التوعية الجنسية > الحياة والحقوق الجنسية والجندرية

الثنائية الجنسية Bisexuality

استمع على ساوندكلاود 🎧

ماذا تعني الثنائيّة الجنسيّة bisexuality؟

يدلُّ هذا المصطلح على ميلِ الفرد للانجذابِ جنسيّاً نحو كلا الجنسين من الرجال والنساء.

قد يبدو ذلك - للوهلة الأولى – للبعض كقوةٍ خارقةٍ في القدرة على مضاعفة الخيارات العاطفيَّة، ولكنَّ الحقيقةَ في الواقعِ تخلِقُ تحدّياً حقيقياً لدى الفرد ثنائيِّ الانجذابِ الجنسيِّ ليختار انتماءَه في هذه الحالة إلى واحدٍ من اختيارين، فإمّا أن يكون "مغايرالجنس" أو "مثليَّ الجنس".

نُسِبَ لهذا الموضوع كثيرٌمن الخرافات والأقاويل المتناقضة والمغلوطة حول ثنائيي الجنس، ممّا زادَ سوءَ الفهم في المجتمع، وهوَ ما زادَ اهتمام الباحثين في الآونة الأخيرة بهذا الموضوع لنطوِّرَ فهمنا لهم!

في هذا المقال سنعرض ثلاثة أمثلة لمفاهيمَ مغلوطةٍ مصحوبةً بإجابات العلم لها.

المسألة أولاً: الثنائية الجنسية هي شيءٌ غير موجود!

هذا أمرٌ مضحكٌ! كيف يمكنك أن تُخبر مجموعة من الأشخاص أنَّهم غير موجودين!

الفكرة راسخةٌ عند البعض، فإمّا أن يكونَ الإنسانُ مغايِرَ الجنس أو مثليّاً، وخاصّةً عندما يتعلَّق الأمر بالرجال، حتى أنه من الممكن أن نجد داخل الأوساط المؤيِّدة للمثليّة الجنسيّة مَن يدّعي بعدم وجود الثنائية الجنسية!

أطاحَ العلماء بهذه المقولة الخاطئة أرضاً من خلالِ دراسةٍ حديثةٍ نُشرت في مجلة "أرشيف السلوك الجنسيّ" the Archives of Sexual Behavior"" العلمية.

قام العلماء بحشدِ مجموعةٍ من مغايري الجنس ومثلييّ الجنس وثنائيي الجنس ثُمَّ عَرضوا أمامهم مقاطعَ مُصوَّرةً مُثيرةً! لم يعتمد العلماءُ على استجواب المشاركين حَول المقاطع الأكثر إثارةً جنسيّةً فحسب، بل قاموا بوصلِهم إلى أجهزةٍ تقيس مقدارَ الاستثارة الجنسيّة في أجسادهم.

كما هو مُتوقَّعٌ، فقد قامت المقاطع التي تحوي نساءً أكثر بإثارة الرجال مغايري الجنس وكانت الحالة معاكسةً طبعاً بالنسبة لمثليي الجنس.

ولكن بالنسبة لثنائيي الجنس فقد أٌثيروا عند مشاهدة كلا المقاطع التي تحوي النساء والرجال بشكلٍ متقاربٍ، كما أثارتهم المشاهد التي تحوي ثنائيي جنس (مثلاً رجلين وامرأة)، والأهمُّ من ذلك كلِّه هو أن الاختلافات بين المجموعات السابقة تمَّت ملاحظتُها لدى استجوابهم، وبالمقاييس المسجلة من قبل الأجهزة.

وبالتالي توضَّحَ من خلال الدراسة السابقة أنَّ هؤلاء الأشخاص هم ثُنائيو الجنس بالفعل ولا يتظاهرون وحسب!

المسألة الثانية: هل تُعَدُّ الثنائية الجنسية مُجرَّد مرحلة؟

وفقاً لهذه المقولة، فقد تمَّ اعتبار الثنائية الجنسية كمرحلةٍ تجريبيةٍ أو مرحلة ارتباكٍ جنسيٍّ يمرُّ بها الشخص لسنواتٍ قبل أن يستقرَّ في النهاية لهويَّته الجنسيَّة الحقيقية.

وفي هذا الموضوع قامت الباحثة ليزا دياموند Lisa Diamond باختبار مجموعةٍ من النساء لمدّةٍ طويلةٍ ونشرت التقرير كورقةٍ بحثيةٍ في مجلّة علم النفس التطوريّ Developmental Psychology(2)، كانت استنتاجاتُ الدراسة أنَّ الثنائية الجنسية ليست مرحلةً انتقاليّةً، فنسبةُ النساء اللاتي كُنّ ثنائيات الجنس في مرحلة المراهقة ثُمَّ غيّرنَ ميولهنَّ إلى مغايرات الجنس أو مثليّات كانت (فقط 8%). وعكس ذلك فإنَّ الغالبية العظمى من النساء ثنائيات الجنس في هذه الدراسة قد حافظن على التوجُّه والميول الجنسيِّ لعقدٍ من الزَّمن (زمن الدراسة).

