البيولوجيا والتطوّر > منوعات بيولوجية

الزراعة على المريخ... نتائجٌ أوليةٌ وآمالٌ مرجوَّة

استمع على ساوندكلاود 🎧

تمكَّنَ باحثون من زراعةِ وقِطافِ عشَرَةِ محاصيلٍ حقليةٍ، من بينها الطَّماطِمُ والبازلَّاء وحبوب الجاودار، في تربةٍ مشابهةٍ لتربةِ كوكبِ المريخ، وتهدف تلك التجربة لمعرفة مدى إمكانيةِ نجاح عمليةِ زراعةِ بعض المحاصيلِ في الفضاءِ الخارجي. وعلى الرغم من أنَّ منتوجَ تلكَ النباتات، المزروعةِ في التربةِ المشابهةِ لتربة المريخ، كان أقلَّ من منتوج نفس النباتات المزروعة في تربة الأرض الاعتيادية، إلَّا أنَّ الاختلاف لم يكُن كبيراً، ما يُعطي أملاً بإمكانية تغذيةِ طلائِعِ مستوطني الكوكبِ الأحمرِ أنفسهُمُ من خلال ما يزرعونَ من محاصيلٍ تحت ظروفٍ ملائمةٍ على الكوكب، وعلى ما يبدو فإنَّ حلمَ مستعمرةٍ مريخيةٍ مستقلةٍ بنفسها لم يعد بعيداً جداً!

وعلَّقَ كبيرُ الباحثين، ويغر واملينك Wieger Wamelink ، من جامعة واشنطن ومعهد الأبحاث في هولندا، على نتائج هذه التجربة بأنَّ "مقدارَ محصولِ نباتات التربة المُحاكيةِ لتربةِ المريخ كان أقلَّ من نظيراتِها في تربةِ الأرض، إلَّا أنَّ الاختلاف كان طفيفاً، ويعودُ أساساً إلى أنَّ نباتاتِ أحدِ أطباقِ الزرعِ أعطت محصولاً قليلاً، ومن المُدهش أن نرى أنَّ التربةَ المحاكيةَ لتربةِ المريخ لها قدرةٌ عاليةٌ على دعمِ نمو النباتات إذا جرى تحضيرُها وإروائُها بشكلٍ ملائمٍ".

وفي تجربةٍ أخرى، قامَ الباحثونَ بزراعةِ النباتات العشرِ (الطماطم و الجاودار والفِجْل والبازلاء والكُرّاث والسبانخ والجرجير والرشاد والكينوا والثوم) في تربةٍ تُحاكي تربةَ القمر، وقد أظهرت نتائِجُها أنَّ تلك المحاصيلِ بنصفِ نجاحِ محاصيلِ تربةِ المريخِ تقريباً.

أما عن كيفيَّةِ حصولِ الباحثين على تُرَبٍ مشابهةٍ كيميائياً لتُربِ الكواكب، فقد عَمِدَ الباحثون إلى جمعها من الأماكن الأكثرِ تطرفاً على سطح الأرض، حيث حصلوا على تربةٍ مشابهةٍ كيميائياً لتربةِ المريخ من بركانٍ في هاواي، أمَّا عن تربةٍ مشابهةٍ للقمر فقد حصلوا عليها من صحراءٍ في أريزونا، الولايات المتحدة. حيث وُضِعَت عيناتُ التربة في صَوانِ استنباتٍ ضحلةٍ ومُزِجَت مع العُشبِ المقطوعِ حديثاً لتسهيلِ عمليةِ الإرواء، بينما احتوت الصواني الشاهد (المُقارنة) على تربة الأرض فقط.

ولم تُحاكى في التجارب أي ظروف نموٍّ أخرى غير تربتَي المريخ والقمر، كالإشعاع الفضائي المؤذي ودرجات الحرارة القاسية — المرتفعة أو المنخفضة جداً، إذ تمَّت تنمية النباتات في بيوت زجاجية (دُفَيئات) وفي الضغط الجوي الأرضي الاعتيادي، وقد أوضَح "واملينك" ذلك بقوله: "لقد توقَّعنا أن تكون أوّلُ تنميةٍ للنباتاتِ على المريخِ أو القمر في حجرات تحت السطح لحمايتها من الظروف القاسية". إلّا أنَّهُ من غيرِ المعلومِ كيف ستكونُ عمليةُ التنميةِ عندما تَحصل فعلاً على سطح الكواكب الأخرى.

جديرٌ بالذِكرِ إنَّ صلاحيةَ تلكَ المحاصيلِ للأكلِ لم تُختَبَر بعدُ، ولم تُحدَّد سُمِّيتُها من عدمِها حتى الآن. إذ يقول "واملينك": "تحتوي التُرَبُ على معادنَ ثقيلةٍ كالرصاص والزرنيخ والزئبق والكثير من الحديد، ومن المحتملِ أن تجد تلك المعادنُ طريقها إلى ثمارِ تلك النباتاتِ مما يجعلها سامةً".

وعلى الرغم من بعضِ أوجُهِ القصورِ في هذه الدراسة، فإنَّهُ لمِنَ المذهِلِ معرفَةُ قدرةِ تربةِ المرِّيخِ على دعمِ نموِّ وإنتاجِ المحاصيلِ الغذائيةِ.

أليس من المذهلِ أن تكونَ قادراً في المستقبلِ على جنيِ محاصيلٍ طازجةٍ وأنت على بُعدِ ملياراتِ الكيلومترات من موطنِكَ الأرض؟!

المصادر:

هنا

هنا

هنا

البحث الأصلي:

هنا