العمارة والتشييد > التصميم المعماري

متحف Petersen للسيَّارات!

استمع على ساوندكلاود 🎧

قليلةٌ هي التصاميم التي تثير الجدل وتتناقض الآراء حولها، لكن أن يتعلق التصميم بمتحف للسيَّارات وفي مدينة كمدينة Los Angeles فلا بدَّ أن يكون للموضوع نكهة خاصة.

أعلن متحف Petersen للسيَّارات بأنّه سيحتفل بذكراه السنوية العشرين في عام 2014 بإعادة التصميم الداخلي والواجهات الخارجية للمتحف ليرتقي للمستوى العالمي وليُظهرَ الفن والخبرة والثقافة وتراث السيَّارات، حيث سيعطي الشكل الخارجي المصمَّم من قبل المكتب المعماري  "Kohn Pedersen Fox Associates" للمتحف أصالة وفرادة حقيقيَّة ستجذب المعماريين ومُحبِّي السيَّارات على حدٍ سواء.

يقول السيِّد Peter Mullin رئيس مجلس إدارة المتحف: "لقد سَحر متحف Petersen الزوَّار على مدى عقدين من الزمان بتشكيلته المميزة من السيارات وتركيزه على التعليم والترفيه. خطَّتنا هي العمل مع ألمع العقول في المجال المعماري والسيَّارات والتصميم التفاعلي، لنقدِّم لسكَّان مدينة Los Angeles والعالم مكاناً يغمرهم بالثقافة، مكاناً تستطيع فيه أن تتفاعل وتستمتع مع أعظم ما تم صنعه في تاريخ صناعة السيارات.

يتابع السيد Peter Mullin: "صراحةً، نحن نواجه مشكلة في دفع الناس لزيارة المتحف مرة ثانية، فالناس تعتقد بأنه لا يوجد ما يستحق الزيارة بعد أن قاموا بزيارته سابقاً، يفكِّرون بأن لا يوجد شيء جديد!. لذلك فأنا آمل بأن تجديد المتحف وتحديث معارضه ستزيد الزيارات اليومية بنسبة 60%."

بالنسبة للتصميم، سيقوم المكتب المعماري بالتعاون مع اختصاصي المعادن Zahner بتنفيذ مجموعة من الأشرطة الطويلة المصنوعة من الفولاذ المقاوم للصدأ (stainless steel) للفت النظر، حيث ستلتف الأشرطة حول جوانب المبنى الثلاثة وأعلاه لتشكِّل غلافًا يحيط بالمبنى الأحمر بما يشبه بياناً صارخاً يستحضر صور السرعة وخطوط السيارات الخارقة المنحنية. أمَّا في الليل، فستتمُّ إضاءة المبنى الأحمر والأشرطة الفولاذية بأضوية LED لإبراز واجهة المتحف المنحوتة. حيث سيتم تنفيذ هذه الإضافات دون إجراء أي تعديلات كبيرة لكتلة المتحف الأصليَّة.

هذا التجديد سيطال القسم الداخلي أيضًا؛ حيث سيصار لزيادة 1500 قدم من مساحات العرض. حيث ستتميز المعارض الجديدة بخاصيَّات الإضاءة الفنيَّة والعروض الرقميَّة ومحطَّات التعليم المحفِّزة التي ستروي قصصاً عن الأشخاص والسيَّارات التي شكلَّت ورسمت ملامح القرن العشرين. كما ستتم المحافظة على المقتنيات الحالية وتوسيعها لتشمل المقتنيات الكلاسيكية المهمَّة في أوروبا وأمريكا، والقضبان الساخنة وسيَّارات السباق الخارقة بالإضافة لآخر التطورات التكنولوجية على صعيد الوقود البديل وسيارات هوليوود الكلاسيكية وحتى السيَّارات التي صُمِّمَت وصُنِّعت في مدينة Los Angeles.

جذبَ تصميم المتحف الجديد اهتماماً كبيراً من أبناء مدينة Los Angeles وهو أمر نادر حدوثه، لكن ما هو أكثر ندرةً أن يلقى انتقاداً بالإجماع من قبل النقَّاد. فباستثناء المباني الرمزية التي ضمَّتها المدينة في السنوات الـ15 الأخيرة، كان من النادر أن تستقبل المدينة مبنى عامَّاً بعمارةٍ مميزة، لهذا تخضع كل إضافة جديدة لتقييم ثقافي حاد. حالياً ومع انتهاء المعماري Kohn Pedersen Fox من إعادة تصميمه لمتحف Petersen للسيَّارات كان لابدَّ للنُّقاد المعماريين أن يشحذوا سكاكينهم! فكثيرون الذين دعوه بالبشع، كما لُقّب بأنَّه كسيارة الـEdsel بالنسبة للعمارة (وهي سيارة من تصميم شركة Ford سنة 1958 لقبت بأبشع سيارة في التاريخ). لكن كل هذه الانتقادات تُغفل عنصراً مهمَّاً وهو كيف يجب أن يبدو معرض للسيارات في منطقة Miracle Mile.

