البيولوجيا والتطوّر > علم المورثات والوراثة

التطور "يُسكت" الطفرات السلبية

استمع على ساوندكلاود 🎧

يحدث أحياناً ما يسمى بطفرات مرادفة في الحمض النووي DNA، وهي طفرات تُغيِّر في ترتيب الحمض النووي ولكنَّها لا تؤدي إلى أي تغير في تسلسل البروتين. هذه الطفرات قد تسبب آثاراً سلبية كبيرة على قدرة الكائن الحي على البقاء. وقد أظهر بحثٌ جديدٌ في جامعة Uppsala في السويد أنَّ الكائن الحي يمكن أن يعوّض عن التأثيرات السلبية التي قد تصيبه جراء هذه الطفرات، وتم نشر نتائج هذا البحث في مجلة البيولوجيا الجزيئية والتطور.

لمدة طويلة، بقي الاعتقاد سائداً بأن الطفرات المرادفة synonymous mutations هي طفرات "صامتة"، أي أنها لا تسبب أي تأثيرات إيجابية أوسلبية على المنتج الجيني (أي البروتين)، ولا تؤثر على بقاء الكائن الحي، إلا أن دراسات حديثة جرت خلال السنوات الأخيرة الماضية، أظهرت أن هذه الطفرات تسبب مشاكلاً للكائن الحي على الرغم من أنها لاتغير في تسلسل البروتين.

الدراسة التي نتناولها هنا جرت على بكتيريا ال Salmonella enterica، ويقول Dan I. Andersson وهو أحد المشاركين في الدراسة: "سؤالٌ مهمٌ يطرحه علماء البيولوجيا التطورية والجينية، وهو لماذا لهذه الطفرات تأثير سلبي؟ تكشف دراستنا عن سبب ضررها، وكيف يستطيع البكتيريوم أن يعوّض جينياً بسرعة وكفاءة عالية عن الآثار السلبية لمثل هذه الطفرات عن طريق طفرات إضافية جديدة".

في هذه الدراسة، درس العلماء عن كثب أربع طفرات مرادفة ولكنها مهمة لبروتين ريبوزومي في أحد الجينات، فلاحظوا أن المشكلة الأساسية في هذه الطفرات أنها سببت انخفاضاً في إنتاج البروتين الريبوزومي الطافر، إذ أن الخلايا دخلت في حلقة مفرغة، حيث أن مستويات البروتين المنخفضة أدت إلى تشكل ريبوزومات تالفة، والتي بدورها سببت مشاكلاً إضافية في تركيب البروتين. وبالسماح لهذه البكتريا ذات المرونة المنخفضة بالنمو لعدة أجيال أخرى، كان من الممكن رؤية أن التطور قد قام بحل مشاكل الطفرات المرادفة من خلال تشكيل طفرات تعويضية قامت باستعادة مستوى البروتين الريبوزومي إلى وضعه الطبيعي. وبهذه الطريقة استطاع الباحثون فهم سبب قدرة الطفرات الصامتة على خفض المرونة، وكيف يمكن للبكتريا أن تعوض عن ذلك.

وتقول Anna Knöppel، وهي طالبة دكتوراة في قسم البيولوجيا الجزيئية الطبية وبيولوجيا الأحياء الدقيقة في جامعة Uppsala : "من المحتمل أن نجد آثاراً مشابهة لطفرات "صامتة" في جينات وكائنات أخرى، خاصة في الجينات التي ترمز البروتينات والتي تشارك في تدفق المعلومات المركزية للخلية".

المصادر:

هنا

البحث الأصلي: هنا