الهندسة والآليات > التكنولوجيا الطبية

وَدَاعَاً لِجَلَساتِ غَسيلِ الكُلْى كُلْيَةٌ اصطِناعيةٌ

كَيفَ يَستَطيعُ المَريضُ الذي يَمْلِكُ قُصُوراً كُلْوِياً أنّ يَقومَ بِغسلِ كُلْيَتيهِ في حالِ كانَ بَعيداً جداً عن المشفى؟ أو لم يَستَطِعْ الوصولَ إلى الطبيبِ في الوَقتِ المُناسِبِ؟

ما هي البَدائِلُ عن غَسيلِ الكُلْى؟

دَعونا نُتابِعُ هذا المقالَ لِنَعرفَ إلى أينَ وَصَلَ الطبُ في هذا المجالِ:

أَحرَزَ العُلماءُ تَقدمَاً كَبِيرَاً في الجِهازِ الأَولِ من نَوْعِهِ الذي سَيقومُ بِمساعَدَةِ مَرضى الَفشَلِ الكُلْوِيّ بالاستِغْناءِ عن جَلَسات غَسيلِ الكُِلَى، حيثُ يَقومُ العُلَماءُ بِتَطويرِ كُلْيةٍ اصطناعيةٍ قَابِلَةٍ للزرعِ مُزَوّدَةٌ بفلاترَ ميكروية وخلايا كُلْيةٍ حَيّةٍ، تَستَمِدُ هذه الكُلْيَةُ طاقتَها من قلبِ المريضِ نفسِه.

يقولُ العلماءُ: "إننا نَقومُ بِصُنعِ جِهازٍ حَيِوي هَجين بإمكانِهِ القيامُ بإزالةِ فَضلاتِ الجسمِ وأملاحِه ومياهه مثل الكُلْية الطبيعية مما يُمَّكن المريضَ من التحرر من جلسات غسيل الكُلَى".

ويُكملُ العُلماءُ قائلين أن هَدَفَهم هو جَعْلَ هذا الجهازِ صغيراً بما فيه الكفاية بحجمِ عُلبة الصودا تقريباً، حتى يمكن زَرعُه داخِلَ جسمِ المريض ِ بسهولةٍ.

المكونُ الأساسيُ لهذا الجهازِ هو عبارةٌ عن شريحة مايكروية، يقولُ العلماءُ: "تُدعَى هذه التقنيةُ بالتقانةِ النانويةِ السيليكونية، وهي تُستخدِمُ نفسَ العملياتِ التي تم تَطويرُها في صناعةِ الإلكترونياتِ الميكرويةِ الموجودةِ في الحواسيبِ".

تَتَوافرُ هذه الشرائحُ بأسعارٍ معقولةٍ وتعملُ كفلاترَ ممتازةٍ. ويَقومُ العلماءُ بتصميمِ جميعِ مسامِ هذه الفلاتر الواحدة تلو الآخرى بناءً على العَمَلِ الذي يريدون من المسامِ القيامَ بها، ويتموضعُ على كل جهازٍ حوالي 15 شريحةً ميكروية فوق بعضهم البعض.

ويقول العلماء: "إن هذه الطبقاتِ تُشَّكلُ الهيكلَ الذي ستتوضعُ عليها خلايا الكلى الحيّة".

استعمل العلماءُ خلايا كلية حيّة سوف تنمو حولَ فلاترَالشرائحِ الميكروية، وذلك لِمحاكاة ِعمل الكلية الطبيعية. يقول العلماء: "يمكننا الاستفادة من 60 مليون سنة من الأبحاثِ الطويلةِ والتطورِ الحاصلِ على الطبيعة الأم واستخدام خلايا الكُلَى التي نَمَت بشكلٍ جيدٍ في المُختبر، لِجعلها تنمو في مُفَاعِل حيوي من الخلايا الحيّة مُشَّكِلةً غشاء من خلايا الكِلى الحيّة، وبذلك سيكون لدينا الغشاء الأول من نوعهِ في العالمِ الذي يَعملُ كما يعملُ بابا نويل، حيث أن هذا الغشاءَ سيعرفُ أي من المواد الكيميائية كان مشاغباً وأي منها كان صالحاً، بالتالي بإمكان هذه الخلايا معرفة ُالمواد الغذائية التي يحتاج الجسمُ إليها وكذلك الفضلات التي يَرغبُ الجسمُ بالتخلص منها."

يتموضع هذا الجهاز الحيوي الهجين بعيداً وبذلك لن يؤثر على استجابة الجسم المناعية ولذلك لا يوجد إمكانية بأن يرفضه جسمُ المريضِ مثلما يحصلُ في بعضِ عملياتِ زراعة ِالأعضاء الأخرى.

