البيولوجيا والتطوّر > منوعات بيولوجية

مناعة الخفافيش الخارقة يمكن أن تُنقذ البشر!

استمع على ساوندكلاود 🎧

تمكّن الباحثون للمرة الأولى من كشف قدرةٍ مميزةٍ لدى الخفافيش تمكّنها من التعايش مع أمراضٍ مميتة دون أن تتأثّر بها.

فخلافاً للبشر، يبقى الجهاز المناعي عند الخفافيش متأهّباً على مدار الساعة (24/7)، ويعتقد العلماء بأنّ ذلك قد يحمل المفتاح لحماية البشر من بعض الأمراض الفتّاكة كالإيبولا Ebola.

تشكّل الخفافيش حاضنةً طبيعية لأكثر من 100 نوعٍ من الفيروسات، بعضاً منها يُعدّ مميتاً للبشر، من بينها: متلازمة الشرق الأوسط التنفسية Middle Eastern Respiratory Syndrome (MERS) والإيبولا Ebola وفيروس Hendra. على الرّغم من كلّ ذلك، لا تُظهر الخفافيش أيّة أعراضٍ نتيجة حملها لهذه الأمراض.

تمّ نشر نتائج بحثٍ جديدٍ في مجلة Proceedings of the National Academy of Science (PNAS) يتضمّن نتائجَ فحص المورّثات والجهاز المناعي لأحد أنواع الخفافيش التي تعيش في أستراليا والمعروفة باسم الثعلب الأسود الطائر Pteropus alecto - والنتائج كانت مذهلة!

يقول الدكتور ميشيل بيكر Michelle Baker، المتخصّص في دراسة مناعة الخفافيش في مختبر صحة الحيوانات CSIRO في أستراليا: "عندما تتعرّض أجسامنا لأيّة متعضّيةٍ (Organism)غريبةٍ، كالجراثيم أو الفيروسات، فإنّ سلسلةً من التفاعلات المناعيّة المعقّدة تبدأ بالاستجابة لدخول هذا الكائن الغريب - إحدى هذه الآليات تُعرف بالمناعة الطبيعية (أو الفِطرية) Innate Immunity؛ وهي تُعبّر عن الاستجابة المناعية التي تحدث خلال الساعات الأولى من التعرض للعامل الممرض. لقد قُمنا في دراستنا بالتركيز على هذه الاستجابة المناعية الفِطرية لدى الخفافيش، وتحديداً على دور الإنترفيرونات Interferons (وهي متمّمات تدخل في سير آلية الاستجابة المناعية الفِطرية لدى الثدييات) محاولين فهم الطريقة التي تستجيب فيها الخفافيش للفيروسات".

ويضيف قائلاً: "المثيرُ في الأمر أنّنا وجدنا الخفافيش تمتلك فقط ثلاثة إنترفيرونات، ما يُمثّل رُبع العدد الموجود لدى البشر تقريباً!. كان ذلك الأمر مثيراً للدهشة؛ فبينما تمتلك الخفافيش أعداداً أقلّ من الإنترفيرونات مقارنةً بالبشر، إلّا أنها تستطيع مقاومة فيروساتٍ تُعد قاتلةً لنا".

قام فريق الباحثين أيضاً بمقارنة نوعين من الإنترفيرونات من النمط 1 – ألفا وبيتا. ولقد أظهرَ البحث أن الاستجابة المناعية الفِطرية تكون متأهّبةً على الدّوام حتى مع عدم تعرّض الخفافيش لأيّة فيروسات.

يفسّر الدكتور بيكر ذلك: "خلافاً للبشر والفئران الذين تتفعّل لديهم الاستجابة الفِطرية فقط عند تعرضّهم للعوامل المُمرضة والمتعضّيات الغريبة، فإنّ الإنترفيرون ألفا لدى الخفافيش يبقى مُفعّلاً ومتأهّباً على مدار الساعة، ليشكّل بذلك خطّ الدفاع الأوّل لديها ضد العوامل المُمرضة. يُعتبر هذا التفعيل المستمرّ للمناعة الفِطرية لدى الثدييات الأخرى (لو وُجِد) أمراً مضرّاً تماماً – فالتفعيل المستمرّ للمناعة الفِطرية يُمكن أن يؤثّر على الأنسجة والخلايا الطبيعية، بينما يعمل الجهاز المناعيّ لدى الخفافيش بتناغمٍ تامّ".

إلى جانب الدور المهمّ الذي تقوم به الخفافيش في البيئة، سواءً في تلقيح الأزهار أو ضبط أعداد الحشرات، فقد أظهرت اليوم أنّها تمثّل أهمية إضافيّةً باحتمال لعبها دوراً مهماً في المساعدة بحماية الناس من العوامل الممرضة. "فإذا تمكّنا من إعادة توجيه الأجهزة المناعية الخاصّة بإنواعٍ أخرى بحيث تتصرّف على نحوٍ مشابهٍ لتلك الموجودة لدى الخفافيش، فإنّ معدّلات الوفيّات العالية المُرتبطة بأمراضٍ كالإيبولا يُمكن أن تّصبح شيئاً من الماضي"، بحسب الدكتور بيكر.

بُني هذا البحث على نتائجَ بحثٍ آخرَ تمّ إنجازه في مختبر CSIRO، وكان الهدف منه التوصّل إلى فهمٍ أفضل لمناعة الخفافيش في محاولةٍ لحماية الكائنات الحيّة في أستراليا من الأمراض المعدية التي ظهرت حديثاً.

المصادر:

هنا

البحث الأصلي: هنا