التعليم واللغات > اللغويات

تأثير اللغة الجديدة في وظائفِ الدماغ

استمع على ساوندكلاود 🎧

كلّنا نعلم مدى أهمية تعلّم لغة جديدة وتأثيره في شخصيتنا، بدءًا من اكتساب ثقافةٍ جديدةٍ وليس انتهاءً بتعرِّف عاداتِ أهل هذه اللغة الجديدة ومجتمعهم، ولكن ما مدى تأثير اكتساب لغة جديدة في الدماغ؟ وهل يمكن أن يختلف هذا التأثير حسب السن؟ لنكتشف معًا.

من المعروف أنّ تعلّمَ لغة ثانية أمرٌ عظيمٌ وصحيٌّ تمنحه لعقلك، وقد توصل أحد الأبحاث إلى أنّ تعلّم لغةٍ جديدةٍ يغيّر كلًّا من هيكلِ الدماغ ووظيفته، وذلك بغضّ النظر عما إذا كان سنك 4 سنوات أم 84 سنة.

وجد باحثون من جامعة ولاية بنسلفانيا في الولايات المتحدة الأمريكية أن تعلّمَ لغةٍ جديدةٍ يغيِّر هيكلَ الدماغِ ويجعل الشبكةَ التي تربطه أكثرَ كفاءةً وفعالية، وذلك بغضِّ النظر عن السن، ففي كلّ مرةٍ تتعلّم فيها شيئًا جديدًا فإنّك تعزز من قوّة دماغك، تمامًا مثل ممارسة الرياضة البدنية التي تقوّي عضلاتِك وأنسجتَك وأعضاءَك بالكامل، وكلّما مرَّنت مناطقَ محدّدة من الدماغ أصبح التواصل بينها أقوى.

قرر فريق البحث مراقبةَ نشاط دماغ أشخاص لغتُهم الأم هي الإنكليزية ويتعلّمون الصينية، وأُجريت التجربة على 39 متطوعًا من مختلف الأعمار؛ إذ فُحصت أدمغتُهم على مدى أكثر من ستة أسابيع، وشارك نصفهم في دروسِ اللغةِ وأما النصفُ الآخر فكانوا مراقِبين فقط. وصُوِّرت أدمغةُ المشاركين بالرنين المغناطيسي الوظيفي FMRI مرتين، واحدةً قبل بدء التجربة والثانية بعد ستة أسابيع، وكان الفريقُ يراقب التغيّراتِ الجسدية التي تحدث؛ إذ وُجد أنّه بالمقارنةِ مع المجموعةِ التي لم تشارك في دروسِ اللغة فقد حدثت تغيّراتٌ هيكليةٌ ووظيفيةٌ في أدمغة من تلقوا الدروس، فأصبحت شبكات الدماغ أكثر تكاملًا، ما يعني أنها أكثر مرونة وقابلية للتعلّم بسرعة وكفاءة أكبر، ووجد الباحثون أيضًا أن أولئك الذين تفوّقوا في دروسِ اللغة كانت شبكاتُ أدمغتهم أكثر مرونةً من الذين تقدّموا بصعوبةٍ في مستوى التعلّم حتى قبل أن تبدأ التجربة، ما يوحي بأنهم معتادون على البحث عن أشياء جديدة للتعلم وتمرين عقولهم.

وقد اعتمد الباحثون من أجل تحديدِ مستوى تواصلِ شبكاتِ الدماغ وكفاءتِها على تحليل قوّةِ الاتصالات بين مناطقَ معينة من الدماغ واتجاهِها، التي أصبحت أكثر نشاطًا في أثناء عملية التعلّم، وكلما كانت هذه الاتصالات أقوى بين نقطةٍ وأخرى كانت أسرع وأكثر فعاليةً، فيمكنها العملُ معًا كشبكةٍ كاملة.

ووجد فريق الباحثين أيضًا أنّ المشاركين الذين تعلّموا اللغة أنهوا تجربتهم بزيادةٍ في كثافةِ المادّةِ الرماديةِ وأنه تعزز لديهم نسيج المادة البيضاء في الدماغ (المادة الرمادية نوعٌ من الأنسجةِ العصبيةِ تشملُ مختلفَ مناطقِ الدماغ المرتبطة بالسيطرةِ على العضلات وتشكيلِ الذاكرة والعواطف والإدراك الحسّي كالرؤية والسمع، في حين أن مهمةَ المادة البيضاء ربطُ المادةِ الرماديةِ في الدماغ، تمامًا كسكة القطار).

يعملُ الباحثون على معرفة كيفيّةِ تدريسِ اللغةِ بطرائقَ مختلفةٍ جدًا باستخدامِ البيئة الافتراضية ثلاثية الأبعاد لتعزيزِ وظائف الدماغ، وقال الباحثُ الرئيس وأستاذُ علم النفس واللغويات والعلوم وتكنولوجيا المعلومات (لي بينغ) في بيان صحفي: "ما زال بإمكاننا رؤية التغيّراتِ التشريحيّةِ في دماغ كبار السن وهذه أخبارٌ مشجعةٌ بما يخصُّ التعاملَ مع الشيخوخة".

المصدر:

هنا