الهندسة والآليات > هندسة البترول والغاز

إنهاءُ الآبارِ النفطيّةِ والغازيّةِ: دراسة لخفض التكاليف الباهظة

استمع على ساوندكلاود 🎧

لعلَّ أوّلَ ما يتبادرُ إلى أذهاننا عند سماعنا لعبارةِ "آبار النفط"، هو الصورةُ التقليديّةُ للمنصّاتِ النفطيّةِ وهي تسحبُ النفطَ من باطنِ الأرضِ أثناء عملية الإنتاج. ولكن هل تخيّلتَ عزيزي القارئ ما العمليات التي تُطبّقُ على آبارِ النفطِ والغازِ عند خروجها من الخدمة؟ لماذا تُطبَّق هذهِ العمليّات؟ وماهي المخاطر المترتبة على عدم إتمامها بالشكلِ الصحيح؟

تابعنا في هذا المقال لتعرف المزيد.

إنّ العملَ على إعادةِ صيانةِ الآلافِ من آبارِ النفطِ والغازِ البحريّةِ القديمةِ أمرٌ بالغُ الأهميّة، فقد حُفِرَت مثلُ هذهِ الآبار في منطقةِ الرصيفِ القارّي على السواحلِ النرويجيّةِ والتي تُشبَّهُ إلى حدٍّ بعيدٍ بماصّاتِ الشربِ "الشلمونات"، إلا أنّها مصنوعةٌ من المعدنِ والإسمنتِ وممتدّةٌ عدّةَ كيلومتراتٍ تحت سطحِ الأرض.

لا تزالُ العديدُ من هذهِ الآبارِ في الخدمةِ، ولكن في نهايةِ المطافِ سيتمُّ التخلّيُ عنها، لذا لا بُدَّ من إنهائها أو إغلاقِها (1) بشكلٍ جيّدٍ لمنعِ التسريبِ النفطيِّ وما ينتجُ عن ذلك من خطرٍ على البيئة.

ما هي عمليّةُ (إنهاء الآبار)؟

تتضمّنُ هذهِ العمليّةُ مَلء الآبارِ بمادّةٍ كتيمةٍ مانعةٍ للتسريبِ (كالإسمنتِ مثلًا) وذلك في مواقعَ معينةٍ من البئر. يكمنُ التحدّي هنا في كيفيّة التأكّد فيما إذا كانت الآبارُ مملوءةً بهذه المادّةِ بشكلٍ كلّيٍّ أم لا، ففي العديدِ من الحالاتِ يجبُ إفراغُ البئرِ من محتوياته (2)، ومن ثمَّ ملؤُه بالموادِ المانعةِ للتسريب.

كيفَ تتمُّ هذهِ العمليّة؟

يتمُّ ذلكَ عادةً باستخدامِ منصّاتٍ كبيرةٍ تكلّفُ الملايينَ يوميًّا، ولهذا السببِ يعملُ باحثونَ من مؤسسةِ البحثِ العلميِّ والصناعيِّ SINTEF التابعةِ للمعهدِ النرويجيِّ للتكنولوجيا NTH على إيجادِ الوسائلِ الأقلِّ كلفةً والمريحةِ للحكومات في هذا الصدد.

وكنتيجةٍ لانشغال كلٍّ من شركاتِ النفطِ والباحثين في إيجادِ طريقةٍ لتقليصِ التكاليف، تمَّ في العامِ الفائتِ إطلاقُ المشروعِ ECOPA الذي سيجمعُ بينَ التحليلِ الإقتصاديِّ والتطويرِ التكنولوجيِّ، حيثُ سيمتدُّ حتى عام 2018 وسيتمُّ تمويلُه بشكلٍ كامِلٍ من قبلِ مجلسِ البحوثِ النرويجيِّ بتكلفةٍ تقدّرُ بحوالي 8 مليونَ كرونة.

يقومُ أحدُ الاقتراحاتِ على إيجادِ طريقةٍ تمكّنُ من إنهاءِ جميعِ الآبارِ الموجودةِ في منطقةٍ ما بذاتِ التوقيتِ، وذلك باستخدامِ منصّةٍ واحدةٍ، أو من الممكنِ إجراءُ العمليّةِ من خلالِ سُفنٍ أخفَّ وزنًا وأقلَّ تكلفةً (كالحاويات مثلًا). ويمكنُ لذلك أن يؤدّيَ إلى تخفيضاتٍ كبيرةٍ في التكاليف.

وبحسبِ SINTEF، فإن أوّلَ ما يجبُ فعلَهُ هو تكوينُ صورةٍ شاملةٍ عن وضعِ الآبارِ وفاعليتها، بالإضافةِ إلى تكلفةِ التكنولوجيا الواجب تطبيقها، من ثمَّ تكوينُ قاعدةِ بياناتٍ حولَ ذلك حتى تتوفر الإمكانيةُ أخيرًا لتطويرِ خطّةِ تقليصِ التكاليف.

ويضيفُ باحثونَ من SINTEF بأن المعلومات المتوافرة بخصوص التكلفةِ النهائية لعملية إغلاق وسدّ الآبار لا تزالُ محدودة، حيث يجبُ العملُ على مراجعةِ القوانينِ والمعايير الحالية، حيث يجبُ على سبيل المثال أن يكونَ طولُ السدادة الإسمنتية الآمنةِ على القاع حوالي 100 متر بينما طولها حسب المعايير البريطانية 30 متر فقط. هذه الاختلافات ستؤدِّي حتمًا إلى فرقٍ في التكاليف، وسيكونُ من المهمِّ معرفةُ ذلك لنعلم كم التكاليف النهائيّةِ التي يتوجَّبُ على دافعي الضرائبِ النرويجيةِ دفعها.

تُظهرُ الشركات الصناعيّةُ والاستشاريّةُ إهتمامًا بالغًا في هذا الشأن حيثُ يملكُ المشروع حوالي 19 مشاركًا من أصحابِ المصلحة. وكما هو معلوم لم يتمّ تنفيذ هذا المشروع في أيِّ مكانٍ من العالمِ، ومن الممكنِ لذلكَ أن يعطي الشركات النرويجيّةَ ميّزةً تنافسيّة في السوقِ العالميّة.

(1) سدّ الآبار بمادة مانعة للتسرب كالإسمنت.

(2) بعض الأبار قد تحوي بعض المواد التى تعيق سد البئر بشكلٍ مُحكم و كامل كالأنابيب الموجودة في البئر.

المصدر :

هنا