الموسيقا > موسيقا

اسم موتسارت... وتغيرات التاريخ

استمع على ساوندكلاود 🎧

عرف المؤلف الموسيقي Wolfgang Amadeus Mozart بعدة أسماء خلال فترة حياته وكان هذا عائدا في جزء منه لتقاليد الكنيسة في ذلك الوقت وفي جزء آخر لكون موتسارت يتكلم عدة لغات وكان متساهلا في تطويع لفظ اسمه للغات أخرى>

اسم موتسارت في شهادة المعمودية:

عُمِّد موتسارت في الثامن والعشرين من كانون الثاني من عام ألف وسبعمئة وستة وخمسين في اليوم التالي لولادته في St Rupert's cathedral في سالزبورغ باسم يوهانِس كريسُستوموس فولفغانغ ثيوفِلوس موتسارت Johannes Chrysostomus Wolfgangus Theophilus Mozart

وقد كتبت شهادة المعمودية باللاتينة من قبل قسيس المدينة آنذاك ليوبولد لامبريشت Leopold Lamprecht، وتوجد صورة ضمن المقال لشهادة المعمودية الرَّئيسيّة التي تضمَّ خمسة أعمدةٍ مُتوازية للاسماء الخمسة ويلاحظ في الصورة أنه توجد حاشية ضمن أقواس هي من إضافة المحلل النمساوي أوتتو إيريش دويتش Otto Erich Deutsch والتي أضافها بقصد التوضيح.

أَعلنَ والدُ مُوتسارت ولادةَ ابنهِ في رسالةٍ للنَّاشرِ جون جاكوب لوتر Johann Jakob Lotter وقالَ فيها: "إنَّ الصَّبي يُدعى جوناس كريسوستومس ولفغانغ غوتليب Joannes Chrisostomus، Wolfgang، Gottlieb".

الجَدِيرُ بالذِّكرِ أنَّ للاسمين جوناس وكريسوستوماس مردافاتٌ ألمانيَّةٌ وهي جون و كريسوستوم، ويُوضِّحُ مُعجَمُ غروف y of Music and Grove DictionarMusicians الذي يُعدُّ مِن أهمِّ مراجعِ المُوسيقى الغربيَّة هذه التَّعديلات الَّتي أُجرِيَت على اسمِ مُوتسارت، والَّتي تُوضِّحُ قِلَّةَ استخدامِ أسماء العمادةِ التَّابعةِ لموتسارت،

وسنعرض لك عزيزي القارئ (المستمع) تفاصيل وأصول الأسماء التي ذكرت في شهادة المعمودية:

إن الإسمين جوناس وكريستوموس هما اسم القديس شفيع موتسارت في المعمودية (بحسب التقاليد الكنسية الكاثوليكية) وسبب إختيارهما هو تاريخ ميلاد موتسارت حيث صادف العيد الكنسي للقديس جوانس كريستوموس، ويذكر في شهادة المعمودية أيضا أن موتسارت كان ابنا شرعيا إلى جانب ذكر اسم والديه مع توضيح مهنة والده (الذي كان مؤلفا وقائد اوركسترا ومعلم موسيقى وعازف كمان).

وتوضح الفقرة الأولى من هذا الجزء من الشهادة أنَّ العمادةَ تمَّت في السَّاعة العاشرة والنّصف صباحاً، وأنَّ ولادةَ مُوتسارت تَمَّت في السَّاعة الثَّامنة مِن اللَّيلةِ السَّابقة. و إنَّ الاسمَ جوناس كريسوستومس اسم كنسي ولا يُستخدَمُ في حياة موتسارت اليوميَّة. وتَعنِي كلمةُ كريسوستومس الفمَّ الذَّهبيّ، وهذا يعني أن اسم موتسارت بالعربية هو يوحنا ذهبي الفم؟

* كلمةُ فولفغانغ استُخدِمَت في النُّصوصِّ الألمانيَّة، والَّتي تَعنِي الذَّئبَ الرَّاكضَ وقد كَانَ اسمَ جَدِّه الأكبَر. (من جهة والدته)

* وثيوفيلس هي كلمةٌ يُونانيَّةٌ وتَعنِي بشكلٍ عامٍّ مُحبَّ الإله أو مَحبُوبَ الإله. هي و مُرادفتُهَا الألمانيَّة (غوتليب) والمرادفة اللاتينيَّة (اماديوس)، والجَديرُ بالذِّكرِ أنَّ ثيوفيلس هي أيضاً اسمُ عرَّابِ موتسارت التَّاجر جوناس ثيوفيلس بيرجيمروالذي كان حضوره مسجلا ضمن الفقرة الرابعة من شهادة المعمودية

اسماؤه خلال حياته:

درسَ المُحلِّلُ المُوسيقيّ النَّمساويَ اوتو ايرش دوتش كلَّ الرَّسائلِ والوثائقِ المُتعلَّقة بالمُؤلِّف مُوتسارت وتَوصَّلَ إلى نَتيجةٍ حول ما سمَّى موتزات نفسَهُ وأنَّهُ كانَ يَدعو نفسَهُ في ايطاليا عام الف وسبعمئة وسبعين ولفغانغو اماديو ومن عام ألف وسبعمئة وسبعة وسبعين ولفغانغ امادي . ويَبدو أنَّ تَغيُّرَ الاسم حسبَ اللُّغة كانَ مَطروقاً في تلكَ الفَترة حيثُ إنَّ جوزيف هايدن أطلقَ على نفسِهِ اسم جوزيفس باللاتينيَّة وجوسيبي بالايطاليّة بينما نَشرَ بيتهوفن أعمالَهُ كلويجي بالايطاليَّة ولويس بالفرنسيَّة.

