المكتب الإعلامي > مقابلات

المسابقة البرمجيّة العالميّة: سورية تتميّز وتحتلّ ثلاثة مقاعد في النهائيّات المقبلة

احتفلنا مؤخّراً بخبر تأهّل سورية للمسابقة البرمجيّة العالميّة* في النهائيّ الأربعين الذي سُيقام في تايلاند بثلاث فرقٍ جامعيّة، بعد فوزهم في النهائيّ الإقليمي الثامن عشر للمسابقة البرمجية للكليات الجامعية في شرم الشيخ، مصر في تشرين الثّاني 2015.

وقد أجرت مبادرة "الباحثون السّوريون" لقاءً مع بعض أعضاء الفرق السوريّة المتأهّلة وهم؛ حسن الجدوع عن فريق جامعة حلب "Beginners" ونضار جرار عن فريق جامعة تشرين"4th Floor" ومعاذ تواتي عن فريق جامعة دمشق "Nitro++" للحديث عن هذا الفوز المهمّ.

"تلقّينا الخبر بغايةِ السعادة" بهذه العبارة بدأ نضار حديثنا، وتابع: "كانت لحظاتٍ عصيبة داخل المسابقة، فالمنافسة كانت على أشدّها، وتمكّنا في النهاية من الفوز بالميدالية الفضيّة والتأهّل للنهائيات العالميّة".

وبالتوجّه بالحوار إلى فريق حلب أوّلاً والذي كان ممثّلاً بطالبٍ واحدٍ فقط:

- حسن الجدوع، أو كما بات يُطلق عليك "الطالب الفريق"، لا شكّ أنّك عانيت من الكثير من الصعوبات لعلّ أبرزها هو اضطرارك للمشاركة في المسابقة وحيداً، بعد أن رفضت السلطات المصريّة إعطاء تأشيرات دخول لباقي أعضاء فريقك"Beginners". كيف تلقيّت هذا النبأ، وكيف تجاوزت هذه المشكلة؟

الحقيقة، كان الخبر صادماً بالنسبة لي حين علمت أنّ زملائي لن يتمكّنوا من المشاركة في المسابقة بسبب عدم حصولهم على تأشيرة دخول إلى مصر! على إثرِ هذا الخبر تمّ إجراء مناقشات فيما إذا كان يجب على الفريق الانسحاب لأنّ فرصه ضعيفة بفردٍ واحدٍ أو أن يتابع الفريق المشاركة رغم ذلك، ولكن قرّرنا المشاركة؛ وكان قرارنا موفقّاً.

- حسن وحيداً، نافست أكثر من 80 فريق من دول عربيّة عديدة، كيف تصف هذه التجربة؟ وما رأيك بمستوى المسابقة لهذه الدورة؟

كانت تلك تجربة من أروع التجارب في حياتي ولن أنسى أيّ لحظةٍ من لحظاتها، وخصوصاً عندما التمست ثمرات الجهد والتعب في التدريب على مدى 3 سنوات في بعض المسائل التي كنت أعلم طريقة حلّها بشكلٍ مسبق. وقد تمكّنت من حلّ 8 مسائل في البرمجة خلال 5 ساعات؛ لأحرز المركز الثاني بفارق بسيط في التوقيت عن المركز الأوّل. علماً أن المسابقة هذه السنة كانت من أشدّ المسابقات تنافساً، نخبة الفرق من أهمّ الدول العربيّة كانت موجودة والمسائل ذات مستوى عالٍ.

وبالانتقال إلى فريق دمشق، توجّهنا بالسؤال حول الآليات التي تمّ اتباعها عند حدوث جدلٍ داخليّ بين أعضاء الفريق الواحد في حلّ مسألة ما؛ حيث وصف معاذ ذلك بقوله " إن أيّ جدال ينشأ ليس بمشكلةٍ حقيقية لأن المنطق هو سيّد الموقف، المهمّ هو وجود لغة تفاهم بين أعضاء الفريق" وأضاف متحدّثاً عن صعوبات التوفيق بين المسابقة والدراسة الجامعيّة "في نهاية الأمر، تصبح المسابقة جزءاً من الرّوتين اليوميّ كممارسة الرياضة أو الهوايات، يمكن لتنظيم الوقت أن يحلّ جزءاً من المشكلة لكنّنا نأمل من جهةٍ ثانيةٍ أن تأخذ جامعاتُنا زمام المبادرةِ لتخفيفِ الضّغط عن الطلّاب المشاركين؛ كأخذِ جهودهم بعين الاعتبار وإدخالها ضمن معدّل عملي مواد البرمجيات والخوارزميات، ممّا قد يُسهم أيضاً في تشجيع الطلّاب الآخرين على المشاركة في مثل هذه المسابقات".

