البيولوجيا والتطوّر > التقانات الحيوية

تطوير طريقة جديدة وسريعة من أجل اختبار الحساسية تجاه الصادّات الحيوية

استمع على ساوندكلاود 🎧

قام فريقٌ من علماء البيولوجيا والطبّ في جامعة سان دييغو بتطوير طريقةٍ جديدة تفيد في اختبار حساسية البكتيريا للصادّات الحيوية (Antibiotic Susceptibility Testing AST) التي يُمكن أن تُنجز خلال فترة لا تتعدّى بضع ساعات. هذا التقدم الجديد يمكن أن يساهم في إبطاء تطوِّر المقاومة تجاه الصادَّات الحيوية كما أنه يساعد الأطباء في تحديد نوعية العلاج الملائمة بسرعةٍ أكبر، وهو أمرٌ حاسمٌ في حال الإصابات البكتيرية المهدِّدَة للحياة.

إنّ مقاومة البكتيريا للصادَّات الحيوية لم تعد مجرَّد تنبُّؤٍ خاصٍّ بالمستقبل، فهي تحدث الآن بالفعل وعلى نطاقٍ واسعٍ مهدِّدةً القدرةَ على علاجِ أنواعِ عدوى شائعة في المجتمعات المحلية والمستشفيات.

في حقيقة الأمر، إنَّ تطوُّر المقاومةِ للصادَّات الحيويةِ تحدثُ بسرعةٍ تتجاوزُ قدرةَ مراكزِ الأبحاث الطبِّية العالمية في تقديم أدويةٍ جديدةٍ، مما يؤدِّي إلى ظهور أمراضٍ تسبِّبها بكتيريا مقاومة لجميع أنواع العلاجات المتوفِّرة حالياً.

يتمّ إجراء اختبار الحساسية للصادّات الحيوية وُفقَ عِدَّة طرقٍ مختلفة، وإنّ إجراءَهُ بسرعةٍ أكبر يسمح للأطباء بالتمييز بين حالتين من العدوى؛ الأولى هي الإصابات الناتجة عن أنواعٍ بكتيريَّةٍ حسّاسةٍ للأدوية والتي يُمكن علاجها بفعاليّة وأمان باستخدام صادّاتٍ حيوية تقليدية مثل البنسلين، أمّا الثانية فتلك الإصابات الناتجة عن بكتيريا مُقاوِمة للأدوية والتي يتطلّب علاجَها استخدام صادّاتٍ حيوية أحدث مثل دابتومايسين وكوبيسين.

يمكنُ أن تُساهم الطريقَةُ الجديدة في تقليلِ ظهورِ المقاومةِ لأنها ستسمح بالاحتفاظ بالأدوية الأحدث واستخدامها فقط في الحالات التي تستلزم العلاج بها.

قامَ الفريق، المكوَّن من مجموعةِ من علماء البيولوجيا والطبّ والهندسة الحيويّة، باستخدام طريقةٍ تم تطويرها سابقاً في مختبرات بوليانو (Pogliano laboratories for drug discovery) وتطبيقها على اختبار الحساسية للصادَّات الحيوية.

يقول كيت بوليانو Kit Pogliano، بروفيسور البيولوجيا في جامعة سان دييغو والمشرف على البحث الجديد: "لقد قُمنا سابقاً بتطوير طريقةٍ مجهريَّةٍ تتضمَّن إجراء "تشريحٍ" للخلايا البكتيرية وتسمح لنا بتحديد كيفية موت كلِّ خلية، ولقد أثبتنا أنَّ هذه الطريقة يُمكِنُ أن تُساعد في اكتشاف صادّاتٍ حيويةٍ جديدةٍ، وفي معرفة كيفيَّة عمل هذه الصادّات. لكن اليوم، قمنا باختبار الطريقة ذاتها لمعرفة إمكانيَّة تطبيقها على اختبار الحساسية للصادَّات الحيوية".

