كتاب > روايات ومقالات

مراجعة رواية (هكذا كانت الوحدة): كما لو أنك انتهيت من المجيء من عالمٍ لا تدري لماذا طُردت منه

تعرِضُ الرّوايةُ في مئةٍ وستٍ وثمانينَ صفحةً؛ قصّةَ (ٳيلينا) التي تعاني من صراعاتٍ داخليةٍ تحولُ دونَ مُمارستها لحياتها بشكلٍ طبيعي، وعن طريقتها الخاصّة في التّعاملِ مع ٲزماتِها وبُؤسها، كما حدثَ عندَ تلقّيها خبرَ وفاة والدِتها، والذي كان الحدثَ الجوهري في الرّواية. ٳضافةً إلى حياديّةِ شعورها تجاهَ عائلتها، وعجزها عن فهمِ ذاتها. وقد عملَ مياس بشكلٍ أساسي في عملهِ هذا على المشاعرِ السّلبية كالحزن مثلًا؛ والذي لم يتّخذ مسارهُ الطبيعي والمُتوقّع بالنسبةِ للقارئ.

تمتدُّ ٲحداثُ الروايةِ عبر جزئين؛ حيثُ وظّفَ مياس في الجزءِ الأوّلِ راويًا كُلي المعرفةِ لسردِ القصّةِ، واصفًا ما يدورُ حولَ ٳيلينا بحياديّةِ الشّاهدِ غير المتورّطِ بأيّ من الأحداثِ التي ترافقها. ٳلا أنّهُ فضّل في الجزءِ الثاني الاعتمادَ على إيلينا نفسها في روايةِ الأحداثِ على طريقةِ المذكّراتِ الشّخصية، فاستطعنا أن نعيش يومياتها وهي التي كانت تعرفُ الطريقَ ولكن الخريطةَ اشتبهَت عليها.

تفرض الروايةُ الكثيرَ من الأحاسيسِ المُتناقضةِ و تحرّكُ الهوّة القابعةَ في ذواتنا حينما نستيقظُ وحدنا لنبحثَ عن حقيقةٍ ما، بينما ينشغلُ الكونُ من حولنا بالبحثِ عن المالِ والمنافعِ الاجتماعية؛ حينها تدرك إيلينا أن: "الأشياءَ تسيرُ بعقلٍ، لكنّ حقيقةَ الأمرِ أنني لا أشعرُ بشيءٍ يربِطُني بها".

ويحيلنا مياس إلى تعقيداتِ السّلوكِ الإنسانيّ المُرتبطِ بصراعاتٍ الإنسانٍ الداخلية؛ فالقلقُ و ترقّبُ المجهولِ كفيلانِ بخلقِ تلكَ القوقعةِ التي تُغطينا دونُ أن نشعر، و تعزلنا عن التفاعلِ مع محيطنا.

وقد استطاعَ مياس الدخولَ لعمقِ الحالةِ النفسيةِ لامرأةٍ في العقدِ الرابعِ من عمرها، عانت من عجزٍ في ٳيجادِ نفسِها؛ ممّا مكنهُ من دفعِنا نحوَ إثارةِ أسئلةٍ تتعلقُ بشعورِ الإنسانِ في وحدتهِ و تفاعُلاتِه خلالَ هذه الوحدةِ مع الوسطِ المحيط.

معلومات الكتاب:

اسم الكتاب: هكذا كانت الوحدة.

الكاتب: خوان خوسيه مياس.

ترجمة: ناريمان الشاملي.

دار النشر: الهيئةِ المصريةِ العامّةِ -2009