التوعية الجنسية > الحياة والحقوق الجنسية والجندرية

اغتصاب الزوجة - Marital rape

استمع على ساوندكلاود 🎧

عندما يأتي الاغتصابُ من الشخص الذي ائتمنتِه على حياتكِ وشاركتِه أدقَّ التفاصيل وعشتِ معه أجمل اللحظات وأبشعها فذلك ليس اعتداءً جسديًّا وحسب، بل هو خيانة فعلية لقدسية هذا الزواج ولنفسك ولثقتك.

إنّ الاغتصاب حادثة جنسية غيرُ قانونية يتعرّض خلالها الفرد (وفي هذه الحالة الزوجة) للانتهاك ويُجبَر على تأدية أفعال جنسية قسريًّا بدافع الخوف أو الإكراه، وقد تُستعمَل القوة على المُغتصَب أو لا تُستعمَل.

ولا يتضمن الاغتصاب ممارسة الجنس عن طريق المهبل فحسب، فقد يكون شرجيًّا أو مهبليًّا أو فمويًّا أيضًا، ويستعمل في أثناء ممارسة الجنس القسري الأعضاءِ الجنسية أو أعضاء أخرى من الجسم أو أشياء خارجية. كذلك قد يكون الخوف مبنيًّا على اعتداءات سابقة؛ مما يجبر الضحية على الاستسلام وعدم المقاومة.

وقد يعتقد بعض الأشخاص أنّ اغتصاب الزوج لزوجته أقلُّ إيذاءً من الاغتصاب في حال عدم معرفة الضحية بالمُغتصِب، ولكنّ الحقيقة أن الاغتصاب من قبل شخص غريب هو حادث يحدث مرةً واحدةً فقط وغالبًا من شخص مجهول لا تعرفه الضحية ولا تتشارك معه ذكريات أو ماضٍ.

أما في الاغتصاب الزوجي، فلا يكون العنف الجسدي والنفسي مشكلتها الوحيدة، بل تتعدّاه إلى خيانة قدسية الزواج وخيانة الثقة والمودة من قبل الشخص الذي يشارك الضحية حياتها ومنزلها وأولادها.

إنّ هذا الاغتصاب سيدمّر الأسس التي بُنيَ عليها زواجهما وسيطرح تساؤلاتٍ عديدة لديها؛ ليس عن هذا الشريك أو الزواج فحسب، بل عن الضحية نفسها لأنها ستشعر بالإذلال والضعف وبأنها قد طُعِنت في الظهر.

وتواجهنا هنا مشكلة أخرى، فالزوجةُ التي تتعرض للاغتصاب من شريكها سيتكرر اغتصابها غالبًا؛ مما يجعلها تلوم نفسَها بطريقة أو بأخرى، وربما ستشكك في حقها في التصرف حيال هذا الموضوع.

وللتعمُّق أكثر في هذا الموضوع، يُصنّف الاغتصاب إلى ثلاثة أنواع:

- الاغتصاب العنيف (violent rape): يحدث عندما يستخدم المُغتصِب العنفَ الجسدي كي يسبب الأذية للضحية. ويكون العنف الجنسي المطبَّق جزءاً من العنف الممارَس على الضحية؛ فقد يضربها أو يؤذيها بأدوات حادة كالسكين، ومن ثم يجبر الزوجة غالبًا على أداء أفعال جنسية بعد تعنيفها جسديًّا.

- الاغتصاب بالقوة (force only rape) : يستخدم فيه الزوج قوته العضلية لتثبيت الزوجة ومنعها من الحراك أو محاولة الدفاع عن نفسها أو الهرب، ويكون هذا النوع من الاغتصاب شائعًا عندما يوجد فرق كبير بالحجم والقوة الجسدية بين المعتدي والمُعتدَى عليها.

- الاغتصاب السادي (sadistic rape): يشير هذا النوع من الاغتصاب إلى أنّ الضحية مجبَرةٌ على الخضوع لمطالب مهينة من قبل المعتدي عليها، إضافةً إلى فعل الاغتصاب بحد ذاته.

وعلى سبيل المثال؛ قد يقوم المعتدي بالتبول على الضحية، وقد يبني لنفسه تخيُّلات جنسية لتعذيبها أو قد يستخدم أداةً ما في عملية الاغتصاب. كذلك يَعدّ بعض الناس الترجّيَ من أجل الممارسة الجنسية  نوعًا من أنواع الاغتصاب السادي لكونه مهينًا للضحية.