سمحت هذه الطريقة، وبشكلٍ مفاجئ، بالتمييز بدقّة بين سلالات بكتيريا العنقودية الذهبية الحساسّة وتلك السلالات المقاومة منها (العنقودية الذهبية المقاومة للميثيسيلين MRSA – Methicillin resistance staphylococcus aureus ). بالإضافة إلى ذلك، تمكّن الباحثون أيضاً من تمييز مجموعتَينِ فرعيَّتين من سلالات بكتيريا MRSA، وواحدةٌ من هاتين السلالتين تُعتَبَرُ حساسّةً لمجموعةٍ من الصادّات الحيوية التي تستخدم في المستشفيات".

تعتمد الطريقة الجديدة على فحص كلّ خليّةٍ على حِدى، وهي تمتلك بذلك ميّزتين عن غيرها من الطرق.

الميّزة الأولى هي سرعة إنجاز الاختبار، والتي تختصِرُ أياماً من الوقت الذي تستغرقه الطرق المعتمدة على زرع البكتيريا (أخذ عينة بكتيرية من المصاب وزراعتها على وسط مغذي ضمن الزجاج مع تطبيق وحداتٍ من صادات حيوية مختلفة عليها). فغالباً ما ينتظر الطبيب عدّة أيامٍ قبل حصوله على معلوماتٍ تتعلق بمقاومة البكتيريا من عدمها، وبالتالي فإنّ المرضى المعرّضون لخطرٍ يهدّد حياتهم غالباً ما يتمّ علاجهم على أنّهم مُصابون ببكتيريا مقاوِمة.

ثانياً، الطريقة الجديدة لا تعتمد على امتلاك أيِّ فهمٍ للبكتيريا المسبّبة للمرض أو المورّثات التي تحمل المقاومة. هذا الأمر بالغ الأهمية في هذه الحالة، وذلك نظراً لكون مقاومة الأدوية التي تستعمل لعلاج إصابات بكتيريا MRSA قد تطوّرت وفق عدّة مساراتٍ تطورّية وبواسطة مجموعةٍ مختلفة من الطفرات. كما أنّها يمكن أن تقدّم معلوماتٍ علاجيةٍ سريعةٍ من أجل الأمراض الناتجة عن بكتيريا جديدة، كتلك المترافقة مع إجراءات التنظير.

إذ أنّه "بصرف النظر عن نوع الخلية البكتيريّة، فإنّ الخلية السليمة والنامية تختلف بشكلها عن الخلية الميتة، وبالتالي عندما نقوم بتمييز الفرق في أشكال الخلايا، فسوف نعلم إن كانت البكتيريا حساسّة للصادّ الحيوي الذي قمنا بتطبيقه".

إنّ التحديد السريع والدقيق لأنماط الحساسية للصادّات الحيوية يسمح باختيار الدواء الأكثر كفاءة وفعاليّة من أجل العلاج، وعلى قدرٍ مماثلٍ من الأهميّة، فإنّ استخدام علاجٍ محدّدٍ بدقّة من الصادّات الحيوية يمكن أن يساعد في الحفاظ على البكتيريا الطبيعية التي تعيش في أمعائنا والتي تلعب دوراً هاماً في الحفاظ على صحتنا وعلى وظيفة أجهزتنا المناعية.

يقول الباحثون في جامعة سان دييغو أنّ طريقتهم الجديدة تملك إمكانية التطبيق على العديد من الأنماط المختلفة من البكتيريا، كما أّنهم يقومون بتحسينها من أجل التحديد الدقيق لأنواعٍ أخرى من البكتيريا المقاومة للصادّات الحيوية، مثل الزائفة الزنجارية Pseudomonas aeruginusa.

هذه التقنية الجديدة في طور التسويق حالياً من قِبل Linnaeus Bioscience Inc. ويُمكن أن تدخل حيّز الاستخدام السريري قريباً.

المصادر:

هنا

هنا

البحث الأصلي: هنا

مصادر عن اختبار AST:

هنا

هنا