الفنون البصرية > فن وتراث

أليسون راسل، فنانة تحافظ على فن يكاد يندثر

استمع على ساوندكلاود 🎧

تعيشُ أليسون راسل Alison Russell وهي فنانة خيال الظل "سيلوِيْت" في لندن وتُعتَبرُ من القلَّةِ المتبقّيّةِ من الفنانـّين البريطانـيين الذين ما يزالونَ يمارسونَ هذا النّوعَ الخاصّ من الفن. تعلَّمتْ على يدِ جدتِّها الفنانة ماري لو راسل (1928-2009) وهي رسَّامة وفنانّة 'خيال الظل' مُخضرمة مارست هذا الفن لأكثرَ من خمسينَ عاماً.

كان لفريقِ الفن والتُّراث في مبادرة "الباحثون السوريون" شرفَ مقابلةِ الفنّـانة أليـسون والتي قامَتْ مشكورة بعملِ قطعةٍ فنيـّةٍ رائعة من السيلويت لشعار"الباحثون السوريون".

إليكم نصّ المقابلة بتصرف:

سؤال: بعد الاطّلاعِ على سيرتِكِ الفنيّة وأعمالِك الرَّائعة نرى مدى تأثيرِ جدَّتـِك ماري لو راسل في مسيرتـِك الاحترافيّة، كيفَ كانَ هذا؟

جواب: كانت جدّتي لاتفوِّتُ حدَثاً إلّا وشارَكت فيهِ. كانت تستمتِعُ بقضاءِ ساعاتٍ طويـلةٍ بقصِّ الصُّورِ الظليّة للنّاس، وكانت تُعيلُ أسرَتَها من خلالِ هذا الفن، أحسّـت جدّتي بتراجُعِ فنّ السيلويت وكانت ترغبُ بنقـلِ هذا التّراث لأحدِ أولادِها إلا أنّني الوحيدة بينَ أحفادِهـا التّسعة التي استلهَمت هذا الفنّ النّادر.

سؤال: هل لديك استوديو للعمل؟

جواب: كان لديّ استوديو في منطقةِ لندن بريدج إلا أنني الآنَ أعملُ في بيتي.

سؤال: هل عملت خارج َبريطانيا؟ أين؟

جواب: كانَ لي غِبطةَ الحضورِ في عدّةِ محافلَ فنيّة واجتماعيّة في العديدِ من دولِ العالمِ ومِنها: ميلان/إيطاليا ، باريس، برلين، جنيڤ، دبلن ، أدنبرا، أبو ظبي، تل أبيب، فرانكفورت.

سؤال: من هو جمهورك؟

جواب: جمهوري هو كلُّ الناس من مُختلفِ الأعمار، ففنّ الصّورِ الظلّية لهُ قبولٌ عالَمي.

سؤال: هل هناك في بريطانيا فنّاني صور ظلية كُثُر؟ هل هناكَ نادي يجمعكم؟ وهل أنتِ على تواصلٍ معهُم؟

جواب:هناكَ قلّة قليلة ممن يحترفُ هذا الفن الآن في بريطانيا، أتواصل مع خمسةٍ فقط.

سؤال: هل فنّ السيلويت وظيفي؟ أم أنّهُ تزيينيٌّ بحت؟ هل يمكنُ أن يكونَ لهُ دورٌاجتماعيٌّ أو سياسـي؟

جواب: السيلويت يمكنُ أنْ يكونَ تمثيلاً قويَّاً للشَّخص. فبساطةُ الخطِّ الواحدِ تـُتيحُ للرّائي مساحةً من التحليلِ والتّـفسير. تقليدياً اللونُ الأسودُ على خلفيةٍ بيضاءَ لهُ تأثيرٌ بالِغ، فقديماـً ونظراً لعدمِ توفُّرِ الورقِ الأسودِ كانَ يتمُّ قطعُ السيلويت ثم تُلوَّنُ بالَّسـَّخـام Soot

يمكنُ لفنِّ السّيلويْت الذي يمثِّلُ صورَ وجوهِ الأشخاصِ الجانبيـّة أنْ يحملَ وظيفةً تزيينيـّة لكنَّهُ يكونُ وظيفياً عندما يـُستَخدمُ بعملِ شعاراتٍ لشركاتٍ تجاريـّة وهو استخدام ٌشائــِعٌ في مجتمَعِنا اليوم. يـستخدم الناس بورتريهاتي المعمولة من السـّيلويت في حفلات الزّواج أو الشّعائر الجنائزيـة؛ صورةُ السيلويت بسيطة لكنَّها ذاتَ تأثيرٍ كبيرٍ غيرِ محكومٍ بحدودِ الزَّمن.

روب ريان Rob Ryanمثلاً يستخدمُ السيلويت بطريقةِ الإلوستريشن Illustration في عملِ الكتب وتصاميمِ أغلفةِ المجموعاتِ الغنائية.

سؤال: هل هناكَ معارض أو متاحف ترعى هذا النوع من الفن في بريطانيا؟

جواب: على مرِّ القرون كانَ هناكَ معارض لفنِّ الصّور الظليّة في بريطانيا والتي تُقامُ في المتحف الوطني للبورتريه و متحف ڤيكتوريا و ألبيرت.