يقول المساعد الفني لمتحف العمارة والتصميم السيِّد Thomas Musca: "لقد تعلّمنا كطلاب في كليّة العمارة أنَّ على العمارة الجيَّدة أن تكون هادفة، وأن يكون خلف أي قرار تصميمي تفسير منطقي، وأي تصميم بخلاف ذلك لا يتعدَّى كونه منحوتة". وجهات النظر هذه لخصَّها المعماري Frank Lloyd Wright والذي قال مرَّة: "إنَّ مفهوم «الشكل يتبع الوظيفة» قد أُسيء فهمه، فعلى الشكل والوظيفة أن يرتبطا في وحدة روحيَّة. أمّا تصميم المتحف المقترح فهو يخالف هذه القاعدة المقدَّسة. ربَّما هذا ما أثار النقَّاد و أثار إعجابي في الوقت نفسه."

إنَ التصميم الفريد بواجهاته المضاعفة يبعث برسالة جريئة. فهو يتكوَّن من قشرة داخلية من الصفائح المعدنيَّة المتموِّجة ذات اللون الأحمر تحيط وتخفي الكتلة الأصليَّة، وواجهة خارجيَّة من الأشرطة المعدنيَّة المتداخلة محيطة بالمبنى بحماسة ملحوظة وبدون أي فائدة إنشائيّة فيما يتعلَّق بدعم كتلة المبنى. هذه الأشرطة تجتذب وتمتِّع عين الناظر، لتبدو وكأنَّها الفكرة القادمة لتصميم سيارة البورش Porsche، مشهد غريب الأطوار يستحق المشاهدة. قد لا تتمتَّع الواجهات الجديدة بدور وظيفي لكنَّها تلعب دورها من الناحية الديموغرافية، حيث يعدُّ استخدام الشرائط قراراً تسويقياً ناجحاً، فهي تعبِّر عن الأشياء السريعة المحتجزة ضمنها، كما أنّها أفضل بكثير من الإعلان الصارخ وبروز NASCAR في التصميم القديم. فالتصميم الجديد يجاهر بمفهوم السرعة ويعتنق سطحيًّتها ويعبِّر عن شخصيَّة المدينة. فالمتحف بتصميمه الجديد أكثر من مجرَّد صورة مع خلفيَّة مظللَّة في الخلف، إنه رمز معماري عابر للزمن، لذا فهو جيِّد.

إنَّ تقاطع شارعي Wilshire وFairfaxمنطقة مملَّة وأي نيّة لجعل العمارة في منطقة Miracle Mile عمارة متقشِّفة هو أمر مرفوض وغير منطقي. حيث يحيط بمتحف Petersen الأسطوانات الذهبية لمبنى شركة May ومقهى Johnie (وهي مواقع تاريخيَّة محميّة لتصوير الأفلام، لم تخدم أي منفعة طوال العقود الماضية)، ومتحف La Brea Tar Pits وصخرة Michael Heizer وأضوية Chris Burden وجزء من جدار برلين وقريباً مبنى alien orb من تصميم Renzo Piano ومتحف التصميم للمعماري Peter Zumthor. هذه هي المميزات التي تجعلها نقطة البداية لمهرجان Ciclavia route (مهرجان يقام بشكل سنوي في مدينة Los Angeles لراكبي الدرَّاجات والمشاة) ، فالناس تقصده لتمرح والمرح جيِّد!

إنَّ اعتبار التصميم الجديد لمتحف Petersen منحوتة لا ذوق فيها هو كاعتبار سيارة سريعة وجميلة سيارة غير ناضجة. هناك سبب لأن تكون أغلب سيارات الـLamborghini تأتي باللَّون الأصفر ولماذا أطلقت شركة تسلا سيارة Ludicrous Mode! فالسيارات مصمَّمة لتكون ساذجة عمداً ولتستفزَّ الطفل في داخلنا. المتحف برمزيَّته كمعبدٍ للسيَّارات وعليه أن يؤدِّي وظيفته ويعكس هذا المفهوم فهو كالمتنزَّه لعشَّاق السيارات، وقشرته الخارجية متموِّجة ومتلاعبة بإتقانٍ يجعلها مناسبة تماماً للغرض!

أمّا أنت صديقي فهل توافق أغلب النُّقاد في رأيهم أم أّن التصميم قد نجح في وظيفته وداعب الطفل في داخلك مسترجعاً مشاعر الحماسة والإثارة عند رؤيتك لسيَّارتك المفضَّلة؟

المصدر:

هنا

هنا