الطب > موسوعة الأمراض الشائعة

احتشاء الأمعاء (الإقفارُ المساريقيّ) Mesenteric Ischemia

نَصِفُ الإقفارَ المعويَّ بحالةٍ من عدمِ التوازنِ بين الواردِ والمُستهلَكِ من الأوكسجين على طول الطريقِ الهضميِّ، حيث تغذّي الشرايينُ المساريقيّةُ كلا الأمعاءِ الدقيقةِ والغليظةِ، فيظهرُ الإقفارُ (انقطاعُ التروية) المساريقيُّ عند تضيّقِ أحدِ أو بعضِ هذه الشرايينِ أو انسدادِها، فلا تكفي الترويةُ الدمويةُ حاجةَ الأمعاءِ، ويترافق الانسدادُ بألمٍ بطنيٍّ شديد.

ويصيب الإقفارُ عادةً كبارَ السنِّ ما فوق الستّين 60 عاماً وخاصةً المدخنين منهم، وتبلغ نسبةُ النساءِ إلى الرجالِ 3 إلى 1. وقد شُخِّصَتْ متلازمةُ الأربطةِ المقوَّسَةِ arcuate ligament syndrome لدى الأفرادِ الأصغر.

يُقسَم الإقفارُ المساريقيُّ إلى: الحادِّ acute والمُزمن chronic. يتّصف الإقفارُ المساريقيُّ المزمنُ باستمرار الحالةِ وأعراضِها لفترة طويلةٍ من الزمن، أما الحادُّ فيبدأ فجأةً وتتطور الأعراضُ بشدّةٍ خلال مدةٍ قصيرة.

أحياناً، قد يحدث الإقفارُ الحادُّ بشكل مفاجئٍ على أرضيةِ إقفارٍ مزمنٍ، وقد يتفاقم سريعاً؛ تبلغ نسبةُ النوعِ المزمنِ بين المرضى 60-95%.

الأعراض Symptoms:

تتظاهر أعراضُ الإقفارِ المَساريقِيِّ المزمنِ بألمٍ بطنيٍّ شديدٍ يمتدّ من 15 إلى 60 دقيقةً بعد الوجبةِ (ألم بعد الطعام). ويمكن للألم أن يظهرَ بأيِّ مكانٍ من البطن، ولكنه يظهر غالباً في أعلى البطنِ أو منتصفِه، كما يختفي الألمُ البطنيُّ فجأةً بعد استمرارِه حوالي 60 إلى 90 دقيقة.

لسوء الحظِّ تعاود الأعراضُ الظهورَ بعد كلِّ وجبةٍ، فيعاني المرضى عندها من خسارةٍ واضحةٍ في الوزنِ يعود سببُها إلى امتناعِهم عن الطعامِ تجنّباً للألم الشديدِ (ما يُدعى خوف الطعام food fear).

تضمّ الأعراضُ إضافةً إلى الألم البطنيِّ ونقصِ الوزنِ، كلّاً من:

- الإسهال Diarrhea

- الغثيان Nausea

- الإقياء Vomiting

- النفخة Flatulence

- الإمساك Constipation.

بالمقابل فإنّ الإقفارَ الحادَّ مفاجئٌ وشديدُ الألم. قد لا تخفّف مسكّناتُ الألمِ من الآلام المترافقةِ مع الإقفار. ومن الممكن أن يرافقَ الإقياءُ والغثيانُ الإقفارَ الحاد.

الأسباب:

يؤدي التصلّبُ العصيديُّ مع خَثْرةٍ سادّةٍ في الشرايين المساريقيّةِ إلى أعراضٍ إقفاريّةٍ حادة. تتضمن الأسبابُ الأخرى كلاً مما يلي:

- هبوطُ ضغطِ الدم

- فشلُ قلبٍ احتقانيّ

- تسلّخُ الأبهر

- انسدادُ أوردةِ الأمعاء

- اضطراباتٌ وعائيةٌ محيطية

- اضطراباتُ الأوعيةِ الإكليلية

- اضطراباتٌ بعمليةِ التخثّر

- اضطراباتُ الأوعيةِ الدمويةِ (كخللِ التَّنسُّجِ العضليِّ الليفي والالتهابِ الشرياني)

- التدخينُ.

