الطب > الجراحة

أكبرُ عمليةِ زراعةِ وجهٍ في العالم حتى الآن

استمع على ساوندكلاود 🎧

يعود الطبُّ من جديدٍ لبثِّ الأملِ في نفوسِ الكثيرين بعد هذه العلامةِ الفارقةِ في تاريخ الجراحة التجميلية، فقد استطاع الجرَّاحون إعادةَ الأملِ لباتريك هارديسون ومنحَه القدرةَ على العودة لممارسةِ نشاطاتِ حياته المعتادة بعد نجاحِ عمليةِ زراعةِ الوجه التي خضعَ لها، والتي تعدُّ الأكبرَ من نوعِها في العالم.

لمزيدٍ من التفاصيل تابعوا معنا هذا المقالَ الشيِّق.


أعلنَ مركزُ (Langone) الطبِّي التابعِ لجامعة نيويورك عن نجاحِ أكبرِ عمليةِ زراعةِ وجهٍ بشريٍّ (Most extensive face transplant) حتى الآن، ممَّ يفتحُ الأفقَ لمزيدٍ من التطورات في هذا المجال، ومن المهم أيضاً أنَّ هذا الإجراءَ يتمُّ للمرة الأولى على شخصٍ يعملُ على إنقاذِ الآخرين، فالمُتلقِّي هو رجلُ إطفاءٍ عانى من حروقٍ في الوجه والفروة أثناءَ أداءِ عمله.

بدأت تلك الجراحةُ الأولى من نوعها في مدينة نيويورك في صباحِ الرابعِ عشر من شهر آب لعامِ (2015) واستمرَّت مُدَّةَ (26) ساعة، وتضمَّن فريق العمل أكثر من (100) طبيبٍ وممرضةٍ وتقنيٍّ ومساعدٍ بإدارة أستاذ الجراحة التجميلية الترميمية (Eduardo D Rodriguez)، وقد عمل الفريقُ في غرفتَي عملياتٍ متجاورتين، تمَّ في الأولى الحصولُ على الوجه من المتبرِّع "بالإضافة للحصولِ على أعضاءٍ أخرى للتبرُّع" وتمَّ في الثانية إزالةُ الوجهِ والفروةِ المحروقين للمريض ووضعُ الطُّعمِ الجديدِ مكانهما.

أمَّا المريضُ الذي خضعَ للجراحة فهو باتريك هارديسون البالغِ من العمر (41) عاماً والذي تعرَّضَ للحرق في أيلول عام (2001) وذلك عندَ دخوله لإنقاذِ الناسِ من أحد المنازلِ المحترقة، حيث سقط السَّقفُ المحترقُ عليه ممَّ أدَّى لإصابته بحروقٍ في الوجهِ والرأسِ والعنق وأعلى الصدر، وقد فقد باتريك نتيجةً لذلك أجفانه وأذنيه وشفتيه ومعظمِ أنفه وشعره وحاجبيه، وبعد خضوعِهِ لحوالي (70) عمليةٍ جراحيةٍ ظلَّ باتريك غيرَ قادرٍ على العودة إلى حياته الطبيعية.

قام رودريجيز وفريقه – الذي قام بعمليات زراعةِ وجهٍ معقدةٍ مسبقاً – بزرع فروة الرأس بشكلٍ كاملٍ إضافةً إلى الوجه، ومن النقاط الهامة في هذه العملية نقل جفني المتبرِّعِ مع العضلاتِ المتحكمة بحركة الرَّمش ممَّ يُعدُّ خطوةً مهمةً لم تتم من قبل على مريضٍ قادرٍ على الرؤية.

ومن النقاط الهامَّة التي أُنجزت في هذه الجراحة:

- زرعُ الأذنين ومجريَي السَّمع.

- زرعُ أجزاءٍ عظميةٍ معينةٍ مأخوذةٍ من المتبرَّعِ كالذقن والوجنة والأنف بالكامل.

- الاستخدامُ المتقدِّمُ لتقنيات التَّجسيم ثلاثي الأبعاد والاستعانةُ بالتِّقنياتِ الحديثةِ المعتمدةِ على صور الطبقي المحوري للمتبرع للحصولِ على أفضلِ تلاؤمٍ ممكن.

- الاستخدامُ الدَّقيقُ للصفائحِ والبراغي المعدنية لضمانِ الاتصالِ الوثيقِ والتناظر للوجه المزروع.

