العمارة والتشييد > التصميم المعماري

إعادة تأهيل Town River أحد توائم نهر بردى في الصين

استمع على ساوندكلاود 🎧

تتمتع غرفة الضيوف أو المضافة في الثقافة العربية بشكل خاص ومختلف الثقافات الأخرى على العموم، باهتمام خاص يوليه صاحب المنزل لها، فمظهرها يُعبر بشكل كبير عنه وعن منزلته الاجتماعية، حالها كحال مشروعنا الذي اخترناه لكم اليوم، حيث أن فكرته التصميمية تتمحور حول إيجاد فراغٍ مُبهج للاستقبال في قلب المركز التجاري لمدينةZhangjiagang

تعالوا معنا على الرابط التالي لنتعرف أكثر على النهر وعملية إعادة تأهيله، ومُماثلتِه لشريان دمشق، بردى..

تحدثنا في مقال سابق عن عدة تجارب عالمية لإعادة إحياء وتأهيل مجاري الأنهار داخل المدن وتأثيرها على المدينة بشكل عام ويمكنكم الإطلاع على هذا المقال من الرابط التالي:

هنا

كما تحدثنا في مقال آخر عن مشروع لإعادة تأهيل مجرى نهر بردى في مدينة دمشق. هنا

واليوم نضيف لباقة هذه المشاريع مشروعاً متميزاً في هذا المجال:

يقع نهر المدينة إلى الجنوب من الشارع التجاري في مركز المدينة ويبدأ من ميناء Gudu في الشرق ويمتد حتى بوليفار* Gangcheng في الغرب بطول إجمالي يبلغ 2.2 كم، وبمعدل عرض يقارب 12 م، ومنذ التسعينات بدأت المدينة بالتوسع حول النهر حتى أصبح ما يقارب نصف ضفتي النهر مغطاة بالمنازل التي تصرف مياه مجاريها مباشرة إليه، مما جعل من الصعب جداً أن يتم جرف النفايات على مدار السنة، وأدى لتلوث مياه هذا النهر الذي كان له مكانة خاصة في قلوب سكان المدينة، وأصبحت البيئة المحيطة بالنهر بحالة فوضى عارمة،إضافة لازدحام حركة المرور، والأبنية القديمة والبالية المجاورة.

إلى أن تعاقدت سلطات مدينة Zhangjiagang مع مكتب Botao ليس من أجل تنظيف النهر فحسب، وإنما لإعادة تأهيل المنطقة المحيطة به كلياً ، وبدأً المشروعين بخطوط أولية سريعة للفكرة التصميمية، وسرعان ما تطور ليشمل عملية تجديد كاملة للبنى التحتية في المنطقة، فبالإضافة لأحواض النباتات الخضراء والإضاءة الليلة المبهرة، قدم فريق التصميم مخططاً لشارع جديد يتضمن مواقف للسيارات تحت منسوب الأرض لحل أزمة المرور، كما عالج الواجهة المائية النهر مما يعيد له مظهره البيئي، ويتيح بالوقت نفسه مكاناً مبهجاً مرحباً يستخدمه المارة للاسترخاء، إضافة لشريط تجاري على ضفة النهر ليعود بالمنفعة الاقتصادية للمدينة.

ويصف مكتب Botao التصميم بأنه مستوحى من الطراز الصيني الحديث مع إضافة عناصر بسيطة للتعبير عن هوية الثقافة الصينية، فقد قُسِّم المشروع لثلاثة أقسام متميزة: أولها مرفأ Gudu، وثانيها كورنيش المشاة، وثالثها ساحة موقف السيارات السابق، بحيث يصل النهر بين هذه الأقسام الثلاثة، وفي منتصفها يقبع المرفأ بحلته الجديدة.

وقد عكس المكتب ثقافة Jiyang المتأصلة في المدينة من خلال الخطوط المنحنية، والنباتات المحلية، ومواد الإكساء المختلطة، حيث تعبر هذه العناصر جميعها عن حياة وتاريخ قاطني المنطقة والعائلات التي حكمتها وقامت ببناء الميناء القديم والأحياء المحيطة به .

وقد أتاح التصميم إمكانية مرور المشاة بجانب مياه النهر ليروا ماضيهم منعكساً على المياه، أو لينظروا باتجاه مستقبلهم المتمثل بأطفالهم الذين يلعبون متراشقين بالمياه - التي أصبحت نقيّة الآن - وهي تنساب على أقدامهم العارية. إذ تمكن المصممون من تنظيف مياه النهر عبر إعادة تحويل المسيلات المطرية الموجهة إليه، وتطوير نظام تصريف المياه في المنطقة المحيطة.

كما أخذ فريق التصميم الثقافات الموجودة في المنطقة بعين الاعتبار، حيث استخدموا التغطيات الخيمية، والمزروعات، والجدران لمحاكاة المظهر البصري في المنطقة الموجودة إلى الجنوب من نهر Yangtza، كما قاموا بتدعيم وإصلاح الجسور الموجودة على النهر بدلاً من استبدالها، مما كان له أثر كبير بالتأكيد على هوية المكان، بالإضافة لاستخدام رمز "المحرمات الثمانية" في تصميم الميناء وذلك احتفاءاً بسكان منطقة Yangshe القديمة.

ولم يغفل المصممون الناحية الوظيفية في التصميم، حيث تضمن التصميم مقهىً، ومعرضاً للفن الشعبي، ودورات مياه لتؤمن احتياجات المستخدمين، دون التأثير على جمالية التصميم، فالعمارة الصينية تسعى جاهدة لتحقيق التوازن بين الشكل والوظيفة في عملية التصميم.

كما لعب أسلوب العرض والإخفاء الذي اتبعه المصممين دوراً هاماً في التصميم ، فقد قاموا بإخفاء مبنى المعرض بين الأشجار المحيطة، مما سمح للمقهى بأن يكون مرئياً، وبإطلالة مفتوحة على ضفة النهر تخدم طبيعته الاستثمارية، كما حققت دورات المياه توازناً بكونها مخفية، وسهلة الوصول في الوقت ذاته، وذلك بتغطيتها بالعناصر النباتية المحيطة.

كثيرةٌ هي المشاريع التي تُبهر أبصارنا، وتُداعبَ مشاعرنا، تاركةً أحلامنا مُعلقةً على ناصية الأمل في أن يعود لبردى رونقه ويساهم في تحسين المظهر البصري لمدينة الياسمين، دمشق.

فسلاماً من صِبا بردى أرقُّ ودمعٌ لا يُكفكفُ يا دمشقُ

علّنا نشاهد قريباً مشروعاً مشابهاً يستهدف النهر الذي أسر قلوب الأجيال التي تعاقبت على دمشق.

----------------------------------------------------------

بوليفار* : الطريق العريض المشجر من طرفيه أو من وسطه. Cambridge advanced learner dictionary 3rd edition


المصادر:

هنا

هنا