الطب > موسوعة الأمراض الشائعة

داء كاوازاكي Kawasaki Disease

استمع على ساوندكلاود 🎧

يُعتبَر داء كاوازاكي سبباً رئيسياً لأمراض القلب عند الأطفالِ في الولايات المتحدة الأميركية، حيث يزور 3000 طفل مُصابٍ المشافي للعلاج سنوياً، وهو عبارةٌ عن التهابِ أوعيةٍ مُعمَّم يصيبُ الشرايين الصغيرة والمتوسطة بشكل خاصٍ مع إمكانية إصابة الأوردةِ و الشعريات الدموية والشرايين الكبيرة، ويعد تشخيصُهُ المبكر والبدء المبكر بالعلاج من العوامل المهمة في تقليل احتمالِ حدوثِ الإصابة القلبية التي قد تكون مميتة في بعض الأحيان.

كان الطبيبُ اليابانيُّ توميساكو كاوازاكي Dr. Tomisaku Kawasaki أولَ من وصف داء كاوازاكي سنة 1967، ووُجِدت أعلى مستويات للإصابة في اليابان حيث تسجل 5-6 آلافِ حالةٍ سنوياً، ولوحظت نسبٌ أعلى بين الأميركيين من أصول آسيوية، علماً أنه قد يصيب الأعراق كافة، كما يصيب الذكورَ أكثرَ من الإناثِ بمعدل الضعف، وهو أشيع عند الأطفال تحت عمرِ الخمسِ سنواتٍ مع ذروةِ حدوثٍ بعمر السنتين.

تشيع الإصابة به أواخرَ الشتاءِ والربيعِ على شكل وباءٍ مع إمكانية حدوثه على مدار السنة.

ما الذي يسبب الإصابة بداء كاوازاكي؟

لم تُعرَف أسبابُ الإصابة حتى الآن، إنما يُعتقد بوجودِ استجابةٍ مناعيةٍ ذاتية (تهاجَم خلايا الأوعيةِ الدمويةِ من قِبل الجهاز المناعي للجسم نفسه) واستعدادٍ وراثي (ارتفاع نسبة الحدوث عند أقرباء الأطفال المصابين بمعدل 10 -20 ضعف أكثر من عامة السكان) ويُطلَق هذا الجواب المناعي الذاتي نتيجةَ وجودِ عاملٍ ممرِض (فيروس مثلاً) وما يعزز هذه الفرضيةَ الصورةُ الوبائيةُ لهذا الداء. من العوامل الممرضة المتهَمة: فيروس البارفوفيروس B19، الميكوبلازما، المكورات السحائية، الفيروسات الغدية،... ومع ذلك تشير البيانات الوبائية إلى أن انتقالَ المرضِ من شخصٍ إلى آخرَ غيرُ محتَمَل.

ما هي الأعراض والعلامات السريرية التي تدعو للشك بالإصابة بداء كاوازاكي؟

1- الحمى المُتدرِّجة بين المتوسطة والعالية.

2- طفح حُمامي (أحمر) يظهر على الظهر والصدر والبطن وقد ينتشر إلى الوجه.

3- احمرارُ الملتحمة ثنائي الجانب (90%).

4- تشققُ واحمرارُ الشفتين مع احمرارِ باطن الفم وتوذمِ اللسان واحمرارِهِ ليصبح شبيها بالفراولة (يسمى لسان الفراولة).

5- وذمةٌ واحمرار في باطن اليدين والقدمين.

6- اعتلالُ وضخامةُ العقد اللمفاوية الرقبية (75%)، وتكون غالباً وحيدةَ الجانبِ وغيرَ قيحيّة، و حجمها حوالي 1.5 سم.

7- تقشراتٌ على مستوى اليدين والقدمين، تبدأ غالباً خلال الأسبوع الثاني من بدء الإصابة.

8- قد تحدث آلامٌ مفصليةٌ بعد اختفاء التظاهرات الأخرى ولكنها لا تترك عقابيلَ.

