التوعية الجنسية > الحياة والحقوق الجنسية والجندرية

الجنس الثالث.. ذكر أو أنثى أو هوية ثالثة

استمع على ساوندكلاود 🎧

إذا بدا الطفل مُشوشاً بشأن جنسِه (Gender)، فمن الطبيعي أن يشعرَ الوالدان بالقلق والحيرة، ولكن من المهم جدّاً أن تدعمَ طفلَك ولا تسارع بالاستنتاجات.

عَرَّفنا في مقالٍ سابقٍ الهويةَ الجنسيةَ بأنّها الجنسُ (Gender) الذي يُعرِّف به الشخصُ نفسه أو الذي يشعر به.

ينطبق الجنسُ البيولوجيُ (Sex) مع نوعِ الجنسِ الذي يُعرِّفُ به الفردُ نفسَه (Gender) عند معظم الناسِ لكن لا ينطبقُ هذا على الجميع، فعلى سبيلِ المثال؛ قد يملكُ البعضُ تركيباً بِنيويّاً لرجل لكنّهم يعتبرون أنفسَهم امرأة.

يُمكن أن يؤديَ عدمُ التطابق هذا إلى مشاعرَ مؤلمةٍ وغيرِ مريحة تسمى باضطرابِ الهويةِ الجنسية (GenderDysphoria/ GenderIdentityDisorder) أو عدم توافق الهوية الجنسية (GenderIncongruence).

يعتبرُ اضطرابُ الهوية الجنسية حالةً طبيةً معروفة ولكنه ليس مرضاً.

يحدّدُ اضطرابُ الهوية الجنسية من خلالِ مشاعرَ قويةٍ وملحةٍ تُعرِّف الشخصُ على أنه من الجنسِ الآخر بالإضافة إلى شعورٍ بالانزعاج مما يؤدي إلى الاكتئاب أو تدهور خطير في الحالة النفسية.

عادةً ما يرغبُ المصابون باضطراب الهوية الجنسية بالعيشِ وارتداء ملابسَ واستعمالِ طرقٍ وسلوكياتٍ مميزة لأفراد الجنس الآخر أو اللجوءِ للعلاج عن طريق الهرمونات أو الجراحة. على سبيل المثال؛ قد يُعرَف شخصٌ ما على أنه ذكرٌ لكنه يتصرف كأنثى.

تتكون لدى المصابين باضطرابِ الهوية الجنسية رغبةٌ ملحةٌ وقويةٌ بالعيشِ وفقاً لهويتِهم الجنسية بدلاً من جنسِهم البيولوجي، يسمى هؤلاء الأشخاص في بعضِ الأحيان بالمتحولين جنسياً (Transsexuals or Trans)، حيث يلجؤون إلى العلاج لجعلِ مظهرِهم الخارجي أكثرَ توافقاً مع هوياتهم الجنسية. يختلف اضطرابُ الهويةِ الجنسية عن التشبه بالجنس الآخر (Transvestism) كما أنّ شهوةَ الملابس المغايرة (Cross- dressing) ليست متعلقةً بالميول الجنسي (Sexual Orientation)و بالتالي فإنّ كلَّ شخص يعاني من اضراب الهوية الجنسية قد يصنف كمثلي/مثلية أو مغاير/مغايرة أو ثنائي/ثنائي أو لاجنسي/لاجنسية.

• كيف يختلف اضطراب الهوية الجنسية عن الميول الجنسي؟

غالباً ما يخلط الناسُ بين اضطرابِ الهويةِ الجنسية والميولِ الجنسي لكنّ كونَ شخصٍ ما يعاني من اضطرابِ هويتِه الجنسية ليس لذلك أيُّ علاقة بكونه/ـا مثليٍ/مثلية أو ثنائي/ثنائية الجنس.

في حال توافقِ جنسِك البيولوجي مع هويتك الجنسية يعرف هذا بـ(Cisgender or Cis)أوعدم التوافق (Transgender or Trans) فهذا كلّه مرتبطٌ بهويةِ الفرد سواء كان ذكراً أم أنثى أو كلاهما أو لا أحد منهما. لكنْ عندما نقولُ أنّ شخصاً ما مُغايرُ الجنس أو مثليٌ أو ثنائيُ الجنس فنحن نقصدُ الانجذابَ العاطفي والجنسي. يمكن لمن يعاني من اضطرابِ الهوية أن يكونَ مُغايراً أو مثلياً أو ثنائيَ الجنس، كما يمكن لمن تتوافقُ هويتُه مع جنسِه البيولوجي ذلك أيضاً. و بالّتَّالي، فإن الميولَ الجنسي يُقصد به (مع مَن تريدُ أن تكون؟) أما الهوية الجنسية فيقصد بها (مَن أنت؟).

