الطب > طب الأطفال

فرفرية هينوخ شونلاين (Henoch-Schonlein Purpura (HSP

استمع على ساوندكلاود 🎧

سُمِّي المرضُ بهذا الاسمِ نسبةً لعالمَين ألمانيَّين، ويسمى أيضاً بالفَرْفرِيّة التأَقِيّة.

تعريف المرض:

هو أشيعُ التهابٍ بالأوعيةِ الدمويةِ الصغيرةِ كاسرٍ للكريّاتِ البيضِ عند الأطفالِ، ينتج عنه نزفٌ بالجلد والبطنِ والكلية.

وتُعَدّ أيضاً أشيعَ سببٍ للفَرفرِية (نزوفٍ جلديةٍ) دون نقصٍ بالصُّفَيحات.

أسبابها وانتشارها:

لم يُعرَف حتّى الآن السببُ الرئيسُ وراءَ حدوثِها، ولكن يُعتقد بأنّ الآليّةَ هي استجابةٌ مفْرِطةٌ لجهاز المناعةِ الذاتيةِ لبعض المحفّزاتِ، حيث أنّ ما يقارب الخمسين بالمئةِ (50%) من الحالات تحدث عَقِبَ التهابٍ بالطرق التنفسيةِ العُلويةِ خاصّةً بجراثيم المكوَّراتِ العِقْديةِ والميكوبلازما، أو قد تتلو التهاباً مَعِدِيّاً مِعَوِياً بالكامبيلوباكتر الصائميةِ Campylobacter jejuni، وتتلو أيضاً بعضَ الإصاباتِ الفيروسيةِ كجُدَرِي الماءِ (الحُماق) Varicella والحصبةِ Measles والتهابِ الكبدِ من النمط "ب"، كما يُذكَر حدوثُها بعد إعطاء بعضِ اللقاحات (مثل لقاحِ الحمى التيفيةِ، ولقاحِ الكوليرا، ولقاحِ الحمى الصفراءِ، والحصبة)، وبعضِ الأدويةِ (فانكوميسين، سيفوروكسيم، رانيتيدين، مثبطاتِ الإنزيم المحوِّلِ للأنجيوتنسين، مضاداتِ الالتهاب اللاستيروئيدية)، ولسعاتِ بعض الحشرات.

المرض غيرُ معدٍ، فهو مِن أمراض المناعةِ الذاتية. ويحدث بمعدل 10-20 حالةً لكل 100 ألفِ شخصٍ تقريباً، وهو أقلُّ حدوثاً عند البالغين منه عند الاطفالِ إلّا أنّ الأعراضَ تكون أشد.

ذروةُ الإصابة تكون بعمر 5 سنواتٍ (تحدث غالباً بأعمارِ 3-15 سنةً، 75% منها تحدث بأعمار 2-11 سنةً)، وخاصة في أشهر البرد (شتاء).

الأطفال من العرق الآسيويِّ والأبيضِ هم الأكثرُ إصابةً، ويصيب المرضُ الذكورَ أكثرَ من الإناث (1:2).

الأعراض السريرية:

قد تكون البدايةُ حادّةً مع ظهور عدة أعراضٍ بآن واحدٍ وقد تكون بدايتُها مخاتِلَةً مع تتالي الأعراضِ على مدى أسابيعَ أو أشهر.

الثالوث العَرَضِيُّ: طفح + التهاب مفاصل + ألم بطني، ويمكن وجودُ إصابةٍ كلوية.

كما توجد حمى خفيفةٌ وتعبٌ وفقدانُ شهيةٍ عند أكثرِ من ثلثِ المرضى.

1. الطفح

هو العلامة الرئيسيةُ للمرض ويوجد عند 95-100% من الحالات.

طفحٌ فرفريٌّ مجسوس بلونٍ أحمرَ أو بُنيٍّ صدِئٍ على الإليتين والطرفين السفليين عادة، يظهر على دفعات تدوم 3-10 أيامٍ، وقد يُسبَق بوذمة وعائية.

أقل من 10% ينكس لديهم الطفحُ خلال السنةِ الأولى من الهجمةِ الأولية.

2. الوذمة:

توجد في 20-50% من الحالات، وتتوضّع في مناطق الارتكازِ (أسفلَ الظهر، الإليتين، والفروةِ عند الرضع).

3. الألم البطني:

يشاهَد في 85% من الحالات، وقد يسبق ظهورَ الطفح.

قد يترافق الألمُ البطنيُّ بإقياءٍ أو إسهالٍ، واللذَين قد يكونان مدمَّيَين في ثلث الحالاتِ تقريباً، وقد يكون الألمُ ماغصاً بسبب توذّمِ وأذية السبيل الهضمي.

من الجدير بالذكر أنّ الاطفالَ المصابين بهينوخ شونلاين يكونون معرضين لحدوث انغلافِ الأمعاءِ Intussusception (انحشار قطعة من الأمعاء ضمن القطعةِ التي تليها)، والذي يكون من النوع (لفائفي- لفائفي).