يُمكِنُ رؤيةُ استعمال موتسارت لاسم امادي في عَقدِ زواجِهِ مِن كونستانزي فيبر بتاريخ الثالث من آب عام ألف وسبعمئة وأثنين وثمانين حيثُ وقَّع باسم ولفغانغ امادي موتسارت، وفي بدايةِ العَقد يُشَارُ إليهِ باسم هير (وتعني السيد) ولفغانغ ادم موتسارت. لقد نوع موتسارت في تهجئة الحرف الاخير من اسم أمادي حيث كتب روبيرت سبيثلنج -الذي ترجم العديد من الرسائل التي كتبها موتسارت- موضحا:

أن موتسارت كان متساهلا بشكل خاص فيما يتعلق بلفظ الحرف الأخير في اللغتين الإيطالية والفرنسية وخاصة فيما يتعلق بإطلاق أو إدغام حرف E ونرى ذلك في استخدامه لاسم امادي مرة بشكل امادي ومرة بشكل امادِ ومرة بشكل امادْ والجدير بالذكر أن البحث في الانترنت يظهر أن الاستعمال الحديث لكلمة امادي يتنوع أيضا بين هذه الخيارات الثلاث للفظ اسم أمادي

إن استعمال موتسارت لكلمة امادي بلفظاتها الثلاث لم تلق الاحترام بشكل عام من قبل الآخرين فقد كان الناس يستعملون وبشكل متكرر إما: فولفغانغ اماديوس أو فولفغانغ غوتليب وسنسوق بعض الامثلة على ذلك:

1- في يوم وفاة موتسارت سجل اسمه في شهادة الوفاة فولفغانغ اماديوس وتعتبر شهادة الوفاة هذه أول المصادر التي استعملت اسم موتسارت اللاتيني بعد وفاته

2- في رسالة بتاريخ الحادي عشر من عام 1791 قامت أرملة موتسارت -كنتيجة لأزمة مالية شديدة -بإرسال طلب لقبض راتب تقاعدي إلى إمبراطور النمسا- وقد نجحت في مسعاها - يظهر توقيعها باستخدام اسم: كونستانتزا موتسارت، نيه فوبير، أرملة الراحل فولفغانغ اماديوس موتسارت وقد رد موظفي البلاط على رسالتها مستخدمين نفس الاسم

3- أُقيمَت حفلةٌ في براغ يَعُودُ ريعُهَا لعائلةِ موتسارت في الثامن والعشرين من كانون الأول/ديسمبر عام ألف وسبعمئة وواحد وتسعين وسُمِّيَت حَفلةٌ في ذكرى ولفغانغ غوتيلب موتسارت.

انتشار اسم اماديوس

من الممكن أن الاسم المنتشر الآن (أماديوس) قد بدء كاسم طريف (اسم دلع) حيث وقع موتسارت في ثلاث رسائل اسمه على الشكل فولفغانغوس اماديوس موتسارتوس باضافة اللاحقة اللاتينية - ؤس - ومن المؤكد أنه في واحدة من هذه الرسائل على الأقل لم تكن تلك مصادفة حيث انه اضاف اللاحقة المذكورة لتاريخ هذه الرسالة وأيضا لكل كلمة فيها

الذكر الوحيد لاسم موتسارت (فولفغانغ اماديوس) ضمن وثيقة رسمية مكتوبة خلال حياته وجد في عام 1998 من قبل الباحث في حياة موتسارت مايكل لورينز في سجلات حاكمية لور اوستريا (وهي محافظة في شمال شرق النمسا ) حيث تظهر السجلات أنه في أيار من عام 1787 قام (موتسارت فولفغانغ اماديوس) بطلب استعادة كفالته المكتوبة لصديقه فرانك ياكوب فريشتيتلر

وقد شهد القرن التاسع عشر انتصار اسم اماديوس على بقية الأسماء الوسطى لموتسارت حيث لاحظ فولكمار براونبيرنس أنه في بدايات القرن الثامن عشر قام كاتبو السير الذاتية لموتسارت من امثال فريدريتش شليشتغرول وفرانكس نيميشِك باستعمال الاسم الأوسط غوتليب ولكن في عام 1978 قامت شركة النشر بغرايتكوف اند هيرتِل بالبدء بإصدار أعمال كاملة /جزئيا/ تحت اسم اماديوس وبدءت سيطرة اسم اماديوس حوالي عام 1810 حيث تمت إضافته للمذهب الرومانسي إن صح التعبير عندما قام الكاتب ايرنست ثيودور فيلهيلم بتبني اسم أماديوس بدلا من فيلهيلم معبرا عن اجلاله لموتسارت وعلى الرغم من أن عدة دارسين قد استعملو اسم امادي أو غوتليب منذ ذلك الوقت، يبقى اسم أماديوس حتى الآن أكثر اسم أوسط معروف لموتسارت لدى العامة.

أخيرا عزيزي القارئ (المستمع) يوجد رابط مرفق للاطلاع على مقالنا السَّابق عن فولفانغ اماديوس موتسارت ضمن المقال المكتوب هنا

المصادر:

هنا