الطب > موسوعة الأمراض الشائعة

الذئبة الحمامية الجهازية، المقلّد الأكبر

استمع على ساوندكلاود 🎧

تعود كلمة Lupus في الأصل إلى اللغة اليونانية وتعني الذّئب، وقد استُخدِمت لوصف الآفات التقرُّحية التي تشبه تلك الناتجةَ عن عضة الذئب، حيث وُصِفتْ بها الآفات الوجهية (والتي دعيت لاحقاً بالذَأَب القريصي) في القرن الثالث عشر، و استخدمت في القرن السادس عشر لوصف الآفات التقرحية في الساقين، إلا أن المرض لم يُصنَّف كمرضٍ جهازي حتى القرن التاسع عشر.

توصَف الذئبة الحمامية الجهازية SLE Systemic Lupus Erythematosus بالمقلِّد الأكبر Geat Imitator، وذلك بسبب الطيف الواسع من الأعراض التي يمكن أن تتظاهر بها، مما يؤدي إلى الخلْط بينها وبين غيرها من المشاكل الصحية.

ماهي الذئبة؟

هي مرض التهابي (أي يسبب ألماً و تورماً) مزمن، والإزمان هو استمرار الأعراض لأكثرَ من ستة أسابيع أو حتى لسنوات، يمكن أن يصيب أيَّ عضو في الجسم؛ كالجلد والمفاصل والكليتين والرئتين والجهاز العصبي وغيرها. معظم المرضى يعانون من التعب وظهورِ طفح جلديّ.

تتميز الذئبة بهجمات أو هَبّات (flair) تتراوح من الخفيفة إلى الشديدة، بينها فترات هجوع (أي فترة خالية من الأعراضremission )، وللذئبة أشكالٌ مرضية عديدة:

1. الشكل الجهازي: وتشمل الإصابة هنا الجلدَ، بالإضافة الى أعضاء الجسم المختلفة كالكليتين والرئتين وغيرها.

2. الشكل الجلدي: وهنا تقتصر الإصابة على الأعراض الجلدية كالطفح والذأب القرّيصي (آفات بارزة مُحمرَّة على جلد الوجنتين والأنف والأذنين يمكن لها أن تترك ندبات) ونادراً ما يتطور هذا الشكلُ إلى الشكلِ الجهازي.

3. الذئبة الدوائية: أعراضها تشبه الذئبة، وهي ناتجة عن تناول بعض الأدوية، وتتراجع الأعراض بمجرد إيقاف الدواء المسبِّب.

ما سبب الذئبة؟

الذئبة مرضٌ مناعيّ جهازي، يقوم الجهاز المناعي فيه بإنتاج أضداد تهاجم خلايا الجسم السليمة، وهذا يؤدي الى حدثية التهابية في الجسم تترافق مع التهاب الأوعية الدموية. لايزال السبب وراءَ بدءِ هذه الحدثية الالتهابية غيرَ واضح تماماً ولكن من المُرجَّح أنها نتيجةُ اجتماعِ مجموعة من العوامل الموروثة والبيئية بما في ذلك الفيروسات وأشعة الشمس والحساسية الدوائية، وقد يعود السبب أيضاً إلى خلل في تخلص الجسم من الخلايا الهرمة والمتخربة مما يتسبب بردٍّ مناعيٍّ غيرِ طبيعي .

مَن الذين تصيبهم الذئبة؟

تتراوح أعمار المصابين بين (15-44) سنة، وتصيب الإناث أكثر من الذكور بـ 10 مرات ، وهي أشيع عند السود والآسيويين، ويميل إنذارُ المرضِ ليكون أسوأَ عند هذه المجموعة.

كيف يتم التشخيص؟

تشخيص الذئبة صعبٌ عادةً بسبب أعراضها الكثيرة وظهورها بشكل بطيء.

الأعراض:

أعراض غير نوعية: الحمى، التعب، خسارة الوزن، خثار دموي، تساقط أشعار مع تراجع بخط الشعر على الرأس، قد تحدث حرقة خلف القص، ألم معدة، نقص تروية في أصابع اليدين والقدمين، إجهاضات.

يتم تشخيص الذئبة اعتماداً على معاييرَ تدعى بمعاييرِ إلفين Elven Criteria في حالِ إيجابيةِ أربعٍ من العلامات التالية بعد نفي أية أسباب أخرى لها :

1. طفح الفراشة: وهو طفح جلديّ يشبه الفراشة ينتشر على الخدين والأنف.

2. الذأب القريصي: لطخات حمراء مرتفعة عن سطح الجلد.

3. حساسية ضيائية: طفح جلدي يظهر في الأماكن المعرضة للشمس، ينتج عن رد فعل غيرِ طبيعي للجسم تجاه أشعة الشمس.

4. قرحات في الفم أو الأنف تدوم بضعة أيام وقد تبقى أكثر من شهر.

5. التهاب مفاصلَ يتظاهر بألم وتورّم في مفصلين أو أكثر يدوم لعدة أسابيع.

6. إصابة قلبية رئوية: التهابٌ في الطبقة المغطية للقلب (التامور) أو المغطية للرئة (غشاء الجنب).

7. اضطرابات عصبية: اختلاجات أو ذُهان (اضطرابات في الشخصية).

8. اضطرابات في الكلية: بيلة بروتينية (وجود بروتين في البول) أو بيلة دموية أو غيرها، أو خلل في وظيفة الكلية.

9. اضطرابات دموية: فقر دم، انخفاض في تعداد الكريات البيض أو نقص الصفيحات الدموية.

