التوعية الجنسية > الحياة والحقوق الجنسية والجندرية

الميول الجنسي Sexual Orientation

استمع على ساوندكلاود 🎧

سنقوم أولاً بتوضيح بعض المصطلحات حتّى لا تختلط الأمور علينا:

لكل منّا جهازُه التناسليُّ، وهذا ما يحدّد فيما إذا كان أحدنا ذكراً، أنثى أم خنثى*. أمّا جنسُنا Gender فيحدّدُ حالَتنا الإجتماعيّة والقانونيّة في كوننا رجالاً أم نساءً. وكل ما سبقَ لا يحدّد ميولكَ الجنسيّ، فالميول الجنسيُّ Sexual Orientation هو المصطلح المُستعمَل للدلالةِ على شعور الرغبة الجنسية لدى الفردِ تجاهَ أفرادٍ آخرين ينتمون لنفس جنسِهِ، أو للجنسِ الآخر أو قد يشعر بالرغبةِ تجاه الجنسَين معاً.

كذلك، لكلٍّ منّا هويته الجنسيّة Gender Identity، وهو أعمقُ شعورٍ لدينا تجاهَ جنسِنا؛ فقد نتصرّف بشكلٍ ذكوريٍّ أو أنثويٍّ أو كليهما معاً، أو قد لا نتصرّف كذكور ولا كإناث، وعندما لا يتطابق الجهازُ التناسليُّ مع الهويّة الجنسيّة، يُدعى الشخص بالمتحوِّل جنسيّاً Transgender.

إذاً، عندما نفهم جهازَنا التناسليَّ وجنسَنا وهويّتَنا الجنسيّة وميولَنا الجنسيَّ يمكننا أن نفهم أنفسنا، وبالتالي علاقتنا مع الآخرين، بشكلٍ أفضل.

سنتكلّم عن الهويّة الجنسيّة في مقالٍ لاحقٍ، فيما سنستعرض الميول الجنسيّ في مقالنا هذا.

يُقسم الميول الجنسيُّ بشكلٍ عامٍ إلى ثلاث فئاتٍ وهي:

١-غيريو الجنس heterosexual: وهم الأفراد المنجذبون إلى الجنس الآخر "ذكر لأنثى وأنثى لذكر".

٢- مثليو الجنس homosexual: وهم الأفراد المنجذبون إلى نفسِ جنسِهم "ذكر لذكر، وأنثى لأنثى".

٣- ثنائيو الجنس bisexual: وهم الأفرادُ المنجذبون إلى كلا الجنسين معاً.

ويتضمّنُ هذا الميولُ مشاعرَ الفردِ وإحساسَه بهويّته، وقد يتجلّى إفصاحُه عن مشاعره بشكلٍ واضحٍ في سلوكه ومظهرِه وقد لا يكون واضحاً. إذ من الأفراد من يملك انجذاباً تجاه آخرين من ذات الجنس أو من الجنس الآخر، ويختار ألّا يظهر هذه المشاعر. على سبيل المثال؛ قد يختار ثنائيو الجنسِ البقاء في علاقةٍ مع شريكٍ واحدٍ من جنسٍ واحد، ولذلك يُفضِّلُ بألّا يظهر مشاعرَه تجاهَ الجنس الآخر، كأن تختارَ المرأة رجلاً واحداً وتخفي انجذابَها لامرأةٍ أخرى

ويتبادر لأذهاننا سؤالٌ وهو: كيف يعلم الناس بميولِهم الجنسيّ؟ وهل يمكنهم تغييرُه؟

يصبحُ الميولُ الجنسيّ واضحاً بالنسبة للكثير من الناس خلال فترة المراهقة أو فترة الشباب، وفي كثيرٍ من الحالات من دون أيّ تجربةٍ جنسيّة. على سبيل المثال، يدرك مثليو الجنس أنّ أفكارَهم وأنشطتَهم الجنسيّة تركّز على أفرادٍ من نفس الجنس. ومن جهةٍ ثانية، يمكن أن يمتلك البعضُ تصوّراتٍ وتخيلاتٍ أو أن يكونوا فضوليين حول أفرادٍ من نفس الجنس دون أن يكونوا مثليي الجنس أو ثنائيي الجنس، أو قد يختاروا إظهارَ هذه الرغبات والإنجذابات.