9- بيلةٌ قيحيةٌ عقيمة (وجود كريات بيضاء في البول أعلى من الحد الطبيعي).

10- التهاب العضلة القلبية والتهاب التامور.

تحدث الإصابة القلبية لدى طفلٍ واحدٍ من كلِّ 5 أطفالٍ مصابين بداء كاوازاكي خاصةً في الأعمارِ تحتَ السنةِ وذلك خلال أسبوعين من بدء الحمى، وتتجلى الإصابة بتوسع الشرايين الإكليلية (الشرايين المغذية للقلب) وتشكيلِ أمهات دم (توسعات نتيجة ضعف في جدران الشرايين فتشكل ما يشبه الجيب المفتوح على لمعة الشريان) تؤهب لتشكل الخُثار وبالتالي الاحتشاء.

كيف يوضَع التشخيصُ في داء كاوازاكي؟

لا توجد استقصاءاتٌ نوعيةٌ لتشخيص داء كاوازاكي، وإنما يعتمد على المعايير السريرية السابقِ ذكرُها وتُدعَم بالتحاليل المخبرية الدموية (ارتفاعِ تعداد الكريات البيض، ارتفاعِ سرعة التثفل، ارتفاعِ تعداد الصفيحات الدموية، ارتفاعِ البروتين الارتكاسي C) والبولية (البيلة القيحيّة العقيمة، ارتفاع ألبومين البول) والاستقصاءاتِ الشعاعية حيث يتم إجراء ايكوغرافي للقلب (عند بدء المرض، في الأسبوع الثاني وفي الأسبوع السادس إلى الثامن) خلال الطور الحاد لمراقبة وتحديد وجود إصابةٍ قلبية.

العلاج:

يُعالَج المصابون بداء كاوازاكي في المستشفى مع التركيزِ على الراحةِ والبدء المبكِّر بالعلاج، وتقدر مدة الاستشفاء بين عدةِ أيامٍ لعدة أسابيعَ. يعتمد العلاج على الأسبيرين بجرعات عالية بدايةً ثم يُخفَّض حسب تطور المرض حيث يستخدم كخافضٍ للحرارة ومضادٍ للالتهاب ومانعٍ لالتصاق الصفيحات (يمنع تشكل الخثرات)، كما تُستخدَم الغلوبيولينات المناعية الوريدية IVIG. وفي حالِ المقاومة للعلاج استُخدِمت المُركَّبات الستيروئيدية وInfliximab. علاجٌ جديدٌ استُخدِم في اليابان في الحالات المقاومة للـ IVIG وهو Ulinastatin وهو مثبط لأنزيمٍ في الكريات البيض من نوع العدلات يسمى الإيلاستاز أظهر فعاليةً في علاج داء كاوازاكي.

في حال غيابِ أي دليلٍ على وجودِ إصابة قلبية من الضروري استمرارُ المتابعة الدورية بعد الشفاء من الطور الحاد للمرض، حيث تتم المراقبة بواسطة إجراء ايكوغرافي للقلب بعد سنةٍ وبعد خمسِ سنواتٍ من حدوث المرض لكشفِ أي مشكلة قلبية لم تظهر في بادئ الأمر.

أما عند وجود الإصابة القلبية يتابعُ المريض عند اختصاصيّ الأمراض القلبية مرتين سنوياً مع المتابعة على دواء الأسبيرين، يُجرى اختبارُ للجهد لتحديدِ وجودِ عقابيلَ وظيفيةٍ للداء الإكليلي الشرياني، مع تقييمٍ مخبري لشحوم الدم بشكل روتيني.

وبذلك نكون قد ألقينا الضوء على واحد من أمراض الأوعية الدموية الهامة الذي يسهم تشخيصه وعلاجه المبكر في تحقيق الشفاء دون عقابيل، وسيكون جزءاً من سلسلة لاحقةٍ نتحدث فيها عن هذه الأمراض بشكل أوسع، فتابعونا.

المصادر:

هنا

هنا