يَعْمَلُ الجهازُ بِشكلٍ طَبيعيٍّ مع تَدَفِقِ دمِ المريضِ. ويَقولُ العُلمَاءُ: "كانَ التَحديّ هو أن نَقومَ بِأخذِ الدَمِ من الأوعيةِ الدَمويةِ ودَفْعَه ِ خِلالَ الجِهازِ، ويَتَوجَبُ علينا تَحويلَ تَدَفُقِ الدمِ الموجودِ في الشرايين ونْقلهِ إلى الجهازِ الاصطناعي دونَ حُدوثِ أيّ تَخثرٍ أو ضَررٍ لكرياتِ الدمِ".

يقومُ الخبراءُ بِدراسةِ ديناميكيةِ حركةِ السوائلِ لِمعِرَفةِ إذا ما كانَ هنالك أيةَ مَناطِقَ في الجهازِ يمكنُ أن تُسَبب تخثرَ الدمِ.

ويَقولُ الخبراءُ أنه تم استخدامُ نماذجَ حاسوبية لِتحسين ِ شَكلِ القنواتِ بِحيثُ نَحصلُ على تَدفقٍ أكثر سلاسةً للدم. وبعدَ ذلكَ تمت طِباعةُ نموذجٍ للتصميمِ الجديدِ بِاستخدامِ طابعةٍ ثلاثيةٍ الأبعادِ للحُصولِ على أفضلِ تَدفٌّقٍ سلسٍ للدم.

يقولُ العلماءُ إن لديهم قائمةً طويلة ًمن مرضى غسيلِ الكِلى المُتَحمِسين للانضمام إلى التجاربِ المُستَقبَليةِ على الإنسانِ، حيثُ إنه من الممكنِ أن تَبدَأَ الدراساتُ التجريبيةُ للفلاترِ السيليكونية على المرضى في نهاية عام 2017.

ويُكمل العلماءُ: "مَرْضانا بِكل تأكيدٍ هم أَبطالُنا، حيثُ إنهم يعودون إلى هنا مراراً وتكراراً ويتحملون أَعْباءَ المرضِ وذلك لأنهم يريدون أن يَبقوا على قيدِ الحياةِ، وهم مستعدون لتعريضِ أنفُسِهم للخطرِ لِصالِحِ المرضى الآخرين".

تعاوَنَ العُلماءُ على هذه الأبحاثِ لِفترةٍ طويلةٍ حيثُ اجتذبَ المشروعُ في عام 2003 أولَ تمويلٍ من المعهدِ الوَطنيّ للصحةِ "NIH"، واختَارَتْ إدارةُ الغِذاءِ والدَواءِ في عام 2012 المُوافَقَةَ على هذا المشروعِ.

وقد أعلَنَت المؤسسةُ الوَطنيةُ للكِلى عام 2012 أن مؤسسةَ الرِعايَة ِالصحيةِ الاتحاديةِ دَفَعَتْ أكثرَ من 87 مليار دولار لِرعايةِ مَرضى الأمراضِ الكلويةِ من دون إضافَةِ تَكاليفَ وصفاتِ الأدويةِ الطِبيةِ.

يُعتبر زَرْعُ الكلى البشرية ِهو أفضلُ علِاجٍ للفشلِ الكلوي، ولكن من الصعبِ الحصول ُعلى الكِلى الطبيعيةِ من المُتَبرِعين. وحسب إحصائياتِ شبكةِ الولايات المتحدةِ الأمريكية لتأمينِ وزَرْعِ الأعضاءِ، فإنه على الرَغمِ من وُجودِ أكثر من 100،000 مريضٍ في الولايات المتحدة الأمريكية على قائمةِ الانتظارِ لِزَرْعِ كِلية طبيعية، إلا أن 17،108 فقط منهم تمكنوا من زَرعِ كِلية طبيعية في العام الفائت.

وتقولُ المؤسسةُ الوطنيةُ للكِلى أن أكثرَ من 460،000 أمريكي يعانون من أمراضٍ كلوية في مرحلة متأخرة منه، وأن 13 شخص يموتون يومياً وهم ينتظرون للحصولِ على كلية طبيعية.

تَستطيعُ هذه الكِلية الاصطناعية مُساعَدَةَ الآلاف من الأشخاصِ وتَوفير المبالغ الضخمة التي تَحتاجُها الحكومات والمشافي والمؤسسات من أجلِ عملياتِ غسل الكلى. لذلك نَأملُ في تطور هكذا نوع من المشاريع بما فيه من خير لمرضى الكِلى.

المصدر: هنا