الكيمياء والصيدلة > كيمياء حيوية

الأفعى ذات النقرتين تبوح بأسرار سمها للمرة الأولى

إذا قرصتكون حيّة بيوم من الأيام لا كتير تطمنو أنو في علاج... أوقات التطور ما دايماً بكون لصالحنا فشوفولنا هالدراسة من مجلة #Nature إذا بهمكن الموضوع...


إنّ التركيبة الكيميائية لسمّ الثعابين تختلف بدرجة كبيرة تبعاً للمكان الذي يعيش فيه الثعبان وعمره. هذا ما توصل إليه العلماء الذين يدّعون أنهم تمكّنوا من الوصول إلى أول مقارنة تفصيليّة بين تركيبة بروتين السم الواحد التابع لذات النوع من الثعابين (الأفعى ذات النُّقرَتين من النوع lancehead pit viper) في منطقتين معزولتين جغرافياً عن بعضهما.

يعرف الأطباء العاملون في المجالات المتعلقة بسموم الافاعي، منذ زمنٍ بعيد، أنّه حتى النوع الواحد من السمّ لا يولّد دائماً الأعراض نفسها لدى ضحايا اللدغات، وهم يدركون أيضاً أنه على الرغم من المساعدة القيّمة لمضادّات السموم "Antivenoms" في علاج مصابي لدغات الثعابين فهي ليست دائما فعّالة.

يتم الحصول على الأمصال المضادّة من خلال تعريض الحيوانات مثل الأغنام والخيول لكمياتٍ ضئيلة من سمٍّ محددٍ مستخلصٍ من الثعبان، ويتم لاحقاً جمع الأضداد التي تولّدها هذه الحيوانات واستخدامها لتركيب مصلٍ يمكن حقنه في الأشخاص الذين يتعرضون للدغات الثعابين. تقوم هذه الأضداد في المصل بالارتباط بالمكونات السامة لسمّ الثعبان، حيث تعمل على تثبيطه ومنعه من إحداث المزيد من الضرر.

مع ذلك توجد اختلافات شاسعة بين الملامح الكيميائية للسموم من مختلف أنواع الثعابين، لدرجة أنّ فشل العلاج غالباً ما يُعزى إلى استخدام المصل المضاد للثعبان الخاطئ، ومع ذلك فإن التاكيد على وجود اختلاف في التركيب الكيميائي لسموم الثعابين ضمن النوع الواحد، قد يشير إلى أنّ ذلك قد لا يكون السبب دائماً وراء فشل المعالجة.

استخلاص السم...

قام خوان كالفيت من معهد الطب الحيوي في فالنسيا بإسبانيا، هو وعدد من زملائه، بجمع 26 أفعى بالغة وأكثر من 40 أفعى صغيرة من الأفاعي (من النوع نفسه piviper أو ذات النقرتين) الموجودة في كل من المحيط الهادئ والبحر الكاريبي في كوستاريكا. هاتان المنطقتان مفصولتان بمجموعة من الجبال، كما أنّ كلا مجموعتي الثعابين المتواجدتين في المنطقتين يرجّح أنهما معزولتان عن بعضهما منذ ما لا يقل عن 5 ملايين سنة.

أشارت الدراسات السابقة إلى أنّ السموم من الافاعي الموجودة في منطقة الكاريبي تسبب مستويات أعلى من النزف ومن تنخّر الأنسجة، مقارنة بتلك التي تسبّبها السموم المفرزة من قبل الأفاعي الموجودة في منطقة المحيط الهادئ. وتسبب لدغة الأفعى من كلا المجموعتين الوفاة لضحيتها بنسبة 7%، حيث تنخفض هذه النسبة لما بين 0.5% و 3% في حال استخدام المصل المضاد. هنا أشار كالفيت إلى أنّ هذا التباين يشير إلى أنّ الاختلاف بمجموعات الثعابين، والتي تنتمي إلى النوع التصنيفي نفسه، يؤدي إلى اختلاف في كيميائية السمّ.

قام الباحثون باستخلاص عينات من سم الثعابين التي جمعوها، وقامو بدراسة التركيبة البروتينية لها، مستخدمين مجموعة من التقنيات التي سمّاها كالفيت (Venomics- التسمية مأخوذة من كلمة venom وتعني السم أو الذيفان)، حيث قاموا بفصل بروتينات السموم مستخدمين تقنيات التحليل الاستشرابي "Chromatographic" والرحلان الكهربائي "electrophoretic" ، بعدها تعرّفوا على البروتين وحدّدوا هويته مستخدمين دراسة التتابع التقليدي للطرف N – طريقة تقوم بفصل الأحماض الأمينية واحداً تلو الآخر من نهاية البروتين – كما استخدموا أيضاً مطياف الكتلة.

بعد ذلك أكّد كالفيت ورفاقه على إختلاف السمّ لمجموعتين مختلفتين من الأفاعي، حيث وجدوا أكثر من 27 بروتيناً خاصاً وفريداً من نوعه تتميّز به كل من مجموعتي الأفاعي المدروستين، كما لاحظوا أيضاً أن البروتينات المشتركة لا توجد بالتركيز نفسه في كلا المجموعتين، و أوردوا أنّ ثعابين الكاريبي تحمل كميات أعلى من بعض الانزيمات كبروتيناز السيرين والاوكسيداز والديسينتغرين disintegrin، من نظيراتها التي تعيش في منطقة المحيط الهادئ. هذه الإختلافات هي التي تفسّر السبب في كون مجموعة ثعابين الكاريبي تسبب نزيفاً أكثر حيث أن الديسينتغرين يتداخل مع وظيفة الصفيحات الدموية والتخثر، كما أنّ بروتيناز السيرين يزيد من حدّة النزف.

كذلك وجد العلماء اختلافاتٍ واضحةٍ في البروتينات التي جُمعت من سموم صغار الأفاعى ومن الأفاعي البالغة، حيث عزا الدكتور كالفيت ذلك إلى اختلاف العادات الغذائية بين صغار الافاعي والبالغين.

أحد الأسئلة الرئيسية التي تراود العلماء على أنّ هذا التنوع في السم ضمن الأنواع سببه إمّا التطور العشوائي لبروتينات السم، أو عملية التكيّف المرتبطة بالأنظمة الغذائية المختلفة والتغيرات البيئية المحيطة. وأخيراً يتسائل عالم الزواحف والبرمائيات "مارشال ماكيو"من جامعة أركنساس عمّا إذا كانت هذه الاختلافات موجودةً نتيجة للاختيار المحايد أم نتيجة للانتقاء الطبيعي!

المصدر:

هنا