الغذاء والتغذية > التغذية والأمراض

تغذية الأطفال المصابين بالتوحد

استمع على ساوندكلاود 🎧

يؤثر التوحد Autism على طفلٍ من بين كل 110 أطفال وفقاً لـ CDC، وهذا يعني أطفالاً أكثر من الأطفال الذين يعانون من أمراض السكري والسرطان والإيدز مجتمعة.

التوحد او اضطرابات طيف التوحد (ASD) هي مجموعةٌ من الصعوبات التنموية المعقدة التي تؤثر على تواصل الطفل مع من حوله. لايوجد اختبارٌ طبيٌ لتشخيص التوحد حتى الآن حيث يتم التشخيص من قبل فريقٍ من المتخصصين من خلال الملاحظة والمراقبة ومقابلات الأهالي، حيث يعاني أطفال التوحد من 3 أنواعٍ رئيسيةٍ من الصعوبات:

- صعوبة في التفاعل الاجتماعي.

- صعوبة في التواصل اللفظي وغير اللفظي.

- صعوبة في التخيل.

كما يتم غالباً التشخيص بين عمر 18 شهر و3 سنوات، حتى الآن لم يتم تحديد سببٍ للتوحد أو علاجٍ له، ولكن وفي دراساتٍ عديدةٍ تم إثبات أثرٍ فعليٍ للنظام الغذائي على التوحد واضطرابات التوحد الأخرى، حيث يمكن للنظام الغذائي الصحي والمتوازن إحداث فرقٍ في قدرة الطفل على التعلم وتحسين السلوك وتشجيع الأطفال على أن يكونوا أكثر تواصلاً، كما يعمل النظام الغذائي على تخفيف أعراض الجهاز الهضمي التي غالباً ما تصاحب التوحد، حيث تشمل الأعراض الأكثر شيوعاً الإسهال المزمن، انتفاخ البطن، الجزر المعدي المريئي، الإمساك وعدم الراحة. كما يمكن لأطفال التوحد أن يعانوا من مشاكل غذائيةٍ أخرى مثل الحساسية الغذائية، عدم تحمل الطعام ونقص في المواد الغذائية.

من الصعب القول أن الحميات الغذائية قد تفيد في علاج هذا المرض المعقد الأعراض والأسباب ولكن اتباع بعض الحميات قد يساعد أطفال التوحد في التخفيف من أعراض بعض الحالات الصحية والمتلازمات التي ترافق التوحد... ويشمل العلاج الغذائي لمرضى التوحد عدة محاور:

أولاً: الحمية الخالية من بروتين الكازئين والغلوتين (GFCF):

يمكن لإزالة بروتيناتٍ معينةٍ من النظام الغذائي أن يُخفف من أعراض التوحد، حيث أبدى 25% من المرضى تحسناً عند اتباع النظام الغذائي الخالي من الكازئين (بروتين الحليب) والغلوتين (بروتين القمح)، حيث أن سوء هضم هذين النوعين من البروتينات يؤدي الى تسربها لمجرى الدم وتداخلها مع عمل الجهاز العصبي مما يؤثر على الوظائف العقلية والسلوكية، لذلك يمكن من خلال الامتناع عن الأطعمة التي تحتوي على الغلوتين والكازئين أن يحسن من سلوكيات طفل التوحد وهذا يعني منع الحليب ومنتجاته كما يمكن استبداله بحليب الصويا ومنتجاته ومنع القمح ومنتجاته واستبداله بمنتجات الذرة والأرز.

ولكن تبقى الأدلة غير حاسمةٍ ولا يمكن اعتماد هذه الحمية كعلاجٍ للتوحد نظراً لمحدودية البيانات حول النتائج، كما يجب الانتباه على البدائل لتعويض الفيتامينات والمعادن والكالسيوم الموجودة في الحليب والقمح ومنتجاتهما.

ثانياً: استبعاد الأطعمة الحاوية على مركبات الفينول والساليسيلات:

يرتبط ذلك بأن عيناتٍ صغيرةٍ من أطفال التوحد لديهم مستوياتٍ منخفضةٍ من الأنزيمات اللازمة لهدم مركبات الأطعمة التي تحتوي على الساليسيلات salicylates والمركبات الفينولية phenolic compounds مما يؤدي الى ارتفاع مستويات النواقل العصبية مثل السيروتينين serotonin والذي قد يؤثر على سلوك الطفل.

ولكن لاتوجد أدلة تؤكد نفع تجنب هذه الأطعمة.

ثالثاً: استبعاد المضافات الغذائية:

يُعتقد أن الأشخاص الذين يعانون من التوحد لايمكنهم تحمل مجموعةٍ من المواد المضافة للأغذية كالاسبارتام Aspartame، MSG (أحادي غلوتامات الصوديوم) والألوان الصناعية مثل الأصفر البرتقالي (E110)، التارتازين tartrazine (E102)، الكارمويزين carmoisine (E122، E124) وبنزوات الصوديوم (E211)، حيث تؤدي الى آثارٍ سلبيةٍ على السلوك.

