الفيزياء والفلك > علم الفلك

اختبار مقراب "جيمس ويب" الفضائي ضمن حُجرات تُحاكي الظروف الفضائيّة.

استمع على ساوندكلاود 🎧

بَدأ العمل على بناء مقراب (تلسكوب) جيمس ويب الفضائي James Webb Space Telescope منذ أكثر من عشرةِ سنوات وبالإضافة للمدة الزمنية الطويلة فإنه استهلك كذلك ميزانية كبيرة، لذا فإن مثل هذا المشروع لن يتم ويشرع بعمله دون أن يمر بعدة مراحل من الفحص والتدقيق.

الأجهزة التي ستُحلّق بالفضاء على متنِ مقراب جيمس ويب الفضائي لا ينبغي لها فقط أن تكون قويّة لتتحمل درجات الحرارة المنخفضة جدًا في الفضاء، بل ينبغي أيضًا أن نضمن عملها بشكلٍ مناسب أثناء تواجدها في محيط أو بيئة تعجّ بالأمواج الكهرومغناطيسية كمقراب جيمس ويب، لذا تمَّ القيام بإجراء إختباراتٍ تضمّنت شروطاً مماثلةً من حيث درجات الحرارة وتواجد الأشعة الكهرومغناطيسية، ومؤخراً إجتازت تلك الأجهزة الاختبار المتعلّق بالأشعة الكهرومغناطيسية، الذي تم إجراؤه على كوكبِ الأرض في حجرةٍ فريدةٍ من نوعها موجودة ضمن مختبر ناسا للتداخل الكهرومغناطيسي أو ما يُعرف إختصاراً بـ EMI .

دعونا في البدء نتعرّف على هذه الحجرة: داخل تلك الحجرة البيضاء تبرز بُنى صغيرة مخروطية الشكل من جدرانها، ويُشرف على عمل هذه الحجرة المهندسون الذين نجحوا مؤخراً في إختبار إحدى المعدات التي تُدعى ISIM وهي عبارة عن وَحدَة من الأجهزة العلمية المتكاملة، ستُحمل على متن المقراب الفضائي.

وحدة ISIM تُعتبر بمثابة أعيُن وآذان المقراب، والهدف من ذلك الإختبار هو التأكد من أن تلك الأعيُن والآذان سوف ينسجم عملها بصورةٍ صحيحةٍ مع وجود بيئة كهرومغناطيسية تحيط بها في المقراب الفضائي. أما عن طريقة إجراء الاختبارات فقد قام المهندسون بنصبِ عدة هوائيات داخل المختبر لأخذ القياسات المختلفة، مُهمتهم الأولى كانت قياس مقدار الأشعة الكهرومغناطيسية المنبعثة من وحدة (ISIM) لتحديد نسبة التداخل المُحتمل لتلك الأشعة مع بقية أجهزة المقراب. كما قاموا بالأمر نفسه بشكلٍ عكسيّ وسلّطوا أشعة كهرومغناطيسية على الوحدة لتحديد نسبة التداخل المحتمل الصادر عن باقي أجهزة المقراب. وكان من الضروري لتلك الاختبارات أن تُجرى ضمن حجرة عديمة الصدى، وهنا تأتي وظيفة البُنى المخروطية البارزة من الجدران التي تمتص الطاقة الكهرومغناطيسية من أجل تقليل الانعكاسات إلى أقلِ حدٍ ممكن، وذلك حتى لا ترتد تلك الأشعة عن الجدران وتندمج فيما بعد مع الأشعة الأصلية، حيث أن ذلك فيما لو حدث سيُسبب تعكير دقة الإختبار.

يقول "John McCloskey" رئيس فريق المهندسين في مختبر EMC: "إن المواد الماصة للصدى سوف تُقلل من الانعكاسات لكي تُعطينا أكبر مقدار من التحكم بالاختبار، فالجدران المعدنية هي كالمرايا بالنسبة للأشعة الكهرومغناطيسية، وتلك الجدران مُصممة لامتصاص طاقة الأشعة وخفض الإنعكاسات إلى الحدِ الأدنى، لذا نحن نعرف بالضبط ما نقيسه من أشعة، فنحن نريد بالواقع أن نقيس ما هو قادم مباشرةً من وحدة ISIM، وليس ما هو ناتج عن انعكاسات مضاعفة داخل الحجرة”.

خُصّص للاختبار السابق مدة 10 أيام ولكن الفريق أتمَّ كل ما يتعلق بالاختبار خلال 8.5 يوم، وكانت كلها ناجحة بشكلٍ مثالي.

يضيف جون John :”هذا الإختبار مهم للغاية لأنه عندما يبدأ المقراب جيمس ويب عمله في الفضاء، فإنه وعند تحديدهُ لمسافة مجرةٍ ما أو أجسامٍ فلكيةٍ أخرى، فنحن سيكون لدينا ثقة كاملة بأن تلك الأجسام حقيقية وموجودة وليست مجرد ومضة ظهرت على الشاشة بسبب تداخل لأشعة كهرومغناطيسية.”

أما الآن فإن وحدة (ISIM) داخل حجرة الفراغ الحراري ضمن مركز الطيرانGoddard التابع لناسا، حيث تَخضع لإختبارها الأخير الخاص بالتجمّد، وهذا الإختبار سوف يُتيح لنا التأكّد من أنَّ أعيُن وآذان المقراب سوف تعمل بشكلٍ سليم ضمن درجات الحرارة المنخفضة جدًا في الفضاء.

الصور التي ستأتينا من المقراب سوف تكشف لنا عن المجرات الأولى التي تشكّلت عند مرحلة الكون المبكر قبل حوالي 13.5 مليار عام، كما أن هذا المقراب سيُمكننا من النظر عبر سُحب الغبار بين النجمي ما يُعطينا المقدرة على رؤية عمليات تشكّل الكواكب والنجوم في مجرتنا.

عندما يستقر المقراب في موضعه في الفضاء سيكون على بعد مليون ميل عن الأرض (1.6 مليون كم) في بيئة ذات درجات حرارة منخفضة للغاية (233 درجة مئوية تحت الصفر)، درجة الحرارة هذه أبرد بـ126 درجة مئوية من أبرد بقعة وُجِدت على سطح الأرض على الإطلاق.

يُذكر ان مقراب جيمس ويب هو خليفة مقراب هابل الفضائي وسوف يكون المقراب الفضائي الأقوى والأضخم من بين المقاريب الفضائية التي تم بناءها، وهو نتاج عمل دولي مُشترك بين وكالة الفضاء الامريكية ناسا ووكالة الفضاء الأوروبية ووكالة الفضاء الكندية.

-لمعلومات إضافية عن أجهزة مقراب جيمس ويب: هنا

المصدر: هنا