ويتفق معظمُ العلماء على أنّ الميولَ الجنسيَّ هو نتيجةٌ لمزيجٍ من العوامل البيئيّة والعاطفيّة والهرمونيّة والبيولوجيّة. وبعبارةٍ أُخرى؛ هناك العديد من العواملِ التي تساهم في الميولِ الجنسيّ لشخصٍ ما، ويمكن أن تختلفَ العواملُ باختلاف الأشخاص.

إذاً، فالميولُ الجنسيّ ليس خياراً ولذلك لا يمكن تغييرُه. ولكن قد يخفي البعض ممّن هم مثليو الجنس أو ثنائيو الجنس ميولَهم ليَحيوا كغيريي الجنس تجنّباً للتعصّب والتحيّز الذي يتعرّض له مثليو وثنائيو الجنس، أو تجنّباً لمعضلاتٍ أخلاقيّة قد يواجهونَها نتيجة تعارُضِ ميولِهم مع معتقداتٍ شخصيّة.

هل أولُ ميولٍ جنسيٍّ تتعرّض له سيحدّد ميولك بشكلٍ دائمٍ؟

في الحقيقةِ وخلال سنواتِ المراهقة، تكون الإنجذاباتُ لأفرادِ الجنسِ ذاتِه شائعةً، وقد يمارسُ بعضُ المراهقين الجنس بحسبِ ميولهم في هذه المرحلة. ولكنّ هذه التّجارب الأولى لا تعني بالضرورة أنّ المراهق سيكون مثليّاً أو ثنائيّ الجنس عندما يكبر، كما أنّها لا تنفي ذلك؛ فقد لا تتلاشى هذه الإنجذابات بل تكبرُ وتتنامى.

وهنا تجدرُ الإشارةُ إلى أنّ الفردَ لا يصبح مثليّاً أو ثنائيَّ الجنس بسبب طريقةِ تربيةِ والدَيه له، أو بسبب تجربةٍ جنسيةٍ مع شخصٍ من نفس الجنس عندما كان صغيراً.

والآن، بعد أن علمنا بأنّ تغييرَ الميولِ الجنسيِّ عند الفرد ليس أمراً اختياريّاً، فماذا يمكننا أن نقدّم لمثليي وثنائيي الجنس؟

ربّما يكون حبُّهم وتقبّـلهم وتقديمُ الدعم لهم أكثرَ الأشياءِ التي نستطيعُ أن نقدِّمها لهم، حيث يجدُ الكثيرُ من الآباءِ صعوبةً في تقبّـل فكرةِ أنّ طفلَهم قد يكون مثلياً أو ثنائيّ الجنس. لذلك نُذكّر بأهميّةِ إظهارِ الحبّ غير المشروط لأطفالكم. ولا ننسَ أنّ مثليّي الجنس يتعرّضون لضغوطٍ نفسيةٍ (قد تصل للاكتئاب والإنتحار) في محاولةِ إبقاءِ ميولِهم الجنسيّةِ خفيّةً، خوفاً ممّا قد يقوله الأصدقاءُ وأفرادُ الأسرة أو ما قد يفعلونه (كأن يوسموهم بالعار أو يبتعدوا عنهم).

أخيراً، أن يكون الشخص مثليّاً أو ثنائيّ الجنس لا يعني أنّه يعاني من مرضٍ عقلي، فقد أزالت الجمعية النفسية الأميركية American Psychiatric Association (APA) عام ١٩٧٣ مثليّة الجنس من الدليل التشخيصيّ والإحصائيّ للاضطرابات النفسيّة.

*الخنثى: يُطلق على الكائن "خنثى" عندما يمتلك الأعضاء الذكريّة والأنثويّة معاً في وقتٍ واحد.

المصادر:

هنا

هنا

هنا

هنا