الطب > مقالات طبية

شلل بل

استمع على ساوندكلاود 🎧

قد يُخبرُك زميلُك أنّ أَخَاه خَلَدَ للنومِ البارحةَ دونَ أنْ يشكوَ من أي عَرَضٍ مرضيٍ، ليصحوَ في الصباحِ ويلاحظَ أنّ نصفَ وجهِهِ الأيمن يبدو بحالةٍ غيرِ طبيعيةٍ. فيسأَلُك هل قرأتَ عن أسبابٍ محتملةٍ لما حصل معي في أحد مقالاتِ الباحثين السوريين؟.. حسناً، إليك هذا المقالُ الذي يهدف إلى إعطاء نظرةٍ عامّةٍ عن أهمِ الأسبابِ المحتملةِ في مثلِ هذهِ الحالةِ :

يغذّي العصبُ الوجهيُ (وهو العصبُ القحْفِيُّ السابع) عضلاتِ وجهِنا في كلِ ناحيةٍ على حدة. كما يحوي هذا العصبُ بعضَ الأليافِ التي تغذي حاسة التذوّقِ وأليافاً أخرى تتحكّم بغددنا المفرزةِ للدموعِ واللّعابِ.

يتأثرُ عملُ هذا العصبِ في ظروفٍ عديدة كالأورامِ والجلطاتِ الدماغيةِ، إلى جانب بعضِ الأمراضِ المعديةِ والجهازيّة والاستقلابيّة. ولكنَّ أشهرَ الأسبابِ يُدعى (شلل بِلْ’). فما هو بالضبط؟

سُمّي شلل بِل "Bell’s Palsy" نسبةً إلى الجرّاح الاسكتلندي شارلز بِل الذي وَصَفَهُ في القرن التاسِعِ عَشَر. ويتميّزُ بأنَّهُ يَظْهر بشكلٍ مفاجئ (خلال ساعاتٍ قليلةٍ ثمانٍ وأربعين ساعة)، و بأنه حالة مؤقّتة غالباً، قد يستمر لأسابيع قليلة ويختفي بعدها. ويُصيبُ غالباً إحدى ناحيتي الوجهِ دون الأخرى.

الأعراض:

1. ضعفٌ (أو شلل تام) في عضلاتِ الوجهِ بصورةٍ مُفاجِئةٍ. يُصيبُ إحدى ناحيتي الوجه اليسرى أو اليمنى؛ مما يؤدي إلى تشوهاتٍ تظهرُ أو تزيدُ عندما يحاولُ المريض الابتسام.

2. عدمُ القدرةِ على إغلاقِ العين في الناحية المصابة.

3. سيلانُ اللعابِ من الفم في حالات معينة، أو جفافِ الفم في حالات أخرى.

4. زيادةُ إفرازِ الدمعِ أو بالعكس، وَقَدْ تصابُ العينُ بالجفاف.

5. ألمٌ خلف الأذن.

6. مشاكِلُ في السمعِ كالطنينِ وعدمِ تحمّلِ الأصواتِ العالية.

فإذا لاحظتَ بعضَ الأعراضِ المذكورةِ فعليك طَلَبَ المساعدةِ الطبّيةِ في أقربِ وقتٍ لاستبعادِ الأسبابِ الخطيرةِ.

أسباب المرض:

إنّ سبَبَ شللِ بل غيرُ معروفٍ بدقّةٍ حتى يومِنا هذا. ولكنَّ العديدَ من العلماءِ يعتقدونَ بأنه ردُّ فعلٍ مَنَاعِي يَصْدُر عن جسمنا استجابةً لعدوىً فيروسيّة؛ على سبيلِ المثال: بعد نزلةِ زكامٍ أو إنفلونزا، أو بعد الإصابةِ بأنواعٍ من فيروسات الهربس أو الحلأ Herpes.

ولكنْ لوحِظَتْ بعضُ العواملِ التي تزيدُ من خطورةِ الإصابةِ بهِ نذكر منها:

العمر: حيثُ يصيبُ شلل بل كِلا الجنسَيْنِ في أيِّ عُمْر، ولكنَّهُ نادِرُ الحدُوثِ قبلَ عُمرِ الخامسةَ عَشْرةَ وبعد عمر الستين أيضاً.

الحمل: حيثُ تزدادُ فرصةُ الإصابةِ لدى النساءِ الحواملِ وخاصةً في الثلثِ الأخيرِ من الحملِ.

وأيضاً، لدى الأشخاصِ المصابينَ بعدوى المجاري التنفسيّةِ العليا والداءِ السكري فرصةٌ أعلى للإصابةِ بشلل بِل.

كيفَ يَتُمُ تشخيصُهُ؟

يعتمدُ تشخيصُهُ على استثناءِ الأسبابِ العضويّةِ الأخرى.

وقد يطلبُ الطبيبُ بعضَ الفحوصاتِ نذكرُ منها:

التحاليلُ الدمويةُ: كتعدادِ الخلايا والصيغة وقياسِ نسبةِ السكّرِ في الدم.

الفحوصاتُ الشعاعيةُ: كالتصوير الطبقي المحوري والرنين المغناطيسي، حيث يجريها الطبيبُ كي يستبعدَ أسباباً أخرى كالجَلْطاتِ والأورامِ.

فحوصاتٌ لفزيولوجيا الأعصاب: كتخطيطٍ كهربائيٍ لعضلاتِ الوجهِ.

العلاج:

بعضُ الحالاتِ بسيطةٌ ولا تحتاجُ لأي تدخّلٍ طبّي، حيثُ قد تبدأُ الأعراضُ بالاختفاءِ تلقائياً بصورةٍ تدريجيةٍ خِلالَ ما يقاربُ الأسبوعين.

إلا أنَّ بعضَ الحالاتِ الأخرى قدْ تتطلّب علاجاً دوائياً كالستيروئيدات القشْرية (مثل البردنيزولون Prednisolon)

ولحماية العين قد ينصحُ الطبيبُ باستعمال قطراتٍ أو مراهمَ عينيّة.

كما قد ينصحُ الطبيبُ أيضاً بالعلاج الفيزيائي للحفاظ على العضلاتِ المصابةِ.

ويبقى الخيار الجراحي للحالات التي تتطلب عمليّاتٍ تجميليّةٍ.

ولكنْ، هل يتمكنُ المريضُ من استعادةِ عافيتهِ ونشاطهِ وحياتهِ بشكلٍ طبيعي؟

نعم، ففي أغلبِ الحالاتِ سيبدأُ المريضُ بالتحسّنِ خلال أسبوعين، و يرجعُ لسابقِ عَهدِهِ خلال مدّةٍ تتراوح بين ثلاثة أشهر وستة.

ولكن، في حالات نادرة قد لا تتحسّن الأعراضُ مطلقاً، وقد تميلُ للنَكسِ والعودة بعد هجوعِها واختفائِها لفترة.

المصادر:

هنا

هنا

هنا