الطب > مقالات طبية

شفاء الإيدز عند الفئران

إنّ فشل كل الوسائل في شفاء أحد الأمراض لا يزيد العلماءَ إلّا إصراراً على إيجاد علاج لهذا المرض الذي يفتك بالبشريّة, وهذا يعني أننا سنصل في وقتٍ ما لعلاج فعّال ضد هذا المرض. وفي المقال التالي يمكن أن تكون بذرة علاج مرض الإيدز .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

استطاع علماء أحياء من جامعة درسدن في ألمانيا، على مدى سنوات، تركيب و تكثير أنزيم بمقدوره التعرّف على فيروس الإيدز ضمن الخلايا المصابة ومعالجتها. وتمكّنوا بمساعدة هذا الأنزيم وبالتعاون مع معهد Hamburger Heinrich Pette من أن يعالجوا فئران مَخابر مصابة بالإيدز. وقد توصّل الفريق العلمي إلى الصورة النهائية لهذا الأنزيم الطبيعي، بعد العديد من الطفرات و دورات التطوّر التي بلغ عددها 120 على مدى خمس سنوات.

قبل أن نتحدث عن آليّة عمل هذه الطريقة نورد بعض المعلومات المبسّطة جدّاً عن فيروس الإيدز والأنزيمات:

فيروس الإيدز هو من الفيروسات القَهْقَرِيّة (retroviruses) التي تقوم عبر عدّة عمليات بإضافة الـ DNA الخاص بها إلى الـ DNA الخاص بالخلية المصابة، و بذلك يتم تشكيل فيروس جديد كلّما تضاعفت الخليّة المصابة

فيما يخصّ الأنزيمات فهناك أنزيمات محدّدة ومعروفة موجودة عند الإنسان , في مقدورها قطع سلسلة الـ DNA وإعادة لصقه ببعضه من جديد. مثل هذه الأنزيمات تكون موجودة في الخلايا للمساعدة في تصحيح بعض الأخطاء ضمن سلسلة الـDNA، والتي يمكن أن تحدث أثناء عملية انقسام الخليّة مثلاً.

و الآن نأتي إلى العلاج :

تمكّن العلماء من تحوير هذه الإنزيمات سابقة الذكر والتلاعب بها بحيث تتعرّف بشكل دقيق جدّاً على الـ DNA الذي يضيفه فيروس الإيدز إلى الـ DNA الخاصّ بالخليّة المصابة، وبالتالي التخلّص منه. ولقد تمّ تسجيل براءة اختراع بهذه الطريقة.

هناك طرق مختلفة و مشابهة لما قاموا به, إلّا أنّ إزالة الفيروس من الخلية المصابة لم يحدث من قبل أبداً. هذا يعني أنّه تم عكس تأثير الفيروس على الخلايا والمحافظة على حياة الخليّة وصحّتها بالوقت نفسه. ولمعرفة مدى نجاعة الطريقة المذكورة في شفاء الإنسان من مرض الإيدز، ينبغي إخضاعها لتجارب سريرية تتطلّب الكثير من المال و الوقت.

-

يبدأ العلاج بهذه الطريقة بأخذ عيّنة من دم المصاب و عزل خلايا جذعية مسؤولة عن توليد الخلايا الدمويّة, و بمساعدة نواقل جينيّة يتم إدخال الأنزيم, والمسمّى في الأوساط العلمية بالمقصّ الجزيئي, الذي جرى تعديله في المخبر إلى الخلايا سابقة الذكر, و من ثمّ يعاد حقنها في المريض نفسه. لا تُحدث هذه الطريقة عند المريض أي ردّ فعل ضدّ الخلايا المعدّلة , كونها خلايا الشخص نفسه.

و بذلك تبدأ خلايا مناعية جديدة بالتزايد و النمو باستمرار ليتجدّد الجهاز المناعي, ويستطيع القيام بمهامه الدفاعية من جديد ممّا يؤدي إلى شفاء المرض. هذا ما حدث عند فئران المخبر, حيث أصبحت نسبة الفيروس في الدم قليلة جدّا, حتّى أنها في بعض الحالات لم يعد بالإمكان الكشف عنها. على الرغم من أنّ هذه الطريق تَعِد بالكثير للمستقبل إلّا أنّ نتائج هذه الطريقة على المدى الطويل لا يمكن دراستها بسبب قصر طول حياة فئران المخبر مقارنةً بحياة الإنسان. يعتقد أحد أفراد الفريق العلمي أنّ المقص (الأنزيم) سوف ينضج بشكل تامّ بعد ما يقارب العشر سنوات.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يعتبر العلاج الجيني واحداً من أهمّ الحقول العلمية المثيرة للكثير من الجدل والنقاشات حول تأثيراتها السلبيّة و الإيجابية على حياة المجتمعات البشرية, إلّا أنّ العلماء يراهنون عليه في علاج العديد من الأمراض المستعصية في وقتنا الحالي، و يرون فيه طاقةً كامنة تستطيع تخفيف آلام الكثير من المرضى المحكومين بالموت.

المصدر: هنا

مصدر الصورة: هنا