المسألة الثالثة: لا يمكن لثنائيي الجنس أن يكونوا أوفياء مع شركائهم!

تعتبرُ هذه المقولة الأكثرَ جدلاً، حيث تقومُ على مبدأ أنَّ الشخص ثنائي الجنس قد لا يقتنعُ كليّاً بشريكٍ من جنسٍ واحدٍ، فهو يملكُ رغبةً متساويةً لكلا الجنسين، وعاجلاً أم آجلاً سوف يبحثُ عن شريكٍ جنسيٍّ من الجنس الآخر.

في الواقع، عددٌ كبيرٌ من الأشخاص ثنائيي الجنس يحظون بعلاقات جنسيّةٍ زوجيَّةٍ أحاديّةٍ سعيدةٍ، فوفقاً لدراسة Diamond التي أجرتها لعقدٍ من الزمن، فإن 89% من ثنائيات الجنس كُنّ على علاقةٍ أحاديَّةٍ لفترةٍ طويلةٍ من الزمن.

وفي موضوعٍ مشابهٍ للثنائيَّةِ الجنسيّة، نقفُ قليلاً عند ميولٍ جنسيٍّ آخر نتعرَّف عليه في ما يلي:

قام Kinsey وزملاؤُه بوضع ما يُسمَّى مقياس (Kinsey)؛ وهو عبارةٌ عن سلّم درجاتٍ للميول الجنسيّ لدى الإنسان، وهو يتراوحُ بين درجة الصفر وتعني مغاير الجنس كُلّياًHeterosexual) ) أما قمّة السلّم وهي الدرجة ستّة فتعني مثليَّ الجنس كُليّاً Homosexual))، وقاموا بتصنيف المشاركين في بحثهم بناءً على هذا السُلَّم، وذلك تبعاً لإجاباتهم على أسئلةٍ تتمحوَر حولَ توجُّهاتهم وتخيُّلاتهم وميولِهمالجنسية.

معظمُ الأبحاث التي أُجريت في هذا الصدد صنّفت الأشخاص إلى: مغايرالجنس heterosexual، وثنائيّ الجنس Bisexual ومثليّ الجنسّ gay/lesbian .

ولكن كيف قام الباحثون بتقليص تلك الدرجات السبعة (من 0 إلى 6) إلى ثلاث مجموعات؟

تختلف الإجابةُ من دراسةٍ إلى أخرى، ولكن تتّفق الغالبيّة على أن تكون الدرجتان 0-1 لمغايري الجنس، و2-4 لثنائيي الجنس، و5-6 لمثليي الجنس.

ويُلاحظ أن أبحاثاً قليلةً رَكَّزت على أولئك الذين لديهم انجذابٌ قليلٌ نحو الجنس الآخر (أي الذين حصلوا على الدرجات 1 و5)، حيث يمكن إطلاق مُسمّى (مغايرُ الجنس غالباً (mostly heterosexual)(على من يحصلُ على الدرجة 1، وهي المجموعةُ التي سنركِّز عليها الآن وسنستعرضُ خلاصاتِ بعض الدراسات التي أجريت حولها.

أولاً: ما هو التوجه الجنسي لشخصٍ "على الأغلب مغاير الجنس"؟

أظهرت الأبحاث أن هؤلاء أكثرُ ميلاً لإقامة علاقاتٍ جنسيّةٍ مثلية أكثر من مغايري الجنس ولكن أقلُّ من ثنائيي الجنس بالنسبة لكلٍّ من الانجذاب الجنسي والتخيلات والسلوك.

ثانياً: ما هي نسبة هذه الفئة بين البشر؟

أظهرت بياناتٌ من 21 دراسة في 6 دول أنَّ نسبة هؤلاء تختلفُ من دراسةٍ لأخرى، فهي وسطياًّ تتراوحُ بين 7،6 – 9،5 % بين النساء، و3،6 – 4،1 % بين الرجال.

ثالثاً: هل تُعتبر مُجرَّد مرحلة؟

أظهرت العديد من الدراسات الطّوليّة والإحصائياتُ استقراراً في هذا النمط من التوجه الجنسيّ بعد المراهقة.

رابعاً: ماذا يعني الناس عندما يقولون أنهم (على الأغلب مغايرو الجنس)؟

في دراسةٍ نُشرت في نيويورك تمَّ فيها سُؤال مجموعةٍ من الشُّبان عمَّ يَعنون بذلك، فكانت أغلب الإجابات على النحو التالي: "مغايرُ الجنس حتى قدوم الشابِّ المناسب" و"مغايرُالجنس ولكن لستُ متحيزاً ."

أظهرت دراسةٌ أخرى على مجموعةٍ من الفتيات أن معظم الفتيات مغايرات الجنس قالوا بأنهن 85% مغايرات جنسٍ مع انجذابٍ قليلٍ للفتيات، وأيضاً أوضحوا الاختلاف بين انجذابهم للنساء وانجذابهم للرجال، فالانجذاب للجنس المماثل يُعتبر رومانسياً أكثر من كونه جنسيّاً فقط كما هو الحالُ في الانجذاب للجنس المغاير!

المصادر:

هنا

هنا