات يساعد على خفض الوزن بشكلٍ سريعٍ على مبدأ أن قلة المدخول اليومي من الغذاء ستجبر الجسم على حرق الدهون؛ ولكن قد يتفاجأ هؤلاء بأن هذه الطريقة غير السليمة قد تعود على الجسم بنتائج معاكسةٍ تماماً لما يرجونه فقد تزيد من دهون البطن بدلاً من تقليلها.

ففي دراسةٍ جديدةٍ أجريت على الفئران، بينت النتائج أن تخطي وجبات الطعام قد تعيق عملية الاستقلاب بشكلٍ يؤدي إلى تراكم الدهون الزائدة حول محيط البطن وإلى علامات مقدّمات السكري prediabetes، حيث أشار الباحثون إلى أن تخطي وجبات الطعام لتقليل السعرات الحرارية الداخلة يؤدي إلى نتائج عكسية، كما أنه يؤدي إلى تقلبات كبيرة في الأنسولين والغلوكوز والتي يمكن أن تؤدي إلى زيادة الدهون عوضاً عن فقدانها.

وتضمنت الدراسة التي قام بها أعضاء من جامعة ولاية أوهايو Ohio State University في كولومبوس Columbus والتي تم نشرها في مجلة The Journal of Nutritional Biochemistry، تجارب على مجموعتين من الفئران حيث سمح للمجموعة الأولى (مجموعة المقارنة) بقضم طعامها بهدوء على مدار اليوم، بينما أكلت مجموعة الفئران الثانية (مجموعة التدخل) طعامها في جلسة واحدة ثم أجبروا على البقاء دون طعام بقية اليوم.

للقيام بهذه التجارب، بدأ الباحثون بتلقين الفئران سلوك التهام الطعام حيث تم تقسيمهم إلى مجموعتين: مجموعة المراقبة ومجموعة التدخل، تم منح مجموعة المراقبة حصة طعامهم اليومي بشكل كامل من أجل تناوله على مدار اليوم.

أما مجموعة التدخل فقد تم إعطاؤهم حمية محددة السعرات الحرارية في البداية؛ حيث كانت الحصص الغذائية اليومية المقدمة لمدة 3 أيام هي نصف السعرات الحرارية المقدمة لمجموعة المراقبة، وكانت الفئران تأكل كل ما يقدم لها من طعام في جلسة واحدة ومن ثم تبقى دون طعام بقية اليوم.

وعلى مدى 3 أيام أخرى، تم إعطاء فئران التدخل تدريجياً المزيد والمزيد من السعرات الحرارية حتى وصلت حصصهم لنفس حصة فئران المراقبة، إلا أنها استمرت بالتهام الطعام مرة واحدة والبقاء بدون طعام بعده – حيث لم يرجعوا لقضم الطعام بتأنٍّ مثل فئران المراقبة، فكانوا يأكلون كل مالديهم من طعام خلال فترة 4 ساعات ثم يبقون دون طعام لمدة 20 ساعة.

عند التحليل كان لفئران مجموعة التدخل التي التهمت الطعام في وجبة واحدة نفس الوزن ولكن مع زيادة في دهون البطن مقارنةً مع الفئران التي تناولت الطعام على مدار اليوم.

كما قام الباحثون خلال فترة التجربة بقياس مؤشرات الاستقلاب المختلفة عند الفئران ووجدوا أنه في البداية عندما كانت السعرات الحرارية محددة، فقدت فئران التدخل الوزن مقارنة مع فئران المقارنة وعندما أعطيت المزيد والمزيد من السعرات الحرارية عاد وزنهم ليصبح نفس وزن فئران المراقبة. لكن مع نهاية التجربة تبين ازدياد محيط الوسط عند فئران التدخل التي التهمت الطعام نتيجة لتراكم كميات أكبر من الدهون في منطقة البطن.

وقد ارتبطت زيادة الدهون حول البطن بمقاومة الأنسولين وارتفاع خطر الإصابة بمرض السكري من النوع 2 وأمراض القلب. حيث تبين عند التحليل أن مقاومة الأنسولين كانت أكبر في أكباد الفئران التي تناولت طعام اليوم الكامل بجلسة واحدة وصامت بقية اليوم - ويعد هذا مؤشراً على مرحلة ما قبل السكري - كما تراكمت المزيد من الدهون في بطونها.

