الهندسة والآليات > الطابعات ثلاثية الأبعاد

الطباعة ثلاثية الأبعاد هل تنقذ النفس البشرية؟ الجزء الثاني

استمع على ساوندكلاود 🎧

تكلمنا في مقالنا السابق عن المرض الذي يصيب الرضّع والذي دفع العلماء مؤخراً لتطوير تقنيات في محاولةٍ منهم لإنقاذ الأطفال المصابين بهذا المرض، حيث قُدِرَت المدة التي سيعيشُها هؤلاء الأطفال قبل خُضوعِهم لعملية زرع الجهاز بعدة أيام أو أسابيع فقط

ولاستكمال المعلومات عن هذا الجهاز وهذه التقنية في المقال التالي :

استخدم الباحثون صور الطبقي المحوري التي أُخِذَت للأطفال الرُّضّع لتطوير جبائر المجرى التنفسي المطبوعة بشكل ثلاثي الأبعاد (3D)، حيث تم تصميم هذه الجبائر من حيث طولها وقطرها وسماكتها وعوامل أُخرى بما يتناسب مع حالة كل طفل من الأطفال الثلاثة وذلك لإبقاء شُعبهم الهوائيّة مفتوحة.

يتميز التصميم بأنه مفتوح بزاوية ثابتة 90 درجة كما هو موضح في الصورة A (للمقطع العرضي للقطعة) وذلك لتسهيل عملية تثبيتها خارج القصبة الهوائية، بينما يتغير القطر وسماكة الجدار وعدد وأماكن الثقوب حسب الصور التشريحية للمريض، ويتم ضبط ارتفاع التضلّعات وتردّد تكرارها بحسب المرونة المطلوبة للقطعة وذلك بحسب المكان المُراد زرعها فيه.

توضح الصورة B الضغط الحاصل على القصبة الهوائية قبل استخدام التقنية ومن ثم تثبيت القصبة على القطعة المزروعة لتحافظ عليها مفتوحة وتسهل عملية التنفس، ونلاحظ مع ازدياد قطر القصبة الهوائية نتيجة النمو والتقدم بالعمر تتوسع معها القطعة المزروعة بفضل الفتحة الجانبية بزاوية 90 درجة وبفضل التصميم الخاص لهذه القطعة.

يتم تصميم القطعة اعتماداً على النموذج ثلاثي الأبعاد المشكل على الحاسوب للقصبة الهوائية للمريض وذلك اعتماداً على التصوير المقطعي المحوسب (الطبقي المحوري CT) ويتم استخدام برنامج الماتلاب بخوارزمية خاصة لضبط البارامترات المطلوبة وفق النموذج المصمم لقصبة المريض ليتم تحديد أماكن الثقوب وقطرها كما هو موضّح بالشكل D ونلاحظ اختلاف التصاميم حسب حالة المريض كما هو موضح بالشكل E

وقال الباحث المشارك في الدراسة سكوت هوليستر وهو مهندس طبي في جامعة ميتشيغن لمجلة العلوم الحيّة: "يمكننا طباعة العشرات أو المئات من الجبائر التي لها نفس تصميم هذه الجبيرة تماماً بغض النظر عن مدى تعقيد هندستها، وهذا أمرٌ مهم جداً فيما يتعلق بالتحكم بالجودة والتصميم، لأن ذلك يمكّننا من صنع نسخ أو بدائل طبق الأصل من نفس الجبيرة تماماً لاختبارها قبل أن تتم عملية زراعتها".

كان شكل هذه الجبائر أشبه قليلاً بقطع الهوت دوغ، وهي مصنوعة من مادة تدعى بولي كابرولاكتون (polycarolactone) التي تتميّز بإمكانيتها على الانحلال داخل الجسم مع مرور الوقت دون أن تسبّب أي أذى.

تعتبر هذه هي المرّة الأولى التي يتم فيها استخدام الطباعة الثلاثيّة الأبعاد (3D) للحصول على زرعة طبيّة تعالج مرضاً يشكِّل خطراً على الحياة.

كانت جبائر الشُّعَب الهوائيّة هذه جوفاء ويسهل اختراقها، وهي مصممة بحيث تُبقي الشُّعَب الهوائيّة مفتوحة حتى مع استمرار نمو الأطفال.