وعن التحضيرات للمسابقة العالميّة، تحدّث كلّ من نضار ومعاذ عن النيّة بالبدء بتدريبات مكثّفة ليس فقط بين فرق سورية، إنّما أيضاً بمشاركة فرق الإقليم ككل. فيما أكّد حسن أنّ فريقه كاملاً من تأهّل للمستوى العالميّ بمن في ذلك زملائه الذين لم يتمكّنوا من الحضور في المسابقة الإقليمية، آملاً ألّا تواجههم المشاكل نفسها في الحصول على التأشيرة مجدّداً.

أمّا على المستوى المحلّيّ، تحدّث نضار عن مشاركته في دورات تدريب الطلّاب الجدد على المسابقة البرمجية "وضعنا خططاً لتدريب فرق الجامعة الجديدة، وقد بدأنا حالياً بتدريب المستوى المتوسّط، أمّا المستوى المبتدئ فستبدأ دوراته في عطلة الربيع، لتنطلق بعدها التدريبات والتحضيرات للمسابقة المحليّة كلٍّ في جامعته."

الجديرُ بالذكر أنّ أيّاً من أعضاء الفرق لم يخضع لتدريبٍ خاصّ سابقاً في مسيرته في عالم البرمجة؛ فالحماس الذي ولّده خبر وجود مسابقةٍ برمجيّةٍ كان كافياً لتحفيزهم باتجاه التعلّم الذاتيّ والتدريب على الإنترنت، والاستعانة بنصائح المدرّبين في كلّياتهم حيث كانت بداياتهم المتواضعة في طريق البرمجة. وعن ذلك تحدّث نضار عن فريق جامعة تشرين "بدأنا جميعاً في فريق 4th Floor منذ أن كنّا في السّنة الثانية في الجامعة، أعطينا المسابقة جهدنا ووقتنا وتعبنا لإكمال الطريق وتحقيق الهدف الأكبر بالوصول للنهائيّ العالمي والمنافسة أيضاً فيه، وأخذ مستوانا بالتحسّن يوماً تلو الآخر حتّى أصبحنا أنداداً أقوياء لفرق الإقليم للمنافسة على اللقب".

ويختتم معاذ لقاءنا بالتوجّه بكلمةٍ أخيرة للراغبين بالدخول في العالم البرمجيّ والمشاركة في المسابقة، " تعتبر المسابقة إضافةً جيّدة لحياة أيّ مهندس، فهي لا تعلّمك كيف تحلّ مشاكل معيّنة؛ بل كيف تتعامل مع المشاكل الجديدة وتفكّر بطريقة مختلفة وفعّالة. وهذا الأمر سينعكس على شخصيّتك وتفكيرك في كلّ مجالات الحياة لا البرمجية فحسب، إضافة للكمّ الكبير من العلاقات والمعارف التي تقدّمها لك المسابقة سواءً صداقات شخصيّة أو معارف بشركاتٍ هامّة يمكن أن تلعب دوراً في مستقبلك " ويتابع مضيفاً "لم يشعر أيّ منّا باليأس من الوضع الدراسيّ أو المهارات والمستويات المتواضعة، فالإيمان بالقدرة على التغيير والتقدّم نحو الأفضل كان محفزّاً للوصول إلى ما نحن عليه؛ بدأنا جميعنا كمتدرّبين، والآن نصف جنباً إلى جنب مع مدرّبينا في الطريق إلى العالمية".

ختاماً، جديرٌ بالذّكر أنّ سورية سجّلت مراكز متقدّمة في المسابقة البرمجيّة للكليات الجامعية ACM خلال أعوام 2012 و2013 و2014 و2015 على المستوى الإقليمي ما أدّى إلى تأهّل الفرق الفائزة للمشاركة في المسابقة العالميّة والتي أقيمت في روسيا 2013 و2014 وفي المغرب 2015. ولابدّ من الإشارة إلى أنّ فرقنا الثلاث على موعد مع المسابقة البرمجية العالمية في أيّار المقبل 2016، وبذلك نأمل في مبادرة "الباحثون السّوريون" أن نعود لنلتقي بهم مجدداً مع نصرٍ علميّ سوريّ جديد بنكهة عالميّة.

*يمكنكم قراءة المزيد حول المسابقة البرمجية في مقالنا السابق: هنا