10. اضطرابات مناعية: تتمثل بظهور أضدادٍ في الدوران الدموي (الأضداد هي مركبات بروتينية تفرزها الكريات البيضاء كوسيلةِ دفاعٍ ضد الأجسام الغريبة عن الجسم للقضاء عليها، وفي حالة الذئبة فإن هذه الأضداد تُـفرَز ضد خلايا الجسم السليمة)

11. إيجابية أضداد النوى ANA بعد نفي تناول أدوية تؤدي الى إيجابيتها.

أهم اختبار ماسحٍ في الذئبة هو تحرّي الـ ANA، وفي حال إيجابيته يجب تحري أضدادٍ أكثرَ نوعيةٍ للذئبة كأضداد سميث وأضداد dsDNS وأضداد الفوسفولبيد التي يساعد وجودُها في وضع التشخيص، وإيجابيتها تزيد خطر الإجهاضات ونقص الذاكرة والخثار الدموي.

يعتمد العلاج على الأعراض ومدى حدة الهجمة. تشمل الأدوية المستخدمة في علاج الذئبة ما يلي :

1. مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية NSAIDs: تخفف من الألم والتورم والحمى، تشمل هذه المجموعة: آيبوبروفين– نابروكسين، وهي الخط الأول في العلاج.

• الآثار الجانبية للـ NSAIDs: نزف هضمي من المعدة وإصابة كلوية. لذلك ينصح دوماً بمراجعة الطبيب قبل تناول الأدوية التي لا تحتاج وصفةً طبية لشرائها.

2. مضادات الملاريا: هدروكلوروكين (Plaquenil) تعالج التعب والطفح والألم المفصلي والقرحات الفموية، وقد تقي من الخثار الدموي .

3. الكورتيزون ومثبطات المناعة: في الإصابات الشديدة والمهددة للحياة مثل إصابة الكلية، الرئة والقلب، أو الجملة العصبية المركزية.

• الآثار الجانبية لمثبطات المناعة: زيادة الإنتانات، الغثيان، الإقياء، تساقط الشعر، إسهال، ارتفاع الضغط الشرياني، هشاشة العظام .

4. العلاج الحيوي: من الخيارات العلاجية الحديثة، و لم تتم الموافقة إلا على دواء حيوي واحد لعلاج الحالات الخفيفة والمتوسطة من الذئبة وهو Belimumab "Benlysta".

5. العلاج التشاركي: حيث يتم استخدامُ أكثرَ من دواءٍ معاً من الزمر السابقة للوقاية من حدوث هجمات حادة وتخفيف الأضرار الجانبية للأدوية، يمكن خفض جرعة الدواء أو إيقافه عند حدوث الهجوع، مع أهمية اجراء فحوصات دورية لتحري الأعراض وضبط الأدوية.

الحياة مع الذئبة:

من المهم أن يبقى المريض متيقظاً لظهورِ أية أعراض جديدة مثل ارتفاع الضغط، وذمات في اليدين والقدمين، وذمات في الأجفان وحول العينين، تغير في لون البول وغيرها. ولذلك أهميةٌ في الكشف المبكر عن أية إصابة قلبية أو كلوية مهددة للحياة وعلاجُها بشكل مبكر.

تبقى الذئبة رغمَ كلّ التطور الذي طرأ على علاجها مرضاً مزمناً قد يؤثر على نوعية حياة المريض، وقد يؤدي إلى الاكتئاب أو القلق، وللتغلب على ذلك والتمكن من التحكم بالمرض ينصح بما يلي :

قم بتشكيل مجموعة دعم: من خلال بناء علاقة جيدة بين الطبيب والمريض والعائلة والأصدقاء.

كن أنت العنصر الأساسي في الرعاية: من خلال الالتزام بالأدوية والزيارات الدورية للطبيب، ثقف نفسك وتعلم عن المرض وعن علاجاته الدوائية.

ابقَ نشيطاً: تساعدُ التمارين في بقاء المفاصل مرنةً، وقد تساهم في الوقاية من الإصابات القلبية والجلطات الدماغية، لكن في الوقت نفسه لا تفرِطْ فيها وناوبْ بين التمارين الخفيفة والمتوسطة مع فترات من الراحة.

تجنبِ التعرضَ المُفرِط للشمس: أشعة الشمس تسبب ظهور الطفح وقد تحرض هجمة حادة للمرض، وفي حال الاضطرار للخروج في يومٍ مشمسٍ فاحرِصْ على ارتداء الملابس ذات الأكمام الطويلة مع استخدام الواقيات الشمسية.

الذئبة والحمل:

إذا كنتِ شابة مصابة بالذئبة وترغبين بالحمل، فعليك التخطيط لذلك بشكل جيد مسبقاً مع طبيبك، وتوقيتُ الحمل يجب أن يكون خلال فترة الهوادة أي هجوع المرض، وعليكِ تجنبُ الأدوية التي تضرّ بالجنين أثناء المرض، وهي تشمل (سيكلوفوسمايد، سيكلوسبورين، ميكوفينولات الموفينيل) وفي حال اضطرِرْتِ لتناول أحد هذه الأدوية فاحرصي على استخدام مانعات الحمل.

الاستروجين والذئبة: بيّنتِ الأبحاث الحديثة وجودَ علاقةٍ بين تناول الاستروجين وتحريض هجمات المرض التي تكون عادة خفيفة إلى متوسطة، إلا أن الاستروجين لا يزيد الأعراض الموجودة سوءاً. بالإضافة لذلك فإن الاستروجين قد يزيد خطر الجلطات الدموية، لذلك عليكِ ألا تتناولي الأستروجين في حال إيجابية أضداد الفوسفولبيد لديكِ.

المصادر:

هنا

هنا

هنا

هنا

حقوق الصورة:

afamily.vn