الطبيعة والعلوم البيئية > علم البيئة

الملاحة البحرية وتلوث هواء السواحل

استمع على ساوندكلاود 🎧

توصلت دراسة جديدة إلى أن الهواء على طول الخطوط الساحلية يتعرض بشكلٍ كبيرٍ لمستويات خطيرة من التلوث الناجم عن الجسيمات النانوية* (الجسيمات متناهية الصغر) القادمة من الملاحة البحرية.

كانت نصف الجسيمات التي تم قياسها تقريباً قادمةً من انبعاثات الملاحة البحرية بينما أتت الأجزاء الأخرى بشكل رئيسي من عوادم السيارات ومن احتراق الكتلة الحيوية، ومن المصانع مع وجود جسيماتٍ طبيعيةٍ قادمةٍ من البحر.

كانت هذه هي المحاولة الأولى من نوعها لتقدير نسبة انبعاث الجسيمات النانوية الناتجة عن الملاحة البحرية، حيث لم يسبق أن تم تمييز الأنواع المختلفة من هذه الجسيمات، وقد جعلت الطريقة الجديدة التمييز بينها أمراً ممكناً نتيجة جهود أحد باحثي تقنية الأريزولات Aerosols ** في كلية الهندسة بجامعة Lund السويدية.

لم يعد التلوث البري القادم من دول أوروبا الشرقية وانبعاثات الجسيمات الطبيعة من سطح البحر يمثل نسبة ضخمة كما كان معتقداً. يمكن أن تكون الجسيمات النانوية مضرة بشكل خطير لصحتنا، وذلك نتيجةً لحجمها الصغير الذي يجعلها قادرة على التسلل والدخول إلى الرئتين بشكل أكبر وأعمق من الجسيمات الكبيرة مساهمة بذلك في التسبب بأمراض القلب والرئة، حيث أن حجم سنتيمتر مكعب من الهواء يمكن أن يضم عدة آلاف من الجسيمات النانوية.

بالعودة إلى هذه النتائج، دُرِسَ مسار تيار الهواء شمال السويد الذي يجتاز بحر البلطيق متجهاً إلى ساحل ليتوانيا. عادة ما يكون اتجاه الرياح شرقياً ويمكن للجسيمات أن تنتقل لمسافات طويلة في الهواء قبل أن تنتهي محجوزة في رئاتنا أو تُغسل بمياه الأمطار. دُرِسَ أيضاً تيار الهواء القادم من محطة واقعة في نهاية الأرخبيل والمتجه نحو المحطة الليتوانية.

بمقارنة مستويات الجسيمات النانوية، تمكن الباحثون من استخلاص النتائج عن النسب المئوية للجسيمات النانوية الناتجة من الملاحة البحرية وتلك الناتجة من عوادم السيارات وغيرها من الانبعاثات.

يُتَوَقَّع أن الجسيمات المنبعثة من الملاحة البحرية في بحر الشمال وبحر البلطيق تساهم في التسبب بـ 10000 حالة وفاة مبكرة*** كلَّ عام، ولكن التقديرات غير مؤكدة وتحتاج لمتابعة إجراء هذا النوع من القياسات، إضافةً إلى الحاجة إلى سنّ تشريعات رقابية أكثر صرامة على أكاسيد النتروجين ومحتوى الكبريت في وقود السفن وهباب الفحم**** المنطلق.

أُقرّ هذا العام قانون جديد خاص ببحر الشمال وبحر البلطيق قللّ محتوى الكبريتات في الوقود إلى نسبة 0.1%، ومازال علينا كباحثين النظر إلى الآثار الإيجابية التي تم الحصول عليها حتى الآن فيما يتعلق بمستويات الجسيمات الملوِّثة للهواء.

حاشية:

(*) الجسيمات النانوية Nanoparticles : هي جسيمات مجهرية، متناهية الصغر، بعد واحد من أبعادها على الأقل طوله أقل من 100 نانو متر. تعتبر الجسيمات النانوية حالياً محطّ لأبحاث علمية مكثفة وذلك نظراً لوجود مجموعة واسعة من التطبيقات المحتملة لها في مجالات الطب الحيوي والالكترونيات والمجالات المتعلقة بالبصريات.

المصدر: هنا

(**) الأريزولات Aersols: هي جسيمات دقيقة تكون معلقة في الغلاف الجوي، عندما تكون هذه الجسيمات كبيرة بالشكل الكافي يمكن لنا ملاحظة وجودها لأنها تمتص وتُشتت أشعة الشمس. يسبب تشتيت الأريزولات لأشعة الشمس تقليل الرؤية ويصبح الجو ضبابياً بالإضافة إلى أن منظر غروب الشمس وشروقها يصطبغ باللون الأحمر.

المصدر: هنا

(***) هباب الفحم Soot Particles: يضم الجسيمات السوداء الناعمة وعلى رأسها الجسيمات المكونة من الكربون، تنجم عن الاحتراق غير الكامل لكل من: الفحم، النفط، الخشب وغيرها من أنواع الوقود. يمكن لهباب الفحم أن يتكون من: أحماض، مواد كيميائية، معادن، تُربة وغبار. جسيمات هباب الفحم صغيرة للغاية قطرها أصغر من 2.5 ميكرومتر، وهذه القيمة أصغر من الغبار والعث وتشكل حوالي 1/30 من قطر شعرة رأس الإنسان.

المصدر: هنا

(****) حالات الموت المبكر Premature deaths: تعني موت الإنسان قبل بلوغه عمراً متوقعاً، مثلا قبل بلوغه عمر 75 عاماً. والعديد من حالات الموت هذه يمكن الوقاية منها.

المصدر: هنا

المصدر:

هنا