سؤال: كيفَ ترَين مستقبلَ فن السيلويت في بريطانيا؟

جواب: الصورُ المقطوعةُ باليدِ ستظلُّ نادرةً ومحصورة الاستخدام بسببِ التّطوُّرِ التـّقني السّريع، لكنَّها ستبقى طالما هناك أناسٌ يتطلَّعونَ لوَمَضاتٍ من تقاليدِ الزَّمنِ الغابـِر.

ماري لو راسل تقطع السيلويت في معرض سياتل الدولي في الستينات.

كانَ لماري جدّةُ أليسون راسل زاويةً خاصةً بها في متجرِ السيلفريدجز العريقِ في لندن حيثُ كانت تُمارسُ فيها قطع السيلويت للزبائن وكانت أليسون تتردَّدُ على مكانِ عملِ جدّتها.

سيلويت لماري يظهر الفنانة نفسها وهي تقوم بعمل السيلويت.

سيلويت لماري يظهر الفنانة أليسون وهي طفلة - 1980

انتقلتْ ماري لو راسل ولايةِ إنديانا الأمريكية عام 1990 وافتتحت مع زوجِها فندقاً وفيهِ استمرَّت بإبداعِ السيلويت للزَّبائن واحتفظتْ بالأعمال في كتابٍ خاصٍّ بالزُّوّار.

أبدَتِ الفنانة أليسون في طفولتِها المبكّرة موهبةً وولعاً بالرّسمِ فكانَ الانتقالُ سهلاً من الرّسمِ بقلمِ الرّصاصِ إلى الرسم بالمِقصّ فأبدعت أليسون أوَّلَ عملٍ لها عِندما كانت في الثّامنةِ من عُمرها. تابعَتِ الفنانة تعليمَها فحصلت على درجة الدبلوم في الفنّ والتّصميم من كلية بارنيت في بريطانيا عام 1998 وأتبعتْها ببكالوريوس في الفنّ من جامعة باكينغهامشير عام 2001. ومنذ ذلك الوقت وهي تعملُ كفنانةِ سيلويت مستقلَّة.

عن تاريخ هذا النوع من الفن في بريطانيا تقولُ أليسون:

"كان هذا الفنُّ شائعاً جداً في الحقبةِ الڤيكتورية والإدواردية تماماً كاستوديرهات التصويرِ في أيامِنا هذه، فحوَتْ لندن وحدَها آنذاك عدَّةَ أماكن مخصَّصة لهذا التقليد وفيها استخدمت أدوات تقنيـّة غريبة لتتبع خيالِ الشّخص والحصولِ على سيلويت دقيق لصورةِ الشّخص الجانبـية، في تلكَ الحقبة كان الاهتمام كبيراً بالسيلويت فأُصدرت عدة كتب لتحليلِ صورة الشخص الجانبية (بروفيل) أو السيلويت. دُرجت هذه المعرفة تحت ما يسمى علم الفراسة physiognomy الذي لم يعُد يُعتبر كعلمٍ في وقتِنا الحالي، وكان الحصولُ على السيلويت أرخصُ من الرَّسمِ مما ساهم أكثر في انتشاره فكانَ يتمُّ تبادُلَهُ كنوعٍ من الهدايا في العائلة وبينَ الأصدقاء فاُعتُبرَ السيلويت آنذاك كلقطةٍ تذكارية ولكن اكتشاف التصوير الفوتوغرافي دفعَ هذا الفن الى الانحسار".

أليسون في حفلة تقطع السيلويت.

أطفال وخيال الظل.

زيارة ميدانية

حفلة خيال الظل.

تقطيع السيلويت.

عمل بانورامي ملون من السيلويت.

أدوات أليسون غريبةً بعضَ الشَّيء فهي تستخدمُ أدوات جراحية ومشارِط كما أنَّها أحياناً تستعينُ بالصّورِ الشّخصية وتقومُ بعملِ رسوماتٍ عديدة للأشخاص قبلَ قطعِ السيلويت، عن هذا تقول:

"يثيرني دائماً التحدي البصري لاستحضارِ روحِ الإنسان، أنغمسُ في الكثير من الطرق الفنية الإبداعيّة كعَملِ رسوماتٍ بالرَّصاصِ أوِ الألوان أو عمل قطعٍ نحتـية".

في وقتنا الراهن وبالرغم من صعوبات الحياة في مدينةٍ باهظةٍ كلندن إلا أن فنانتنا ما تزالُ تعملُ في هذا الفن وتعيشُ هيَ وعائلتُها من عائِداته. عملت أليسون العديد من صور سيلويت لصالِحِ مؤسسات عريقةٍ وشركاتٍ عالميةٍ كُبرى كال بي بي سي، نيسان ، سوني ، مؤسَّسة البريد الملكية، ڤودافون، نادي الآرسنال لكرة القدم بالإضافة إلى إحيائها حفلات اجتماعية خاصّة تقدِّمُ فيها إبداعاتها لفنٍّ عريقٍ يقارِبُ على الزَّوال.

وقد قامت الفنانة أليسون راسل بإهداء مبادرة "الباحثون السوريون" شعارَهَا بالسيلويـت:

الفنانة مع السيلويت لشعار الباحثون قبل التقطيع.

شعار الباحثون بلونه الأزرق

شكراً أليسون!

فيديـو عن أعمال الفنانة:

هنا

المصادر:

أولية: مقابلة حصرية لفريق الفن والتراث مع الفنانة أليسون راسل.

ثانوية:

هنا

هنا