الهندسة والآليات > الطاقة

بطاريات سائلة صديقة للبيئة: طاقة أكبر ودورة حياة أطول.

استمع على ساوندكلاود 🎧

نُدرك جميعاً أن الطاقةَ ومستلزماتِها مطلبٌ ضروريٌّ في حياتنا اليومية، وقد استبشرنا مع الابتكارات الجديدة بإمكانية توفير أجهزةٍ تكونُ بمثابةِ مخازنَ للطاقة. لكن كم مرةً نستطيعُ شحنَ وتفريغَ بطاريةِ منزلنا؟ وكم من الطاقة تستطيع أن توفِّر لنا؟

توصَّل باحثون صينيون إلى صُنعِ بطاريةٍ سائلةٍ جديدة تُستَعمل لتخزينِ كميةٍ كبيرةٍ من الطاقة، وتمتلك دورةَ حياةٍ طويلة. دعونا نتابع في هذا المقال ما توصَّل إليه الصينيون في مجال تخزين الطاقة في بطارياتٍ أكثرَ كفاءة...

صرّح باحثون من شنغهاي أنهم ابتكروا بطاريةً سائلةً جديدة ملائمةً للبيئة أكثرَ من البطاريات الموجودةِ حالياً، يمكنها أن تساعدَ في تخزين الطاقةِ المُولَّدة من المصادرِ الُمتجدِّدة بشكلٍ آمنٍ ورخيص. وأضاف العلماء أنَّ هذه البطارية الجديدة تمتلك دورةَ حياةٍ أطول، كما تُخزِّنُ طاقةً أكبر بكثير من البطاريات الأخرى القابلة للشحن.

إن مصادرَ الطاقةِ المتجدِّدة كالشمس والرياح تتغيرُ باستمرار، بالتالي فإن الشركاتِ المصنِّعة تحتاجُ إلى أعدادٍ كبيرةٍ من البطاريات الضخمة والتي يُمكنها تخزينَ الطاقة الفائضة من هذه المصادر المتجددة لاستخدامها عند غروب الشمس أو توقُّف هبوب الرياح.

أما القلقُ الأكبر بما يتعلق بموضوعِ البطاريات القابلةِ للشحن هو الأمان، وذلك بسبب احتواءِ العديد من هذه الأجهزة على مكوّناتٍ قابلةٍ للتآكل، سامةٍ أو قابلةٍ للاشتعال، أو تتطلبُ درجاتِ حرارةِ تشغيلٍ عاليةً جداً. إضافةً إلى أنَّها مُكلفة، ويجب تبديلُها كلَّ فترةٍ ببطارياتٍ جديدة، إذا أخذنا بعين الاعتبار عددَ مراتِ التفريغ والشحن التي تتحمُّلها هذه البطاريات وخاصةً في المشاريع الضخمة. حيث يعتمدُ العديدُ منها في عملية الصُّنع على معادنَ مُستَخلصةٍ من موادَّ أوليةٍ وخاماتٍ نادرةٍ مُكلِفة.

قام الباحثون بصُنع البطارية الجديدة باستخدامِ موادَّ وسوائلَ صديقةٍ للبيئة لتخزينِ وإصدارِ الطاقة. تمتلك البطاريةُ الجديدة:

- قطباً سالباً مُكَّوناً من شوارد اليوديد(1) وثلاثي اليوديد المحلول بالماء، حيث يكون هذا القطب مُنْحَلًّا ضمن إلكتروليت(2) مائي يحتوي على شوارد ليثيوم وكبريت.

- قطباً موجباً صلباً مصنوعاً من البوليميد "polyimide".

- غشاءً من البوليمر(3) يفصل بين القطبين ويسمح للشوارد بالانتشار عبره.

عندما تُشحن البطارية، يتأكسد اليوديد ويشكِّل ثلاثي اليوديد بينما تتدفَّقُ شوارد الليثيوم أو الصوديوم عبرَ غشاءِ البوليمر لتتفاعل مع البوليميد، وعندما تُفرَّغ البطارية تنعكسُ هذه العملية تماماً.

