البيولوجيا والتطوّر > علم المورثات والوراثة

تُصابُ بالعدوى دون غيرك؟ إليك السَّبب!

استمع على ساوندكلاود 🎧

لربما تردّدتْ على مسامعنا كثيراً معلومة تفيد بأنّ مقاومة الفرد للأمراض تتعلّق بعدة عواملَ وهي البيئة ومستويات الإجهاد والفلورا الطبيعية للأمعاء، ولكن ثمَّة عاملٌ آخر تجدر إضافته إلى القائمة وهو عامل فطريٌّ هذه المرة، فقد توصّل باحثون في الولايات المتحدة في دراسة نشرت في مجلة الأمراض المُعدِية Journal of Infectious Diseases إلى أنّ السببَ وراءَ مقاومة بعض الأشخاص لعواملَ ممرضة معينة وخاصةً بكتريا الإشريكية القولونية E. coli المُنتِجة للذيفانات المعويةEnterotoxigenic Escherichia والتي تُسمّى اختصاراً ETEC يعود إلى الجينات.

- لماذا التركيز على هذه البكتريا دون غيرها، في حين أنَّ البكتريا المُمرِضة لا حصر لها؟

تعتبر بكتريا الإشريكية القولونيةE. coli أحد الأسباب السائدة للإسهال حول العالم، وسبباً شائعاً أيضاً لما يُعرف بـ " إسهال المسافر"، وهو التهابٌ مَعِدّيٌّ معويٌّ يحدث نتيجة استهلاك طعام ملوَّث بالبكتريا، كأن يمسَّ أحدهم الطعام دون غسل يديه بعد خروجه من المِرحاض، وبالتأكيد يزداد احتمال الإصابة عند تناول الأطعمة من الباعة في الطريق عمّا هو عليه عند تناول الطعام المنزلي.

- الآن نأتي إلى السؤال الأهم، وهو كيف توصّل الباحثون إلى وضع الجينات في قفص الإتِّهام؟

لمعرفة المزيد عن سبب إصابة بعض الأشخاص بالمرض وبقاء غيرهم في تمام الصحة، قام الباحثون بتلقيح 30 شخصاً بالغاً سليماً بسلالة مُضعَّفة من بكتريا ETEC، ومن ثمَّ إجراء تحليل التعبير الجيني لعينات من RNA الدم المحيطي أخذت من المرضى بُعيد التلقيح وعلى مدى ثمانية أيام. وقد لاحظوا بنتيجة دراسة التعبير الجيني وجود اختلافات بين ستة مرضى ممن ظهرت لديهم أعراض حادة للمرض وستة آخرين لم تظهر لديهم أية أعراض على الرغم من تعرُّضهم للبكتريا.

ومن بين آلاف الجينات المتباينة بين المجموعتين، كانت الاختلافات الأكثر أهمية هي تلك المرتبطة بنشاط 29 جيناً مرتبطاً بالمناعة، والتي من شأنها تحديد الأشخاص الذين سيصابون بالعدوى دون غيرهم. وقد وُجدت اختلافات في أنماط التعبير الجيني حتى ضمن المجموعة نفسها، وفَرُغَ الباحثون إلى أنَّه ثمّة إشارات معينة تُظهِرُ وجود مقاومة فطرية للإصابة عند الفرد.

- حتى الآن قد لا يبدو لهذه الدراسة أيُّ تطبيقٍ عمليٍّ، فهل الأمر كذلك حقاً؟

لقد حدَّدت هذه الدراسة مجموعةً من الجينات المرتبطة بالمناعة والتي تحدّد بشكل أو بآخر إذا ما كان شخصٌ ما سيُصاب بالمرض أم لا، وبذلك سيكون جلُّ تركيز الأبحاث القادمة على هذه الجينات بدلاً من دراسة مجموعةٍ أكبرَ من الجينات لا علاقة لها بالأمر. ليس ذلك فحسب، فإذا ما تمكَّن الباحثون من فهم الآلية التي يُمكن للتعبير الجيني لهذه الجينات أن يمنحَ الشخصَ قابلية الإصابة بالمرض أو مقاومته، فإنَّه من الممكن التوصُّل إلى طرائق جديدة لتعزيز جهاز المناعة ضد الإصابات الأكثر انتشاراً كالإصابة بالإشريكية القولونية أو حتى التوصُّل إلى قدرة أفضل على التنبُّؤ بحدوث الإصابة لدى الأشخاص الأكثر قابلية للإصابة بالعدوى.

وربما تتساءلون الآن ما جدوى كلُّ ذلك مادام البحث قد أُجري فقط على نوعٍ واحد من العوامل المُمرِضة وهو الإشريكية القولونية، وقائمة العوامل المُمرِضة المُعدية تطول؟

ذلك صحيح، ولكن لكلِّ طريقٍ بداية، ويأمل العلماء في المستقبل بإعادة هذه الدراسة بحيث تشمل أنواعاً أخرى من الإصابات بما في ذلك الأمراض الفيروسية والتنفسية كالإنفلونزا، ولربمّا لا يطول بنا الانتظار حتى نصل إلى ما هو أبعد من ذلك، فكونوا بالانتظار معنا...

المصادر:

هنا

تعريف إسهال مسافر: هنا

البحث الأصلي: هنا