4. الألم المفصلي:

توجد الإصابةُ المفصليةُ في حوالي ثلثي الحالاتِ، حيث تكون المفاصلُ مؤلمةً ومتورمةً مع حرارةٍ موضعية في المفصل المصابِ، وغالباً ما تُصاب مفاصلُ الركبتين والكاحلين.

تتحسن الإصابة المفصليةُ خلال عدّة أيامٍ دون أن تترك أذيةً دائمةً في المفصل.

5. الاصابة الكلوية:

وتشاهَد في 10-50% من الحالات، وعادة ما تنتهي بنهاية فترةِ المرض، ولكن قد تتطور في أقل من 1% من الحالات إلى قصورٍ كلوي.

تتظاهر الإصابةُ الكُلْوِيةُ ببِيْلة دمويةٍ أو بروتينيةٍ يتم اكتشافُها عند فحص البول.

لا يُعَد خطرُ الإصابةِ بالفشل الكُلْوِيِّ مقترناً ببيلة دموية معزولة، ولكن عند وجودِ بيلةٍ دموية وبروتينيةٍ معاً فإنّ خطرَ الإصابة بالفشل الكُلْوِيِّ يرتفع إلى 15%.

6. أعراض أخرى:

وذمةُ صَفَن في 35% من الحالات - التهابُ أوعية دموية في العضلة القلبية أو الرئتين أو الجملةِ العصبيةِ المركزية - إصابةُ الجملةِ العصبية المركزية (كالاختلاجاتِ وشللِ الأعصابِ والسُّبات) – أورامٌ دمويةٌ - التهابُ بنكرياسٍ - نزفٌ رئويٌّ أو داخلَ القحف.

دواعي القبول في المستشفى:

 نزف هضمي.

 ألم بطني شديد.

 تغيرات بالوعي (إصابة عصبية).

 تجفاف أو عدم تقبّل الوارد الفموي.

 إصابة كلوية.

 إصابة مفصلية تعيق الحركة.

الاختلاطات:

يُشفى أغلبُ المرضى تماماً، ولكن قد توجد اختلاطاتٌ ونسبتُها قليلة جداً.

حيث أنّ أقلَّ من 5% من الحالات تُصبح مزمنةً، وأقلَّ من 1% من المرضى تتطور الإصابةُ الكلويةُ لديهم إلى فشلٍ كُلْوي. كما يمكن حدوثُ انثقابِ أمعاء.

التشخيص:

فرفريةُ هينوخ شونلاين هي مرضٌ سليمٌ محدّدٌ لذاته في أغلب الأحيان. يتم تشخيصُه بسهولة اعتماداً على الأعراض السريرية إضافةً لبعض الفحوصاتِ الأخرى؛ كفحوصٍ دمويةٍ أهمُّها التعدادُ الكاملُ للدم CBC، وتقييمُ وظيفة الكُلْيةِ والوظيفةِ التخثُّريةِ وسرعةِ التثفُّلِ، وتحليلُ البول، وإيكو البطن، والخزعة من الكُليةِ والجلد، والتحليلُ المناعي.

بفحص الدم: نلاحظ وجودَ فقرِ دم غالباً وهو ناتج عن النزف الهضمي.

بفحص البول: نلاحظ وجود كرياتٍ حمرٍ وبيضٍ وبروتين في 10-20%من الحالات.

مناعياً: نلاحظ ارتفاعاً بمستويات الغلوبولينات المناعية IgA وIgM في 50% من الحالات.

بالخزعة: نلاحظ وجودَ ترسّباتٍ للغلوبولينات المناعيةِ IgA، وبشكل أقل IgG وC3.

العلاج:

يجب مراجعةُ الطبيبِ في حال ظهورِ الأعراضِ السابقةِ على الطفل لتقييم شدةِ المرض.

يكون العلاجُ غالباً عَرَضِياً بالإماهة الجيدة (أي تعويض السوائل) للوقايةِ من التجفاف، وبتعويضِ الخسارةِ الدموية وإعطاءِ الطفلِ قوتاً خفيفاً، ومن أساسيات العلاج أيضاً الراحةُ والابتعادُ عن النشاطات الفيزيائيةِ قدر الامكان خلال الطَّورِ الحاد، إضافةً لإعطاء المسكّناتِ غير الستيروئيدية كالباراسيتامول (الأسيتامينوفين) لتخفيف أعراضِ المفاصل.

تُعطى الستيروئيدات (بريدنيزولون) بجرعة 1-2 ملغ\كغ\ اليوم في حال استمرار باقي الأعراض أو وصولها إلى درجة معينة، وفقاً لتعليمات الطبيب.

أي يجب المتابعةُ مع الطبيب وخاصةً للأعراض الكُلْوِيةِ والهضمية.

كما يمكن ردُّ الانغلافِ المِعويِ في حال وجودِه للوقاية من انثقاب الأمعاءِ أو النقص بترويتِها، وذلك عن طريق عملٍ جراحي.

المصادر:

هنا

هنا

هنا

ساهم في التدقيق العلمي:

محمد بدوي