نشر العلماء النتائجَ التي حصلوا عليها بالتفصيل في مجلة "Science Advances". وأشار الباحثون إلى أنَّ القطبَ السالب والموجب وكلَّ ما في البطارية ليس بحاجةٍ للمعادن حتى يقومَ بعمله، وقد لاحظوا أنَّ استخدامَ شواردِ الصوديوم أو الليثيوم أعطى للبطاريةِ كثافةَ طاقةٍ عاليةً بلغت 63.8-65.3 واط ساعي لكل كيلوغرام، مقارنةً مع البطارياتِ السائلة الأخرى المستخدمةِ لتخزين الطاقة على مستوى الشبكة.

يقول الباحثون أن لهذه البطارية الجديدة حياةٌ طويلة، حيث يصلُ عددُ مراتِ الشحن والتفريغ فيها إلى 50.000 مرة، وهي أفضلُ بكثير من أي بطاريةٍ أخرى قابلةٍ للشحن موجودةٍ في الأسواق حالياً، مما يُقلِّل من تكلفة التغيير المستمر لهذه البطاريات.

وبنفس القدْر من الأهمية، أشار الباحثون لإمكانية شحنِ البطارية أو تفريغِها في 6.6 ثانية فقط، وبالتالي فإنها تمتلكُ استطاعةً أكبرَ بكثير من البطارياتِ القابلة للشحن الموجودةِ حالياً في الأسواق وهي أقربُ بقدرتها إلى المكثفات الفائقة (4).

وأضاف الباحث يونغ وانغ المشاركُ في هذا البحث والمختصُّ في الكيمياء الكهربائية في جامعة فودان في شنغهاي: "إن الخطواتِ القادمة لهذا البحث هي تصنيعُ بطارياتٍ أكبرَ حجماً وذات كثافةِ طاقة أعلى بكثير". [1]

هل تستطيع الأبحاث الصينية مضاهاةَ الغربِ في تحقيقِ تقدُّمٍ بما يتعلق بموضوعِ تخزين الطاقة المتجدِّدة في بطارياتٍ حديثةٍ من هذا النوع!

دعونا ننتظر فالأيام قادمة.

معلومات إضافية:

(1) اليوديد: هو عبارة عن شاردة لعنصر اليود وهي تحمل الشحنة -1. وتُسمى المركبات الكيميائية التي تحتوي تلك الشاردة باليوديدات[2].

(2) الكهرل أو الإلكتروليت "Electrolyte" :هو أي مادة تحتوي على شواردَ حُرَّة تشكِّل وسطاً ناقلاً للكهرباء. ويُعتَبَر المحلول المائي من حامض الكبريتيك مثالاً للإلكتروليت[2].

(3) البوليمر: هو مركبٌ ذو وزن جزيئي مرتفع مكوَّنٌ من وحدات جزئية مُكرَّرة. قد تكونُ هذه المواد عضويةً أو غير عضويةٍ أو عضويةً معدنية، وقد تكون طبيعيةً أو اصطناعية في أصلها[2].

(4) المكثفات الفائقة: هي عبارة عن مكثفاتٍ ذاتِ سعات عالية جداً حيث أن سَعَتها تصلُ إلى مئات الفارادات، و لها عدة تسميات منها المكثفات الإلكتروكيميائية أو المكثفات ذات الطبقة المضاعفة. (الفاراد: هو أحدُ وحدات النظام الدولي سُمِّيت نسبةً للعالم مايكل فاراداي والفاراد هو وحدةُ قياس سَعَة المكثِّف).

معلومات إضافية:

(1)اليوديد: هو عبارة عن شاردة لعنصر اليود تحمل الشحنة سالبة -1. وتُسمى المركبات الكيميائية الحاوية على هذه الشاردة باليوديدات[2].

(2)الكهرل أو الإلكتروليت "Electrolyte": هو أي مادة تحتوي على شوارد حُرَّة تشكل وسطاً ناقلاً للكهرباء. ويُعتَبَر المحلول المائي من حامض الكبريتيك مثالاً للإلكتروليت[2].

(3)البوليمر: هو مركب ذو وزن جزيئي مرتفع مكون من وحدات جزئية مُكرَّرة. قد تكون هذه المواد عضوية أو غير عضوية أو عضوية معدنية، وقد تكون طبيعية أو اصطناعية في أصلها[2].

المصادر:

[1] هنا

[2] هنا