رابعاً: الحمية الخالية من الخمائر:

يمكن أن تسبب متلازمة الأمعاء المتسربة leaky gut syndrome التي يعاني منها بعض الأشخاص الذين يعانون التوحد فرط نمو الخمائر في الأمعاء بعد العلاج بالمضادات الحيوية ما يسبب ظهور أعراض حساسية، وتعتمد هذه الحمية على أن منع تناول الخمائر الغذائية يمكن أن يمنع هذه الأعراض.

وعادةً مايتم علاج فرط الخميرة في القناة الهضمية بواسطة أدويةٍ توصف من قبل الطبيب.

خامساً: المكملات الغذائية:

يكون التمثيل الغذائي عند مرضى التوحد غير طبيعيٍ وقد يكون ضعيفاً وفي هذه الحالة فإن المرضى بحاجةٍ لجرعاتٍ عاليةٍ من الفيتامينات والأملاح المعدنية (مثل فيتامين A، C، B6 والمغنزيوم والزنك) لتصحيح ذلك الضعف.

وقد أثبتت الدراسات فائدة المكملات الغذائية ولكنها مكلفةٌ بالإضافة الى أن الجرعات المقترحة قد تتجاوز الحد الأعلى الآمن للبالغين وليس هناك معلومات عن أثر هذه الجرعات العالية على الأطفال على المدى الطويل.

سادساً: الأوميغا 3:

تعبتر الأوميغا 3 من الأحماض الدسمة الضرورية لنمو الدماغ ووظيفته، وأي خلل أو نقص في الأحماض الدسمة الأساسية يمكن أن يساهم في مجموعةٍ من السلوكيات وصعوبات التعلم واضطرابات النمو العصبي مثل ASD.

في حين أن هناك بعض الأدلة على أن الأوميغا 3 تُحسن الاضطرابات العصبية التنموية الأخرى مثل صعوبات التعلم، اضطرابات المزاج والأطفال الذين يعانون من اضطرابٍ في تنسيق النمو (DCD) ولكن ليس هنالك ما يكفي من الأدلة المتاحة في حالات التوحد ASD، كما يمكن لمكملات زيت السمك أن تكون مكلفة جداً، بالإضافة للمخاطر الصحية المرتبطة باستعمال مكملات الاوميغا 3 على المدى الطويل، وتبقى هنالك حاجةٌ لمزيدٍ من البحوث فيما يَخُص حالات التوحد.

سابعاً: البروبيوتيك:

البروبيوتيك هي عبارةٌ عن بكتيريا صحية، تُحسن من الفلورا المعوية، حيث يمتلك أطفال التوحد فلورا غير طبيعيةٍ في الأمعاء، فعند إعطائهم البروبيوتيك بشكلٍ منتظمٍ يمكن أن يحسن من وظائف الأمعاء، ويُقترح بين 1.5 حتى 4 بليون مستعمرة بكتيرية حسب عمر الطفل.

وعلى الرغم من أنه ليس هناك حتى الآن أي أدلة كافية حول أن أياً من هذه التدخلات الطبية يُعالج هذه الحالة فإن هنالك العديد من التقارير القصصية حول التَحسُنات التي تُعطي أملاً للآباء.

كما أن هنالك تَصُّوراً عاماً يفيد أن تغيير النظام الغذائي أكثر أماناً من استخدام الأدوية، إلا أن هذه التدخلات الغذائية لا تخلو من المخاطر، حيث أن منع الأطعمة التي تحتوي على الغلوتين والكازئين في النظام الغذائي غير صحيٍ وغير متوازنٍ، و يمكن أن يؤدي إلى نقصٍ في التغذية أو ضعف نمو، كما لا يُعرف إلا القليل عن آثار الجرعات العالية من الفيتامينات والمعادن و مكملات زيت السمك على أطفال التوحد.

ولذلك فمن المهم استشارة طبيب الأطفال واختصاصي التغذية قبل البدء في أي تدخل غذائي، لمناقشة الآثار المترتبة على اتباع مثل هذه الأنظمة الغذائية والصعوبات التي يُحتمل أن يواجهها الطفل والآباء، فمن المرجح أن يوصى في البداية بأن أي تدخلٍ سوف يُجرى على أساسٍ تجريبي، كما يجب أن يُحافظ النظام الغذائي قدر الإمكان على حاجة الطفل وكفايته.

المصادر:

1- Brian Udell، MD، director، Child Development Center of America، Weston، Fla. CDC web site. Buie، T. Pediatrics، January 2010; vol 125: pp S1-S18، S19-S29. هنا

2- هنا