الطب > مقالات طبية

الإفراط في النوم يعادل في السّوء قلَّةَ النوم

استمع على ساوندكلاود 🎧

إنَّ شعورَ الاستيقاظِ من النوم بعد فترةٍ وجيزةٍ سيِّءٌ جداً، إذ لا يُعدُّ النُّهوضُ من السرير وحده كالمشيِ على الجمر، بل الأمرُ يتعدَّى لأدائِك خلال اليومِ بعد ساعاتٍ قليلةٍ من النوم. لذا تتفرَّغ في اليوم التالي لتنامَ أكثرَ من الساعات الثماني الموصى بها. يبدأ المنبِّهُ الصَّباحيُّ بالرنين، تتقلَّب في فراشكَ، و ... تنهض متعباً تماماً كالأمس. وكأنَّ الأمرَ لن ينتهي.

إنَّ الإفراطَ في النَّوم قد يبدو أمراً ممتازاً، ولكنّه قد يؤذي دورةَ النَّومِ الخاصَّةَ بنا تماماً كنقصِ النَّوم. وقد تتساءل، ما هو المقدارُ المناسبُ من النومِ؟ إنَّ مقدارَ النومِ الذي يحتاجه المرءُ يختلفُ بين شخصٍ وآخرَ، ويعتمدُ بشكلٍ أساسيٍّ على عمر المرءِ أكثرَ من غيرِه من العوامل. ومع أنَّ الإفراطَ في النوم لا يحمل المخاطرَ الصحّيةَ نفسَها التي قد يسببها نقصُ النومِ، فإنَّ الاعتيادَ عليه قد يؤدي إلى بعضِ المشكلاتِ الجسديَّةِ والعقلية.

- كيف يؤثر بنا الإفراطُ في النوم؟

يؤثِّرُ نقصُ النومِ على إيقاع الساعةِ البيولوجية* ، فمشاعرُ الفتورِ والتعبِ والنعاسِ تأتي من دورة نومٍ مضطَّربةٍ وعدمِ قدرةِ الجسمِ على تحديد الوقتِ الحاليِّ؛ فالأمرُ أشبَهُ باضطراب السفر*.

قد يعاني المفرطون في النَّوم من أعراضٍ جانبيّةٍ عديدةٍ حيث يحاول جسدُهم التزامنَ مع التوقيتِ الصحيح. على سبيل المثال، قد أظهرت بعضُ الدراساتِ شكوى مُفرطي النَّومِ من الصُّداع أثناء اليوم. وقد ظنَّ الباحثون أنَّ الإفراطَ في النوم يؤثَّر على نواقلَ عصبيَّةٍ معيَّنةٍ في الدماغ، وبخاصَّة السيروتونين. وتتضمن الأعراضُ الأخرى المحتملةُ لفرط النومِ: آلاماً في أسفل الظهرِ، السكتةَ الدماغيةَ، الداءَ السكريَّ، أمراضَ القلب.

- لماذا يُفرط الناسُ في النوم؟

قد يكون الإفراطُ في النَّومِ أحياناً نتيجةً لأسبوعٍ مرهق. وقد يكونُ في أحيانٍ أخرى إشارةً إلى مشاكلَ صحيَّةٍ خطيرة. يمكن أن يكون المكوثُ في السرير طوالَ اليومِ علامةً على الاكتئاب أو قد يكون بسبب العقاقير (الأدوية) أو الكحول أو أيِّ خليطٍ منها، كما أنّ المرضى الذين يعانون من توقف التنفسِ الليليِّ Sleep apnea عادةً يشعرون برغبة في النوم طوالَ اليومِ نظراً لعدم نيلِهم القسطَ الكافيَ من النوم بسبب الاستيقاظِ المتكرر.

إنَّ الذين يعتادون على الإفراط في النوم يعانون من "فرطِ النوم" hypersomnia حيث يصبح الإفراطُ في النوم حالةً صحّية. وعادة ما يشعر هؤلاء الأشخاصُ بالتعب طوالَ اليومِ، حتى بعد نومِهم لليلة كاملة.

- ما هو فَرْطُ النوم Hypersomnia؟

يتميز فرطُ النوم بنوباتٍ متكررةٍ من النعاس المُفرطِ أثناء النهارِ أو بفتراتٍ طويلةٍ من النوم ليلاً. وهو يختلف عن الشعورِ بالتعب الناتجِ عن نقص النومِ أو النومِ المتقطّعِ،عادة ما يُضطر الأشخاصُ المصابون إلى أخذ قيلولةٍ في أوقات غيرِ ملائمةٍ كالعمل أو أثناءَ تناولِ الطعامِ، أو أثناء إجراءِ محادثةٍ، مراراً أثناء اليوم، والتي لا تقي من هذه الأعراض.