عندما يصبح الكبد أقل حساسية للأنسولين، فإنه يستمر بإنتاج الغلوكوز حتى عند عدم الحاجة إليه، مما يزيد من مستوى السكر في الدم ليتم تخزين الفائض على شكل دهون.

وتقول Martha Belury، أستاذة التغذية البشرية في ولاية أوهايو، "بأننا بالتأكيد لا نرغب في تخطي وجبات الطعام لتقليل السعرات الحرارية لأننا بذلك نعرض أجسامنا لتقلبات كبيرة في الأنسولين والغلوكوز مما يؤدي لمزيد من زيادة الدهون بدلاً من فقدانها. صحيح أن الأشخاص لا يفعلون ذلك بالضرورة على مدار 24 ساعة، إلا أن بعض الأشخاص لا يتناولون إلا وجبة كبيرة واحدة خلال اليوم".

التهام الطعام ومن ثم الصيام يؤدي إلى مقدمات السكري أيضاً

قام الفريق بمقارنة مقاييس الاستقلاب لدى فئران التدخل مع فئران القضم (المقارنة)، فوجدوا أن التهام الفئران للطعام ثم الصيام أدّى إلى مستويات أعلى من الالتهابات.

ورافق هذا أيضاً نشاطاً عالياً في الجينات التي تحفز تخزين الجزيئات الدهنية والخلايا الدهنية وخاصة في البطن، ويعزو الباحثون هذه التغييرات إلى الارتفاع ثم الانخفاض الحاد في إنتاج الأنسولين.

عندما تنخفض مستويات الأنسولين - على سبيل المثال، عندما نكون نائمين- يضخ الكبد الغلوكوز في الدم لتغذية الدماغ. وعندما نأكل، يضخ البنكرياس الأنسولين لنقل الغلوكوز من الدم إلى الخلايا التي تحتاج إليها للحصول على الطاقة. هذا الارتفاع في الأنسولين يرسل أوامر للكبد لوقف ضخ الغلوكوز.

وجد الفريق أن مستوى الغلوكوز في دم فئران التدخل كان ثابتاً بشكل دائم- أي أن الكبد لم يكن يتلقى رسالة من الأنسولين ليتوقف عن إنتاج الغلوكوز. وتفسر البروفيسورة Belury كيف يرتبط هذا بمرض السكري كالتالي:

"في ظل الظروف عندما لا يتم تحفيز الكبد عن طريق الأنسولين، فإن الكبد يزيد من إنتاج الغلوكوز لأنه لا يستجيب لإشارات تأمره بالتوقف عن إنتاج الغلوكوز. هذه الفئران غير مصابة بداء السكري من النوع 2 بعد، ولكن كبدهم لا يستجيب للأنسولين بعد الآن، ويشار إلى هذه الحالة من مقاومة الأنسولين باسم مقدمات السكري prediabetes.

مقاومة الأنسولين يمكن أن تكون أيضاً سبباً لاكتساب فئران التدخل الدهون في منطقة البطن- المعروفة باسم الأنسجة الدهنية البيضاء- التي تخزّن الطاقة. على الرغم من أن لديهم نفس وزن الجسم مقارنة مع فئران المقارنة، إلا أن أنسجتهم الدهنية كانت أكثف".

وأضافت "إذا كنت تضخ المزيد من السكر في الدم، فإن الدهون تكون سعيدة بالتقاط الغلوكوز وتخزينه، إلا أنك لا تريد ذلك. نحن نريد أن تتقلص هذه الخلايا للحد من الأنسجة الدهنية.

في النهاية يجب التأكيد على أن حساب السعرات الحرارية وخفضها عبر تقليل الداخل الكلي منها وتوزيعه على شكل وجبات على مدار اليوم دون حرمان الجسم من المركبات الغذائية الأساسية والقيام بالتمارين الرياضية هو الطريقة الأمثل لخفض الوزن.

للمزيد حول كيفية عمل الأنسولين وتشكيل الهلايا الدهنية يمكنك متابعة الفيديو التالي: هنا

المصدر: هنا