الطبيعة والعلوم البيئية > عمارة وأرض

مياه استخراج النفط الرملي... وداعاً لتلوثك!

استمع على ساوندكلاود 🎧

مياهٌ ملوثةٌ من استخراج النفط الرملي:

إنّ استخراج البيتومين Bitumen من الترسبات النفطية الرملية Oil sands هو أحد أكبر المشاريع الصناعية في العالم، ويأخذ أهميته من الكميات الكبيرة المتواجدة قرب سطح الأرض مما يخفض من كلفة استخراجه، ويتنشر في كثيرٍ من مناطق العالم، وتوجد كمياته الكبيرة في كندا وفنزويلا.

ويؤدي استخراج النفط الرملي في إقليم ألبيرتا الكندي إلى تلوثٍ كبيرٍ للمياه، وإلحاق الضرر بالصحة البشرية، حيث تُستَخدم لاستخراجه طريقة المياه الحارّة القلوية، وذلك عبر ضخّ كمياتٍ كبيرةٍ من بخار الماء الساخن، ضمن الطبقة السطحية للترسبات النفطية الرملية، حتى تذوب في مُحِلّها ويسهل سحبها، أما المياه المستخدمة في هذه العملية فيجري إعادة تدوير جزءٍ منها لإعادة استخدامها مرةً أخرى، وتنتهي الكمية المتبقية في بركٍ خاصةٍ للمخلفات السائلة.

إن هذه المياه الملوثة الناتجة هي عبارةٌ عن محلولٍ ملحيٍ معقّدٍ يحتوي على تراكيزَ عاليةٍ من الغضار المعلَّق، والمركبات العضوية المنحلة بما فيها أحماض النافثين، والهيدروكربونات العطرية متعددة الحلقات، ومركبات البنزين والتولوين والإيثيل بنزين والزيلين، كما تحتوي على آثارٍ للمعادن الثقيلة، وكمياتٍ متبقيةٍ من البيتومين والمذيبات.

وتتشكّل سميّة هذا المحلول من الأحماض العضوية المُستخرَجة وبشكلٍ رئيسيٍّ من أحماض النافثين التي تشكل خطراً يهدد البيئة والصحة البشرية، لأنها لا تزول بالتحلل الطبيعي لمياه برك المخلفات.

ومع كميات المياه الكبيرة المصروفة إلى برك المخلفات في ألبريتا، والتي تقارب المليون طناً، فإن إزالة أحماض النافثين يعدّ أحد أكبر التحديات البيئية في كندا.

التحفيز الضوئي الشمسي... طريقةٌ واعدةٌ:

الطرق التقليدية المستخدمة في معالجة تلك المياه الملوثة لم تكن مجديةً بشكلٍ كافٍ لتبنّيها، أو أنها كانت مكلفةً بشكلٍ كبير، وأبرزها الأكسدة الكيميائية، والكَلوَرة، والترشيح بالأغشية. لذلك عمل باحثون من جامعة واترلو في كندا على تطوير تقنيةٍ تعتمد على التحفيز الضوئي photocatalysis لحبيبات ثاني أوكسيد التيتانيوم TiO2 النانوية، باستخدام ضوء الشمس لتحفيز هذه الجزيئات.

وتبيّن للباحثين من خلال تجاربهم أن طريقة التحفيز الضوئي قادرةٌ على إزالة أحماض النافثين بشكلٍ كاملٍ من المياه الملوثة، فلدى تَعرُض الجزيئات النانوية لضوء الشمس، تصبح تفاعليّة بشكلٍ كبيرٍ وتقوم بتحطيم الملوثات الثابتة التي تحتويها المياه الملوثة، لتزيلها بشكل كامل منها بعد ساعاتٍ فقط من بدء عملية المعالجة.

ولأن هذه المعالجة تعتمد فقط على ضوء الشمس كمصدرٍ للطاقة، ونظراً لإمكانية استرداد الجزيئات النانوية وإعادة استخدامها بشكلٍ دائم، فإن طريقة التحفيز الضوئي الشمسي تتميز بكونها موفرةً للطاقة وغير مكلفةٍ نسبياً، كما يعتقد الباحثون أنها تشكل الخطوة الأولى للتوصل إلى طريقةٍ عمليةٍ جدّاً ونظيفة بيئياً.

ويتجه الفريق البحثي الآن للتحقق من كون المياه المعالجة تلبي جميع المعايير واللوائح البيئية الكندية لضمان إمكانية تصريفها بأمانٍ من كامل برك المخلفات السائلة.

في النهاية فإن إيجاد مثل هذه الطرق يخفف فقط من آثار استخراج النفط على البيئة، لكن يَبقى الخطر البيئي الكبير الناتج عن استخدام هذا النفط كمصدر للطاقة، ويبقى الحل الأمثل بيئياً هو استخدام مصادر متجددة للطاقة بدلاً عن الوقود الأحفوري.

المصادر:

1

هنا

2

هنا