الاقتصاد والعلوم الإدارية > اقتصاد

الأثار الاقتصادية للاتفاق التركي الأوروبي بشأن اللاجئين

استمع على ساوندكلاود 🎧

توصّل قادة الاتحاد الأوروبي في الأسبوع الماضي مع تركيا إلى اتفاقٍ بشأن اللاجئين دخل حيز التنفيذ الأحد اعتباراً من 20 الشهر الجاري.

خلال العام الفائت، كان قد وصل أكثر من مليون لاجئ إلى أوروبا، منهم أكثر من 140 ألفاً خلال شهر كانون الثاني (يناير) من هذا العام فقط. الغاية الأساسية من الاتفاق هو وقف تدفق اللاجئين بالإضافة إلى دعم الاقتصاد التركي في تحمل نفقات اللاجئين المقيمين على أراضيه.

أهم بنود الاتفاق:

تتلخص البنود الأساسية من الاتفاق في إعادة كافة اللاجئين الواصلين إلى اليونان من تركيا، بالمقابل يقوم الاتحاد بدفع مبلغ 6.6 مليار يورو كمساعدات لتركيا، وتسهيل إجراءات الحصول على تأشيرات دخول الأتراك إلى أوروبا، بالإضافة لتسريع محادثات انضمام تركيا إلى الاتحاد الاوروبي.

كما تضمن الاتفاق بنداً يقضي باستقبال لاجئ سوري واحد تقدم للجوء عبر المسالك القانونية إلى أوروبا مقابل كل لاجئ تتم إعادته إلى تركيا.

الأثار الاقتصادية للاتفاق – تركيا:

سعت الحكومة التركية جاهدةً للوصول إلى الاتفاق لتخفيف الأعباء الكبيرة التي تضغط على اقتصادها، حيث أعلنت الحكومة التركية عن انفاق مايقارب 6 مليارات دولار على 2 مليون لاجئ على أراضيها منهم 1.7 مليون سوري و 300 ألف عراقي. ويشير محللون إلى أنَّ الرقم الحالي قد وصل إلى 7.5 مليار لغاية تشرين الأول أكتوبر الفائت و10 مليارات دولار في الوقت الحالي مع وجود ما يقارب 2.6 مليون لاجئ على الأراضي التركية.

هذا العدد الضخم من اللاجئين الموجودين في تركيا والذي يعتبر الأكبر في العالم ترافق مع آثار ايجابية عززت الاقتصاد التركي من خلال الانفاق الاستهلاكي. ووفقاُ للمحللين وبعض المسؤولين الحكوميين ظهرت هذه الآثار جزئياً من خلال نمو ملحوظ في الربع الثالث من العام الفائت بالإضافة لتوقعات اقتصادية ايجابية لهذا العام. حيث أنَّ المهاجرين قد قاموا خلال السنوات الخمسة الماضية بشراء كمية ضخمة من السلع الاستهلاكية مثل البرادات ومعدات الطهي، والسلع الغذائية مثل الخبز والزيت وغيرها بالإضافة إلى مواد البناء.

على صعيد العمل، وعلى الرغم أن نسبة كبيرة من اللاجئين لا يملكون تصريحات للعمل، فإن عدداً كبيراً منهم يوفر عمالة بأجور منخفضة تنعكس ايجاباً على كلفة الانتاج. وأخيراً، فإن معظم هذه الأجور سوف تعاد إلى الاقتصاد مرة أخرى من خلال الانفاق الاستهلاكي.

في المجمل، إذا ما أخذنا هذه الآثار الايجابية مجتمعة مع مبلغ المساعدات الذي سوف تتلقاه تركيا والبالغ 6.6 مليار يورو، سنجد أنّ ذلك ينعكس إيجاباً على مخرجات الاقتصاد التركي. ولهذا السبب قبلت تركيا بعودة اللاجئين من اليونان وكانت حريصة جداً على إتمام هذه الصفقة.

لكن في المقابل فإن العدد الكبير للاجئين قد ترافق مع آثار سلبية أهمها التضخم والمتمثل في ارتفاع أسعار المواد الغذائية والايجارات بشكل خاص في المناطق التي يقطنها اللاجئين. حيث تشير الدراسات إلى ارتفاعٍ في أسعار المواد الاستهلاكية بنسبة 9.58 بالمائة في تركيا بشكل عام و10.67 بالمائة في المناطق الحدودية بشكل خاص، ومن أهم أسباب ذلك هو أنّ جزءً كبيراً من اللاجئين لايزال مستهلكاً فقط حتى وقت قريب. من الآثار السلبية أيضاً ارتفاع نسب البطالة بسبب العمالة في السوق السوداء من ناحية والتي قدرت بحوالي 300 الف شخص يعمل بشكل غير رسمي، وانخفاض أجور اللاجئين من ناحية أخرى والتي دفعت بنسبة من العمالة التركية إلى الخروج من سوق العمل.

الآثار الاقتصادية للاتفاق – أوروبا:

في دراسة حديثة صدرت عن صندوق النقد الدولي في بداية عام 2016، أكد الباحثون أن تدفق اللاجئين مؤخراً أدى إلى أثر إيجابي طفيف في الناتج المحلي الإجمالي على المدى القصير عن طريق الانفاق الحكومي، وبالأخص في البلدان التي استقبلت عدداً كبيراً منهم وهي ألمانيا والسويد والنمسا. وأشارت الدراسة إلى أن هذا الأثر يمكن أن يكون أكبر على المدى الطويل في حال تم اندماج اللاجئين بشكل جيد في سوق العمل. وقدرت الدراسة أن الناتج المحلي الإجمالي لأوروبا مجتمعة قد يرتفع بنسبة 0.09% و 0.13% بالمجمل في عامي 2016 و2017. ولكن ذلك يتوقف على سرعة اندماج اللاجئين بشكل خاص في تعلّم اللغة واكتساب المهارات المطلوبة لسوق العمل، وتخفيف القيود عليهم من قبل الحكومات للانتقال إلى المناطق الأكثر طلباً للعمالة.

كما تطرقت الدراسة إلى أن الموجة الأخيرة من طالبي اللجوء هم الأفضل تعليماً ممن وصلوا في الماضي، حيث أن 21% من السوريين الواصلين إلى ألمانيا على سبيل المثال يحملون الشهادات الجامعية أو من المعاهد المتوسطة، وهو قريب من المتوسط الألماني والذي يبلغ 23%. وحول المهارات المطلوبة لسوق العمل أشار أحد الخبراء أن معظم اللاجئين لديهم قدر معين من المهارات، ويمكن تحسين قدراتهم من خلال التدريب ولكن ذلك قد يحتاج لبعض الوقت.

وأشارت الدراسة أيضاً إلى أهمية برنامج الاندماج السويدي المطبق، والذي يشمل ثلاثة محاور هي: تعلم اللغة وأساسيات سوق العمل والمعرفة الأساسية للمجتمع السويدي قد ساعد اللاجئين على الدخول بقوة في سوق العمل وبمعدلات عالية، على الرغم من طول ذلك البرنامج.

المصادر

تقرير صندوق النقد الدولي

هنا

ورقة بحثية

هنا

مصادر اخرى

هنا

هنا

هنا