البيولوجيا والتطوّر > التقانات الحيوية

استخدام الفيروسات المعدّلة لمحاربة البكتيريا الضارة

استمع على ساوندكلاود 🎧

في السعي لإيجاد وسائل أفضل للقضاء على البكتيريا الضارة، توجه الباحثون إلى مفترسات طبيعية تسمى آكلات البكتيريا أو ملتهمات البكتيريا Bacteriophage، وهي فيروسات تهاجم أنواع معينة من البكتيريا وتقضي عليها. وبإحداث تعديلات على جينوم هذه الفيروسات، يأمل الباحثون تخصيصها لمهاجمة أنواع معينة من البكتيريا الممرضة.

لتحقيق ذلك أجريت أبحاث في معهد ماساتشوستس للتقنية (MIT) قادها مهندسون بيولوجيون ووضعوا نتيجتها نظاماً جديداً للخلط والتطابق mix and match system يهدف إلى إجراء هندسة وراثية للفيروسات النوعية.

وسيقدم لنا Lu Timothy– وهو أستاذ مساعد في الهندسة الإلكترونية وعلم الحاسوب والهندسة البيولوجية- فكرة واضحة عن هذه التقنية التي نشر تفاصيل عنها في مجلة Cell systems في الثالث والعشرين من شهر أيلول الفائت.

يقول Lu: "يمكن لهذا النهج العلمي أن يزودنا بسلاح فعال ضد البكتيريا التي لا يوجد مضادات حيوية فعالة ضدها، فقد تم تصميم هذه الملتهمات بطريقة وحدات نسبية، إذ يمكننا أن نختار مورثات معينة منها ثم نقوم بتعديلها، تبديلها، إضافتها أو حذفها لنحصل على فيروس وظيفي يمتلك خصائص جديدة".

كما يمكن استعمال هذه الفيروسات لتعديل المجمعات الميكروبية، كتلك البكتيريا التي تعيش في الجهاز الهضمي للإنسان بأعداد كبيرة تصل إلى التريليونات، وعلى الرغم من أن معظم هذه البكتيريا مفيدة، إلا أن بعضها قد تسبب الأمراض، فعلى سبيل المثال، أكدت بعض التقارير الطبية وجود علاقة بين مرض كرون (التهاب أمعاء مزمن، يمكن أن يصيب كامل الجهاز الهضمي و بالأخص الأمعاء الدقيقة) ووجود سلالة معينة من العصيات الكولونية E. coli (من الجدير بالذكر أن العصيات الكولونية غير ضارة بمعظمها).

لذلك يقول Lu :" هدفنا أن نتمكن من القضاء على بكتيريا محددة من التجمع الجرثومي لنحدد دورها في الميكروبيوم (البكتيريا المتعايشة مع الإنسان)، و يمكننا فيما بعد أن نصمم فيروسات محددة قادرة على القضاء على البكتيريا الضارة فقط، لكننا ما نزال بحاجة إلى مزيد من المعلومات عن الميكروبيوم لتصميم هذا النوع من الفيروسات العلاجية".

-الفيروسات القابلة للتخصص:

وافقت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية FAD على عدد قليل من ملتهمات البكتيريا لمعالجة المنتجات الغذائية، لكن استخدامها في المجال الطبي لم يزدهر بعد، لأن عزل الملتهمات المفيدة من التربة أو الصرف الصحي يحتاج الكثير من الوقت، كما قد تختلف دورة الحياة والمنظومة الجينومية من فصيلة فيروسية إلى أخرى، لذلك من الصعوبة بمكان هندسة هذه الملتهمات وبالتالي استخدامها طبياً.

معظم ملتهمات البكتيريا تتكون من منطقتين: رأس وذيل يحوي شويكات يلتصق بها على سطح الخلية البكتيرية عبر مستقبلات نوعية، لذلك فقد عمل فريق MIT بإشراف الباحث Lu بهندسة منطقة الذيل للتحكم بنوعية المضيف، ولتحديد المورثات الواجب تعديلها قاموا بالبحث في قواعد بيانات جينوم الفيروس لإيجاد التسلسلات التي تشفر شويكات الذيل (بدأ الفريق بفيروس من فصيلة T7والتسلسل الذي يشفر شويكات ذيله يعرف بـgp17).

بعد تحديد الجزء المراد تعديله، تبدأ المرحلة التالية و هي إجراء هذا التعديل على جينوم الفيروس، ولتحقيق ذلك ابتكر الباحثون هذه الطريقة الفعالة:

يتم إدخال جينوم الفيروس إلى داخل خلية خميرة، حيث يعمل كصبغي اصطناعي منفصل عن جينوم خلية الخميرة، يمكن للباحثين بعدها إجراء التعديل على جينوم الفيروس بسهولة.

تمكن الباحثون في هذه الدراسة من هندسة ملتهمات نوعية تهاجم بكتيريا اليرسينيا Yersinia والكليبسيلا Klebsiella الممرضة، إضافة إلى العديد من سلالات العصيات الكولونية E. coli. تنتمي هذه البكتيريا إلى مجموعة البكتيريا سلبية الغرام* التي لا يوجد ضدها إلا القليل من المضادات الحيوية.

لهذه التقنية إيجابيات عدة منها:

- أنَّ الملتهمات المعدلة محددة التأثير ومتخصصة جداً في هدفها، بخلاف العديد من المضادات الحيوية التي تقضي على البكتيريا المفيدة أيضاً.

- أنَّ كل الملتهمات مصممة وفق قوالب متماثلة، تجعل إنجاز التقنية سلساً.

يسعى الفريق الآن إلى تصميم ملتهمات متخصصة ضد البكتيريا التي تسبب الآفات الزراعية أو التي تسبب تعفن الطعام إضافة إلى تلك التي تؤذي الإنسان.

* البكتيريا سلبية الغرام: تضم أيضاً البكتيريا آفات الجهاز التنفسي والبولي والهضمي بما فيها ذات الرئة (الالتهاب الرئوي) وتعفن الدم (الأنتان) والتهاب المعدة وحمى الفيلق.

المصادر:

هنا

البحث الأصلي: هنا