ويعدُّ نقلُ الجفنين والعضلاتِ المحرِّكةِ للعين من أهمِّ الخطوات في هذه العملية فلولاها لأصبح باتريك مهدَّداً بفقدان الرؤية ومن ثُمَّ عدمُ القدرةِ على أداء مهام حياته اليومية كقيادة السيارة، ويعدُّ الرَّمش آليةً مهمةً للحفاظ على رطوبة العين وحمايتها من الانتان وللحفاظ أيضاً على الرؤية، وقد نشر رودريجيز وزملاؤه سابقاً دراسةً في مجلَّةِ الجراحة الترميمية والتجميلية حول أهمِّية المحافظةِ على الأجفانِ في جراحة زراعة الوجه.

حول المتبرع:

في كلِّ عمليةِ زراعةٍ ناجحةٍ لا بدَّ من وجود متبرعٍ وأُسرَتِه والتي عليها أن تتخذ واحداً من أصعب القرارات في حياتِها، وفي حالتنا هذه كان المتبرِّعُ هو الفنَّانُ وراكبُ الدرَّاجاتِ دافيد رودبوه البالغِ من العمر (26) عاماً والذي توفي جرَّاء حادث، وقد دفعَهُ حبُّه لركوبِ الدرَّاجات للقدوم إلى نيويورك حيثُ عمل على تطوير مهاراته في ركوبِ الدرَّاجات وقد ربح عدداً من البطولات في هذا المجال، وقد كان دافيد مُسجَّلاً أيضاً على قائمة المتبرعين بأعضائهم.

.

تعافي باتريك بعد الجراحة:

بدأت مؤشراتُ نجاحِ الجراحة بالظهورِ في الساعاتِ الأخيرةِ من العملية، فقد استعادَ الوجهُ الجديدُ وخاصةً الشفتان والأذنان لونَهما ممَّ دلَّ على عودةِ التروية الدموية، وقد بدأ الشعر بالنمو من جديدٍ على الرأس واللحية سريعاً، وكان باتريك قادراً على استخدام جفنيه والرمش بدءاً من اليوم الثالث للعملية بعد زوال الوذمة، وعاد للجلوس على كرسيه بعد أسبوع من الجراحة، وبعد ثلاثةِ أشهرٍ من الجراحةِ تراجعَت الوذمةُ كثيراً وبدأ باتريك يعود سريعاً إلى حياته اليومية، وكجزءٍ من عملية التعافي يخضع باتريك لمجموعةٍ من المعالجات التي تهدف لإعادة التأهيل ومنها:

- المعالجةُ الفيزيائيةُ لإعادة القوَّة والمتانة للوجه.

- معالجةُ عمليتَي الكلام والبلع، لكي يستعيد المريض قدرته على الكلام جيِّداً باستخدام شفتيه الجديدتين، وتناول الطعام والبلع.

- المعالجةُ الوظيفيةُ لإعادةِ قدرةِ المريضِ على القيام بكثيرٍ من نشاطات الحياة اليومية كحلاقة الذقن التي لم يقم بها منذ 14 عاماً.

التحضير للجراحة:

الدرسُ المستفادُ من هذه التجربة أنَّه بوجودِ قائدٍ ماهرٍ وذو خبرة يمكن جعل زراعة الوجه أمراً واقعاً.

انضمَّ الدكتور رودريجيز إلى جامعةِ نيويورك في تشرين الثاني عامَ (2013) كرئيسٍ لقسمِ الجراحة التجميلية وقد كان أحدُ أهدافِه تطويرُ وإطلاقُ جراحةِ زراعةِ الوجه، حيثُ قام بتجميع فريقه وتعليمِهم التعقيداتَ التي تواجِهُ هذه العملية، وقد تكوَّنَ الفريقُ من أطباءَ وممرضاتٍ من أقسامٍ متعدِّدةٍ كالجراحةِ التجميليةِ والتخديرِ والطبِّ النفسي والحالاتِ الحرجةِ وطبِّ الطوارئ والأخلاقياتِ الطبية والتمريضِ والخدماتِ السابقة للجراحة والعلاج الفيزيائي وإعادة التأهيل والأشعة والخدمات الاجتماعية.

المصادر:

هنا

حقوق الصورة:

www.tvi24.iol.pt