• ما الذي يُسبب اضطراب الهوية الجنسي؟

لايزالُ المسببُ الحقيقيُ لاضطرابِ الهويةِ الجنسيةِ غيرَ واضح، إلا أنّه كانَ يُعتقَدُ أنه حالةٌ نفسيةٌ ومع ذلك تقترحُ أبحاثٌ حديثةٌ احتمالَ أن تكونَ هذه الحالة نتيجةً لعواملَ جينيةٍ وهرمونيةٍ للنمو غيرِ الطبيعي للجنين في الرحم، مما يتسببُ في تطويرِ الدماغِ لهويةٍ جنسيةٍ مختلفةٍ عن الأعضاءِ التناسليةِ للجنين.

• علامات اضطراب الهوية الجنسية:

يُمكن أن تظهرَ علاماتُ اضطرابِ الهويةِ الجنسيةِ في سنّ مبكرةٍ جدّاً، على سبيل المثال؛ قد يرفضُ الطفلُ أن يرتديَ ملابسَ الصبيانِ أو الفتيات أو لا يروقُ له المشاركة في النشاطاتِ أو ألعاب الصبيان أو الفتيات، في مثل هذه الحالات يعتبرُ هذا النوعُ من السلوكِ جزءاً طبيعياً من النموِ يتجاوزه الطفلُ مع مرور الوقت، لكن أولئك الذين يعانونَ من اضطرابِ الهويةِ الجنسيةِ يرافقهم كل ما ذُكِر إلى وقتٍ متأخر من الطفولة حتى سن الرشد.

يشعرُ البالغونَ الذين يُعانون من اضطراب الهوية الجنسية بأنهم مُحاصرون داخلَ جسدٍ لا يتوافق مع هويتِهم الجنسية، ويُمكن أن يشعروا بعدمِ الرِّضا عن التوقعات الاجتماعيةِ حيث يتوجبُ عليهم العيشُ وفقاً لجنسِهم البيولوجي، بدلاً من الجنسِ (Gender) الذي يرتاحون فيه، لذلك قد يشعرون برغبةٍ قويةٍ بتغييرِ أو الاستغناء عن العلاماتِ الجسدية لجنسِهم البيولوجي كشعرِ الوجه أو الثديين. وليتمَ التشخيصُ بشكلٍ قاطعٍ يجبُ أن يحملَ الشخصُ مجموعةَ الأعراض التالية لمدة ستةِ أشهر:

1- تكرارُ الطفلِ المستمرُ لـ"أنا فتاة" رَغمَ أنه يحملُ ميزاتٍ جسديةً لصبي و تكرار الفتاة لـ "أنا صبي" رغمَ أنها تحملُ سماتٍ جسديةً لفتاة.

2- يفضلون بشدةٍ اختيارَ أصدقاءٍ من نفسِ الجنس الذي يعرفون به أنفسَهم.

3- اعتقادُ الصبي مثلاً أنه سيكبرُ ويصبحُ امرأةً رغمَ أنه يحمل سماتٍ جسديةً لذكر.

4- قلقٌ شديدٌ بشأن التغييرات التي يمر بها الجسمُ خلالَ مرحلةِ البلوغ.

5- شعورٌ بالاشمئزازِ بشأن الأعضاء التناسلية، حيث أنهم يتجنبونَ الاستحمامَ وتغييرَ ملابسهم أو حتى ممارسةِ الجنس حتى يتفادوا رؤيتَها أو لمسَها.

6- يميلُ الأطفالُ أو البالغون إلى ارتداءِ ملابسِ أو تقديم أنفسِهم من خلال الجنس الذي يشعرون أنه يعرِّفهم.

إنّ معدلاتِ إصابةِ الأشخاصِ الذين يعانون من اضطرابِ الهوية الجنسية باضطراباتٍ نفسيةٍ عاليةٌ جدًّا، يقدرُ البعضُ أن لدى 71% منهم تشخيصٌ لصحتهم النفسية على مدى حياتهم، وهذا يتضمنُ اضطراباتِ المزاج والقلق والفصام والاكتئاب وتعاطي المخدرات واضطرابات الاكل ومحاولات الانتحار. لذلك يجب التنويه الى أهميةِ التشخيص والعلاج.

• العلاج:

ليس الهدفُ هو تغيير شعورِ الشخص حول جنسه Gender)) بل التعامل مع الاكتئابِ الناتجِ عن تلك المشاعرِ كما أن التحدثَّ مع أخصائي علم النفس هو جزءٌ من علاج اضطراب الهوية الجنسية.

إنّ علاجَ (تحدث) أو (Talk) هو طريقةٌ موجهةٌ للمشاكل النفسيةِ التي يسببها هذا الاضطراب.

يهدف العلاجُ إلى المساعدةِ على تخفيضِ المشاعرِ القلقة الناتجة عن عدم التطابق بين الجنسِ البيولوجي والهوية الجنسية، وقد يعني هذا العيشَ وفقاً للهوية الجنسية أو عن طريق الهرمونات أو اللجوء الى الجراحة لتغييرِ شكلهم الخارجي.

يخضعُ غالبيةُ المتحولين جنسياً للعلاج لتغييرِ شكلهم بشكل دائم، بحيث يكونوا على توافقٍ أكبر مع هوياتهم الجنسية وأغلبهم راضٍ عن النتيجة النهائية.

المصادر:

هنا

هنا

هنا

هنا

هنا