وقد لاحظ غرين أن القصبات الهوائيّة الخاصة بهؤلاء الأطفال والتي هي عبارة عن الممرات الهوائيّة التي تصل بين القصبة الهوائية والرئة، كانت تقريباً بعرض رصاصة قلم الرصاص عندما تمت زراعة الأجهزة، ولكن من المتوقّع أن يتضاعف قطرها بحوالي الضعف مع انحلال الجبيرة عبر الوقت.

قام الباحثون بمراقبة نمو الشُّعَب الهوائيّة مع مرور الوقت وذلك من خلال صور الطبقي المحوري وصور الرنين المغناطيسي، ووجدوا أن هذه الأجهزة تمكّنت من تحسين التنفس وتوسّعت للسماح بنمو الشُعَب الهوائيّة عند المرضى الثلاثة.

جميع الأجهزة أثبتت جدارتها في الانحلال كما كان متوقعاً، ولم تسبب أي من هذه الأجهزة الثلاثة أيّة مضاعفات.

يعيش الأولاد الآن مع أسرهم ولم يعودوا بحاجة إلى الأدوية المهدئة أو المخدّرة حتى يتمكنوا من التنفس.

ويقول غرين "لم تعد هنالك حاجة بعد الآن لقضاء العطلات في المشفى، يتعلم هؤلاء الأطفال الآن الجلوس والوقوف والركض بدلاً من الاستلقاء على ظهورهم لأسابيع".

إذا تمكًن الأطفال الذين يعانون من مرض تليّن القصبات الهوائيّة (tracheobranchomalacia) من البقاء على قيد الحياة حتى عمر السنتين أو الثلاث، ستتمكن شعبهم الهوائيّة من النمو وتصبح قويّة بما يكفي لتجاوز هذا المرض، ولن تحمل قصباتهم الهوائيّة في نهاية المطاف أي آثار للمرض الذي كاد أن يودي بحياتهم عندما كانوا حديثي الولادة.

وقال الباحثون أن الجبائر المحيطة بالشُّعَب الهوائيّة سوف تنحلّ بشكل بطيء بما فيه الكفاية لمساعدة الأطفال لبلوغ هذه النقطة، وقد تمكّن أول طفل تمّت زراعة الجهاز له وهو كايبا من بلوغ هذه المرحلة الآن، قال غرين: "إنه يُبلي بلاءً حسناً بعد انحلال جبيرته".

وقال غرين في تصريحٍ له: "قبل هذه العمليّة كانت فرصة هؤلاء الأطفال الذين يعانون من تليّن القصبات الهوائيّة بالنجاة ضئيلة، أما اليوم، فإن مريضنا الأول كايبا يتمتع بالنشاط والصحة الجيدة، وهو بعمر الثلاث سنوات ويرتاد المدرسة التحضيرية ويتمتع بمستقبلٍ مشرق، لقد كان أداء الجهاز حتى أفضل مما كان بإمكاننا أن نتصوّر".

فيديو عن التقنية :

غاريت الآن بعمر السنتين ونصف، وقال والد الطفل "إن غاريت سعيدٌ جداً، وليس هناك أي أثر على وجود مشكلة في جبيرة شُعبه الهوائيّة، كما أنّه بدأ يتعلم الوقوف بمفرده".

تلقى الأطباء تصريح طارئ من إدارة الأغذية والعقاقير FDA لإجراء هذه العمليات كملاذ أخير.

ويتتبّع الأطباء الآن تجربة سريرية للمواد الحيوية الرباعية الأبعاد (4D) لمرضى يعانون من حالات أقل قسوة من مرض تليّن القصبات الرئويّة (tracheobronchomalacia).

وقال غرين: "لقد كنا نجتمع مع إدارة الأغذية والعقاقير FDA لوضع خطة لوضع 30 طفل كجزء من التجربة السريرية، وسيتم ذلك على أطفال يعانون من حالات أقل قسوة من مرض تليّن القصبات الرئوية (tracheobronchomalacia) ولكن ليس الحالات التي تهدِّد الحياة لهذا المرض كالأطفال الثلاثة الذين قمنا بعلاجهم في البداية".

قدّم هوليستر وغرين طلب للحصول على براءة اختراع عن هذا الجهاز.

المصدر:

هنا

لمزيد من التفاصيل: هنا

رابط الجزء الأول:هنا

للمزيد حول الطباعة ثلاثية الأبعاد يمكنك الاطلاع هنا هنا

للمزيد حول الطباعة رباعية الأبعاد هنا