الطب > مقالات طبية

مادة في القنّب الهندي تعالج الكسور

استمع على ساوندكلاود 🎧

استُخدم نباتُ القِنّبِ الهنديِّ* Cannabis (الماريوانا** marijuana أو الحشيش*** hashish)، لأغراضٍ علاجيةٍ متنوّعة حول العالمِ لقرونٍ عديدةٍ، ولكنْ تراجَعَ هذا الاستخدامُ بسبب زيادة الوعيِ بمخاطرِ الإدمان على هذه المادةِ والتأثيراتِ الذهنيةِ والسلوكيةِ المرتبطةِ بها، حيث مُنع استخدامُ الماريوانا في معظم البلدان في الثلاثينات والأربعيناتِ من القرن الماضي.

مؤخّراً، تمّت إعادةُ النظرِ في الفوائد الطبيةِ الهامةِ لمركباتٍ فعّالةٍ تحويها هذه النبتةُ، ووُجد لها دورٌ في تسكين أعراضِ بعضِ الأمراضِ كداء باركنسون أو السرطانِ أو التصلّبِ المتعدّد.

وقد كشفت الدراسةُ التي نحن بصدد الحديثِ عنها تطبيقاً طبياً جديداً وواعداً للماريوانا، حيث وُجِدَ أنّ لأحد مكوناتِ القنبِ، والذي يُدعى "كانابيديول cannabidiol CBD"، قدرةً على المساعدة في شفاء الكسورِ العظمية. ويجدر بالذكر أنّ هذه المادّةَ خاليةٌ من التأثيرات العقليةِ (لا تؤثر على الحالة الذهنية)، وذلك بعكس مادةِ "رباعي هيدروكانابينول tetrahydrocannabinol THC" والتي تُعَدُّ المادةَ الرئيسةَ المسؤولةَ عن التأثير العقليِّ الناتجِ عن استخدام القِنّبِ (أي عند تدخين الحشيش كنوع من المخدرات).

أُجريَتِ الدراسةُ على مجموعة من الفئران، ووُجد أنّ الكانابيديول CBD يساعد بشكل ملحوظٍ في عملية شفاءِ كسورِ الفخذِ لدى هذه الفئرانِ، وذلك بعد ثمانيةِ أسابيع فقط من استخدامه؛ حتى عندما يكون بمعزل عن المكوّنِ الآخر؛ الـ THC.

اكتشف الفريقُ نفسُه في دراسة سابقةٍ أنّ مستقبلاتِ الكانابينويد Cannabinoid receptors الموجودةَ بشكل طبيعيٍّ في أجسامنا تحرِّضُ تشكيلَ العظامِ وتُثبّط خسارتَها.

هذا يمهّد الطريقَ للاستخدام المستقبليِّ للأدوية المستخلصةِ من القنبِ الهنديِّ والحاويةِ على مركبِ الكانابيديول لمكافحة هشاشةِ العظمِ وأمراضٍ عظميةٍ أُخرى.

يقول القائمون على الدراسة أنّ الإمكانياتِ الطبيّةَ للمركبات المستخلصةِ من القنّب الهندي واضحةٌ جداً ولا يمكن نفيها. وعلى الرغم من أنّنا نحتاج الكثيرَ من العمل حتّى نتوصّلَ إلى علاجات مناسبةٍ، إلّا أنّنا نستطيع فصلَ المعالجةِ السريريةِ عن التأثيرات النفسيةِ للقنب بشكل واضح. حيث أنّ الـCBD، العنصرَ الأساسيَّ في هذه الدراسة، هو مضادُّ التهابٍ ولا يملك أي تأثيراتٍ عقلية.

تستجيب أجسامُنا للمركبات التي يحويها نبات القنّب لأنها تحتوي على مركبات داخليةِ المنشأِ يفرزها الجسمُ طبيعياً، شبيهةٍ بتلك النباتيةِ، إلى جانب مستقبلاتٍ خاصةٍ بها، حيث يمكن أن تتفعّلَ هذه المستقبلاتُ أيضاً بالمكونات الموجودةِ في نبات القنّب.

وجد الباحثون أنّ الهيكلَ العظمي يُنظَّم بمركبات الكانابينويد هذه، حيث وجدوا أنّ الـ CBD لوحده يجعل العظامَ أقوى أثناء شفائِها من الكسور، ويساعد في نُضج اللُّحْمة (matrix) الكولاجينيةِ التي تُشكّل الأساسَ في التمعدُن الجديد للنسيج العظمي. كما وجدت الدراسة أنّ العظمَ الذي شُفي بعد المعالجة بالـCBD كان أكثرَ مقاومةً للكسر في المستقبل.

عمد الباحثون إلى حقن مجموعةٍ من الفئران بالـCBD لوحده، ومجموعةٍ أُخرى بمركب CBD مُرفقاً مع مركب THC. وبعد تقديرِ التأثيراتِ التي حققها كلا المركّبين معاً في الفئران، مقارنةً بتلك التي نتجت عن حقن الكانابيديول لوحده، وجدوا أنّ للكانابيديول وحده تأثيراً كافياً في تحسين شفاء الكسور العظمية.

أظهرت دراساتٌ أخرى أنّ الـCBD هو مركبٌ آمنٌ للاستخدام. وهذا يقودنا للاقتناع بوجوب الاستمرارِ في هذا الخطِّ من الدراسة في التجاربِ السريريةِ لتقييم فائدتِه في تحسين شفاءِ الكسور العظميةِ عند الإنسان.

الهوامش:

القنّب الهندي*، الماريوانا**، الحشيش***:

القنب الهندي و الماريوانا اسمان يدلان على المعنى نفسه، وهو الأوراق والأزهار والسوق والبذور المجففة للنبات العشبي Cannabis sativa، الذي يحتوي على المادة الكيميائية المؤثرة عقلياً "دلتا- 9- رباعي هيدروكانابينول" ويشار إليها بالاختصار THC، إضافة إلى مركبات أخرى.

أما الحشيش فهو عبارة عن مركّز من هذه المادة النباتية بشكل راتين resin (والراتين أو الراتنج هو مادة عضوية غير منحلّة بالماء، تطرحها بعض الأشجار والنباتات كشجر الصنوبر).

المصادر:

هنا

هنا

مصادر المقال:

هنا

هنا

هنا

حقوق الصورة:

هنا

هنا