عادة ما يعاني المصابون من صعوبة في الاستيقاظ من نومٍ طويلٍ، وقد يشعرون بالتشوّش. وقد تشمل الأعراضُ القلقَ وحدَّةَ الطبعِ، وانخفاضَ الطاقةِ والأرقَ والتفكيرَ البطيءَ والبطءَ في الكلام وفقدانَ الشهيّةِ والهلوسةَ وصعوبةَ التذكّر. يفقد بعضُ المرضى القدرةَ على الأداء في الأسرةِ والمجتمعِ والعملِ وغيرها من الأماكن.

قد يكون سببُ فرطِ النومِ اضطرابَ نومٍ آخر (كالخُدارِ أو توقفِ التنفسِ أثناء النوم)، أو اختلالاً وظيفياً في الجهاز العصبيِّ الإعاشيِّ، أو تعاطي المخدراتِ والكحول. وقد ينتج في بعض الحالاتِ عن مشكلة جسديةٍ، كورمٍ أو صدمةٍ في الرأس أو إصابةٍ في الجهاز العصبيِّ المركزي. وقد تتسبب بعضُ الأعراضِ الجانبيةِ للأدوية في فرطِ النوم. وقد تساهم في فرط النوم بعضُ الحالاتِ الصحيّةِ كالتصلبِ المتعددِ والتهابِ الدماغِ والاكتئابِ والصرعِ والسُّمنة.

ويظهر العاملُ الوراثيُّ مؤثراً فبعضُ الناس لديهم استعدادٌ وراثيٌّ لفرط النوم، أو بعبارة أخرى: لا يوجد سببٌ معروفٌ أو محددٌ، وعادة ما يُسجَّل فرطُ النوم للمرة الأولى في فترة المراهقةِ أو مرحلةِ الشباب.

- كيف نعالج فرطَ النوم؟

عادةً ما يعالَج فرطُ النومِ عن طريق منبهات الجملة العصبية المركزية stimulants (أو ما يعرف بالمنشطات) كالأمفيتامين و فينيدات الميثيل والمودافينيل. تستخدَم أدويةٌ أخرى في علاج فرطِ النوم بما فيها: الكونيدين، ليفودوبا، بروموكريبتين، مضادات الاكتئاب، ومثبطات المونوأمين أوكسيديز MAOIs (وهي أحد المجموعات الدوائية المستخدمة كمضادات اكتئاب). إنَّ تغييرَ السلوكِ (كتجنب العملِ المسائيِّ، أو الأنشطةِ الاجتماعيةِ الليليةِ التي تؤخر وقتَ النوم) واتباعَ نظامٍ غذائيٍّ قد تحسّن من الحالة. ويجب على المرضى تجنّبُ الكحولِ والكافيين.

- كيف نقي أنفسَنا من الإفراط في النوم؟

لحسن حظِّ الأشخاصِ الذين يجدون أنفسَهم يُفرطون في النوم، ثمَّةَ العديدُ من الخياراتِ ليتعاملوا مع معضلة إفراطِهم في النوم:

1- إذا كنت تتعاطى أدويةً تسبب النعاسَ، فاستشِر طبيبَك وتوقّف عن تناولها.

2- إنَّ التعرُّضَ للضوء والظلامَ أساسيٌّ لإيقاع الساعةِ البيولوجية. دع أشعةَ شمسِ الصباحِ تسطَع عندك و دَعْها تكُن منّبهَك الثانوي.

3- اجعل منّبهَك بعيداً عن متناول يدِك، إذ إنَّ النهوضَ من السرير لإيقافِه سيؤمِّنُ لك الطاقة.

4- والأهم، أنشئْ جدولاً للنوم والتزم به. أجل، حتّى في أيَّام عطلتِك. إنَّ الإفراطَ في النوم يومَ العطلةِ يعني صعوبةَ النهوضِ في أول أيام الدوام.

- تلخيص:

الإفراطُ في النوم يسبب العديدَ من الأعراض السيّئةِ، وأهمُّها الصداعُ والتعبُ ونقصُ الطاقةِ، مما يؤدي إلى عدم الفاعليةِ خلال اليوم. وقد يؤدِّي الاعتيادُ عليه إلى مشاكلَ عديدةٍ، ولكنَّ التغلبَ على هذا الأمرِ سهلٌ ويكمن في بضعة خطوات.

حاشية:

- إيقاع الساعة البيولوجية: دورةٌ تقودها الساعةُ البيولوجيةُ خلال 24 ساعةً، وتؤدي إلى تغيراتٍ جسديةٍ وعقليةٍ وسلوكية.

- اضطراب السفر: حالةٌ من التعب الشديدِ، تترافق مع بعض الأعراضِ الجسديةِ يشعر بها الإنسانُ عقِبَ سفرٍ طويلٍ عبر مناطقَ زمنيةٍ مختلفة.

- توقفُ التنفسِ أثناء النوم: حالةٌ خطيرةٌ تُوقف الشخصَ عن التنفس مراراً في الليل.

المصادر:

هنا

هنا

حقوق الصورة:

www.w3livenews.com