التشخيص Diagnosis:

- الأمواج فوق الصوتية

- تصوير CT

- صورة وعائيّة Angiogram

هناك علامةٌ مميزةٌ للإقفارِ المزمنِ عند تصويرِ الأوعيةِ، تتظاهر بالتواءِ الشريانِ المشتركِ بين الشريانين المساريقيِّ العُلويِّ والسفليِّ المتوضعِ بقربِ الثنيةِ القولونيةِ الطّحالية، ويحدث هذا الالتواءُ عند توسّعِ الأمعاء.

ولا توجد فحوصاتٌ مخبريةٌ مشخِّصة.

العلاج:

- جراحياً، يُجرى الرأْبُ الوعائيُّ angioplastyللأوعيةِ المتأذّيةِ كالشريان الأبهري والشريانِ المساريقيِّ العلوي superior mesenteric artery (SMA) (والرأب الوعائي هو وصلاتٌ جديدةٌ للأوعية تتجاوز المنطقةَ المصابة).

وقد يُلجَأ أيضاً لإجراء عمليةٍ على الأمعاءِ تحت التخديرِ العام، عبر شقٍّ ناصِفٍ في البطنِ، يقوم من خلالِه الجرّاحُ بقصِّ الجزءِ المصابِ من الأمعاءِ وإعادةِ وصلِ الأجزاءِ السليمةِ ببعضها.

إنّ العلاجَ الإسعافيَّ الفوريَّ ضروريٌ في حالِ الإصابةِ بالإقفارِ الحادِّ لتلافي الضررِ الذي قد يَلحق بالأمعاء نتيجةَ نقصِ الترويةِ الدموية. وقد يلجأ الأطباءُ لإزالة الخثرةِ السادّةِ أو إلى وصفِ بعض العلاجاتِ الدوائيةِ كحالّاتِ الخثرةِ أو إزالةِ الخثرةِ جراحياً.

وفي بعض الحالاتِ قد يفيد وضعُ شبكةٍ (Stent) في الشريان المصابِ عن طريق الشريانِ الفخْذِيِّ، لضمان تدفّقِ الدمِ إلى الأمعاء بشكل جيد. معظمُ المرضى يستطيعون العودةَ إلى المنزل في غضون ٢٤ ساعةً من وضعِ الشبكة.

يُنصَح بالمتابعة بالصور الشعاعيةِ لمدة ٦-١٢ شهراً.

مضاعفاتُ العملِ الجراحي:

قد يحدث بعد العملِ الجراحيِّ مضاعفاتٌ بنسبة قليلةٍ ولكن لا بدّ من ذكرِها، فالنزفُ والإنتاناتُ وتشكّلُ الورمِ الدمويِّ كلُّها أمورٌ واردةُ الحدوثِ في أيِّ عملٍ جراحي، وإضافةً لما سبق فانثقابُ الأمعاءِ وإقفارُ الأمعاءِ وأمّهاتُ الدمِ الكاذبةُ aneurysm (هي عبارةٌ عن توسعٍ كيسيِّ الشكلِ في الوعاء الدمويِّ يكون عرضةً للنزف) ونقصُ التغذيةِ والإستشفاءُ المطوَّلُ والتهابُ العضلةِ القلبيةِ وفشلُ أعضاءٍ متعدّدةٍ، كلُّها من المضاعفاتِ المحتملة. وفي حال كان الجزءُ المستأصَلُ من الأمعاءِ كبيراً يحدث ما يُسمّى بمتلازمة الأمعاءِ القصيرة. وهناك خطرٌ قليلٌ جداً للوفاة.

عند المتابعةِ بالصور الشعاعيةِ خلال 5-10 سنواتٍ بعد الجراحةِ وُجِد بأنّ 86-96% من الحالاتِ كانت قد شُفيت.

المصادر:

هنا

هنا