وقد تجد معظمُ النساء اللواتي يعانين الاغتصابَ الزوجي صعوبةً في تحديد نمط العلاقة ضمن هذا الإطار، وذلك بسبب الفكرة التقليدية التي تقترح استحالة اغتصاب الزوج لزوجته وأنَّه -بطريقةٍ ما- عند عقد القِران ووضع النذور نكون قد تنازلنا عن أية ملكية لجسدنا أو طبيعة حياتنا الجنسية؛ أي نحرم أنفسنا من حق قرارنا في القبول أو الرفض. ويُعدّ شيوع هذه الفكرة عند الأزواج -وعند الزوجات أيضًا- المشكلةَ الأساسية التي نواجهها.

ماذا يمنع المرأة من الدفاع عن نفسها أو الهرب أو الصراخ من أجل المساعدة؟

هناك عديدٌ من الأسباب التي قد تدفع الضحية إلى عدم المقاومة أو الصراخ لطلب العون، فقد تخاف بعض الضحايا من إيقاظ أطفالهن؛ مما قد يسبب رضًّا نفسيًّا كبيرًا للأطفال إذا رأوا مشهدًا كهذا، أو قد تشلّ الصدمة بعضَهن الآخر ويلتبسهنَّ الارتباك، في حين قد تخشى أُخريات إلحاقَ الأذى بالمعتدي.

إذًا؛ ماذا يدفع المرأة إلى الاستمرار بالحياة مع رجلٍ اغتصبها؟

إنّ الإجابة عن هذا السؤال تحمل قدرًا كبيرًا من التعقيد؛ إذ يعدُّه بعضُ الأشخاص "واجبَها" بوصفها الزوجة بغضّ النظر عن كونه ممارسة جنسية عنيفة خالية من المتعة ورغمًا عن إرادتها، وقد لا تمتلك النساء موردًا ماليًّا يُعيلهم في حال ترك الزوج.

أما في حال تواجد الأطفال، فستصبح التعقيدات أكبر من حيث ترك الأطفال مع الزوج أو انتقالهم للعيش معها، كذلك قد يمنعها خوفُها من أذية الزوج لها أو لأطفالها من تركه في كثيرٍ من الأحيان.

وقد يكون حبّها لشريكها هو ما يمنعها من تركه؛ مما يزيد عذابها وألمها، فلن يكون قرار ترك شخص تحبه سهلًا أبدًا حتى إن كانت العلاقة غيرَ سليمة ومليئةً بالإساءات.

كيف نستطيع التأكد من ادّعاء المرأة باغتصابها؟

هناك عديدٌ من العلامات والأعراض التي توجهنا، ونذكر منها:

• وجود دم أو نطاف في مكان الحادثة.

• الكدمات والجروح.

• رضوض بطنية.

• خلوع مفصلية.

• ألم ظهر ميكانيكي.

• انفصال مشيمة باكر (عند الحوامل).

• آفات رضّية تناسلية.

التشخيص:

●    الفحوص المخبرية التي تتضمّن:

إجراء اختبار حمل دموي أو بولي للنساء اللواتي في عمر الإنجاب.

إجراء تحاليل أساسية لكشف وجود الأمراض المنتقلة بالجنس (STDs)، وتتضمن:

1. اختبارات مصلية للكشف عن السفلس، والتهاب الكبد B، وفيروس عوز المناعة المكتسب HIV.

2. تحضير مستنبتات مأخوذة من الأماكن الآتية: الفم والحنجرة والمستقيم والمهبل، وذلك للبحث عن الأمراض المنتقلة بالجنس.

3. أخذ مسحة مهبلية وزراعتها لتقييم الإصابة بالمشعرة المهبلية والتهاب المهبل البكتيري والمبيضات.

●    التنظير المهبلي: لكشف الإصابات الرضّية المهبلية وتوثيقها فوتوغرافيًّا.

التدابير:

يجب البدء بتطبيق الصادات (سفترياكون، وميترونيدازول، وأزيترومايسين) في قسم الإسعاف فورًا، كذلك يجب تقييم وجود حمل من عدمه وإعطاء لقاح التهاب كبد B في حال كانت الضحية غير مُمنَّعة مسبقًا، ويجب أيضًا تقديم المشورة من مختَص نفسي لتجنُّب الرض النفسي على الضحية.

وفي النهاية؛ ينبغي التنبيه لكوننا لا نسعى إلى تدمير زواج ما بهذا المقال، ولكن؛ نهدف إلى توعية شريحة أكبر من النساء اللواتي يجهلنَ حقهن في الرفض أو القبول.

لا أحد يستحق التعرض للإساءة على هذا النحو الهمجي، ولا أحد يستطيع العيش في حالة خوف دائم من الاغتصاب أو التعنيف؛ إذ يملك كلّ شخص حقَّ الحياة في بيت آمن.

المصادر:

هنا

هنا

هنا

هنا

هنا

هنا

هنا

هنا