علم النفس > الصحة النفسية

1- ما هو مفهوم الأمل

استمع على ساوندكلاود 🎧

المهمة المُستحيلة

هل توجد مهمة مستحيلة؟ هل نستطيع الاستمرار بالنظر إلى النصف المليء من الكأس فقط؟ هل بمقدورنا أن نقلب معادلة العيش من التشاؤم إلى التفاؤل ومن اليأس إلى الأمل الدائم؟ هل استمرارنا في المحاولة لتحقيق ذلك ممكن مهما اعترضنا من عراقيل؟ وهل توجد وصفة سحرية أو جرعة من دواء الأمل تشفينا من اليأس والاحباط؟ دعونا نكتشف ذلك.

عندما قرّرت (Kelly James-Enger) وزوجها أن يتبنيا ولداً بعد سنواتٍ طويلةٍ من العقم كانت العملية سلسةً وسهلةً بشكل غير متوقّع، إلاّ أنّ الأمر أصبح أكثر صعوبة بل شبه مستحيل عندما قررا تبني طفلٍ آخر بعد ثمانيةَ عشرَ شهراً من تبنيهما لطفلهما الأول وقد عبّرت (Kelly) عن ذلك بقولها: "كل شيءٍ سيءٍ ممكن أن يحدث قد حدث". خمسُ محاولاتٍ فاشلةٍ، ومن بينها المحاولة التي كانوا فيها على وشك الحصول على الولد اللذان يرغبان به قبل أن تغير أمّه في اللحظة الأخيرة رأيها في وضعه أساساً للتّبني.

لم تفقد "كيلي" هدفها أبداً على الرغم من خيبات الأمل المتكررة وقالت: "الأمل هو وحده من شحذ عزيمتي وجعلني أستمر في المحاولة".

و ينتج عن الأمل العديد من الأمور الإيجابية بما فيها السعادة العارمة، أفضل الإنجازات الأكاديميّة وحتى إمكانية التقليل من خطر الموت.

الأمل ضروري في حياتنا ليس فقط لتجاوز الأوقات العصيبة وإنّما لتحقيق أهدافنا اليومية. اذاً الأمل مفيدٌ لكلّ شخص "فالأمل هو منبعٌ للفرص المتساوية".

ولكن ما التعريف الدقيق للأمل؟

يُفضّل معظم علماء النفس الذين يدرسون الشعور التّعريف الأخير للأمل و الذي عدّله (Charles R. Synder)، المُعالج النفسي والبروفسور في جامعة كنساس ومؤسس بحث "الأمل". ففي تعريفه يتألف الأمل من ثلاث مكونات: "الأهداف"، و"الوسائل"، و"الطُرق". وببساطة فإنّ "الوسائل": هي قدرتنا على تشكيل ورسم حياتنا حيث الثقة والإيمان بقدرتنا على إنجاز الأمور والدافع أو الحافز لتحقيق النتيجة المرجوة. أمّا "الطُرق": فهي كيفية الوصول إلى هدفنا، والخطط التي نضعها لإنجاز المهمة والوصول إلى الهدف سواء أكان هدفنا هو تبني طفل، النجاة من إعصار أو حتى خسارة بضع غرامات من أوزاننا و حسب.

و يرتبط "التفاؤل" بـ "الأمل" ارتباطاً وثيقاً. حيث أنّ (James-Enger) كانت دائمة التفاؤل ولم تفقد يوماً الأمل حتى في أسوأ أيام صراعها وأحلكها سواداً من أجل التبني وعبّرت عن ذلك بقولها: "بالتأكيد أنا من النوع الذي ينظر إلى النصف المليء من الكأس إن لم يكن ثلاثة أرباعه المليئة". ثمّ وبعد ثلاث سنوات آتى الأمل أُكله وأحضرت جيمس ابنتها إلى المنزل أخيراً. إلاّ أنّ Lopez قال: "يشكّل التّفاؤل فقط نصف الأمل". حيث أنّ "التّفاؤل" هو شعورٌ عام بأنّ أموراّ جيدة على وشك الحدوث، بينما يركّز الأمل على أهداف محددة.

و يختلف "الأمل" عن "التّمني". فالتمنّي موجود في كل زمان ومكان و لكنه قد يكون مجرد هروب من الواقع، إلاّ أنّ "الأمل" يعمل على مواجهة الواقع, كان هذا ما قاله (Jon G.Allen)، البروفسور ومعالج نفسي في مشفى (The Menninger Clinic) وطبيب نفسي في هيوستن، وأردف قائلاً: "الأمل كما أراه هو الحافز الذي يبعث فينا العزيمة لنصل إلى ما نود الوصول إليه". ويعتقد Jon أنّ جزءاً كبيراً من هذا الحافز يأتي من العلاقات مع الآخرين. فقد رأى مراراً وتكراراً أهميّة الدعم الاجتماعي للشعور بالأمل فقال: "إنّ الشعور النفسي بأنك غير مرئي ووحيد هو العكس الصريح للأمل". باختصار الأمل هو الإيمان بقدرتنا على إنجاز الأمور مع التأكيد على وضع الأهداف والعمل للوصول إليها، بالإضافة إلى عامل الدعم الاجتماعي بأن يكون لديك أناس يمكنك الاعتماد عليها وآخرون يعنون لك الكثير في حياتك، فالتواصل الاجتماعي أساسي للشعور بالأمل.

المصادر:

هنا