المعلوماتية > برمجة الألعاب

إدمان ألعاب الإنترنت

استمع على ساوندكلاود 🎧

يتزايد قلق الآباء والأمهات في جميع أنحاء العالم بشأن عادة ألعاب الإنترنت لدى أبنائهم. فعندما يرون أبناءهم يخسرون الاتّصال مع الواقع و يفقدون الاهتمام بكل شيء آخر، حتى أنهم يبدون ردَّ فعلٍ عنيف جداً إذا طُلب منهم الابتعاد عنها، فهنا يتأكد الآباء من وجود مشكلة.

إدمان ألعاب الفيديو أو أي بيئة لعب تفاعلية متاحة على شبكة الإنترنت تثير مشاكلَ معقدة جداً. إذ تُعطي خصائصُ الدردشةِ الواسعة هذه الألعاب الجانبَ الاجتماعي المفقود في الأنشطة الأخرى بدون إنترنت، والنمطَ التعاوني أو التنافسي للعمل مع أو ضد لاعبين آخرين، مِمَّا يمكن أن يُوصلَ اللاعبين لمرحلة يشعرون فيها أنّه من الصّعب أخذ استراحة!

في الأيام الأولى للإنترنت، عُرفت ألعابُ الحيّزِ متعددِ المستخدمين التي تركّز على السلطة والهيمنة ضمن عالم افتراضيّ. ينجذب المراهقون عادةً لهذا النمط من الألعاب التي تتضمنُ شخصيةً مرتبطة بالمهارات والصفات والترتيب الذي يقرّه زملاؤهم اللاعبون ويعاملون بعضهم وفقاً له.

تختلف هذه الألعاب عن ألعاب الفيديو التقليدية في أنها تقوم بتحسين قوة ومهارات وتحسين الشخصية بدلاً من تحسين التنسيق بين اليد والعين لدى اللاعب.

يكسب لاعبو ألعاب الحيّزِ متعددِ المستخدمين الاحترامَ والتقدير من زملائهم، خاصة أولئك أصحاب المستوى المتدني من تقدير الذات وممن لديهم ضعف في مهارات التعامل وبذلك يكونون عُرضةً أكثر للإصابة بالإدمان خاصة إذا استطاعوا تكوين شخصية قوية في اللعبة.

تتضمَّنُ الألعاب التفاعلية مواضيعَ جديدة أسهل للتعلم وأكثر جاذبية، مما أدى إلى نموها خلال عقود قليلة ووصولها لملايين المستخدمين. في العديد من الحالات الموثقة، أدت إلى الطلاق أو فقدان الوظيفة أو مشاكل صحيّة بين أولئك الذين يعانون من الإدمان.

ولكنّ المستشارين ليسوا خبراء بهذا النوع من الإدمان ولا يفهمون كيف يمكن أن تكون هذه الألعاب مغرية إلى هذا الحد. تقولُ إحدى الأمهات أنها ذهبت وتحدثت إلى مستشاري توجيه ابنها ومدرّسي علم النفس واثنين من مراكز علاج الإدمان المحلية، جميعهم لم يواجهوا مشكلة شخص مدمن على Xbox، الجميع يقولون لها أنها مرحلة عابرة ويجب محاولة الحد من لعب ابنها!

عوامل نفسية تساعد على تطور الإدمان:

يمكن أن تصبحَ سماتٌ شخصية وظروفٌ نفسية وحالاتٌ أسرية معينة عواملَ خطرةً تجعل اللاعبين أكثرَ عرضةً لتطور الإدمان لديهم، ومنها:

● تدنّي احترام الذات:

الأفراد الذين يعانون من تدني احترام الذات هم الأكثر تعرضاً لتطور الإدمان على ألعاب الانترنت، فمن خلال هذه الألعاب يكسبون ثقةً بأنفسهم ويكونون أصدقاء.

● سوء العلاقات الاجتماعية:

يقومُ جزء كبير من الألعاب الاجتماعية على فكرة بناء العلاقات بين اللاعبين، فاللعب عبر الإنترنت هو نشاط اجتماعي. تشمل معظم هذه الألعاب غرفَ دردشة، مما يسمح للاعبين بالتفاعل مع بعضهم البعض عن طريق الشخصيات التي يمثلونها. الجانب الاجتماعي هو عامل أساسي في إدمان الألعاب، إذ يشعرُ العديد من الناس بالوحدة ويحصلون على الشعور بالانتماء في اللعبة.

● الذكاء والخيال المرتفعان للاعب:

توفرُ الألعاب متنفساً لخيال الأفراد، خاصة بين المراهقين والأطفال المتميزين أكاديمياً الذين لا يشعرون بالتحفيز في المدرسة، إذ تتحول اللعبة إلى مكان للمغامرة والتحفيز الفكري. مثل هذه الألعاب التي تغري اللاعبين بأهداف وإنجازات معقدة، فهم يواجهون العالم الافتراضي للعبة وينظرون للشخصيات فيها على أنها حقيقية وليست خيالية، خصوصاً في الألعاب الموجهة نحو هدف معين مثل "EverQuest".

● الحاجة إلى التقدير والسلطة:

طريقةُ الوصول التدريجي للسلطة تجعلُ اللاعبَ حذراً من كل منافسيه، وأحياناً تكون المهارة جديدة وليست كافية، ففي معظم الألعاب متعددة المستخدمين، يؤدي كل هدف إلى هدف آخر، وهناك خيارات حاسمة يتخذها اللاعبون أثناء ذلك، فهم يستثمرون الكثير من الوقت لتطوير شخصياتهم أثناء محاولة الوصول إلى الهدف التالي.

علامات إدمان ألعاب الانترنت:

تظهر علامات واضحة على مدمني الألعاب، فاللاعبون الذين يلعبون كل يوم تقريباً ولفترات طويلة من الوقت (أكثر من 4 ساعات) يُضحّون بالأنشطة الاجتماعية الأخرى من أجل اللعب فقط، بل ويشعرون بضيقِ أو تعكر المزاج إذا لم يتمكنوا من اللعب. تشمل العلامات الشائعة لذلك ما يلي:

الانشغال الكامل بالألعاب، وتفويت المواعيد وإهمال العمل والأنشطة الاجتماعية، باعتبار اللعب على الإنترنت أصبح أولوية رئيسية أعلى منها.

- الكذب وإخفاء استخدام الألعاب.

- فقدان الاهتمام بالنشاطات الأخرى.

- الابتعاد عن العائلة والأصدقاء.

بعض اللاعبين تتغير شخصياتهم كلما زاد إدمانهم، إذ يقضون وقتاً أقل مع الأصدقاء والأسرة والمزيد من الوقت لوحدهم أمام جهاز الكمبيوتر. وهم يفضلون اللعبة لبناء العلاقات الاجتماعية أما بالنسبة للأشخاص في الحياة الحقيقية يصبحون أقل أهمية.

إذا كان ليس لديهم أصدقاء في الحياة الواقعية عادةً ما يكسبون أصدقاء من زملائهم اللاعبين. في بعض الحالات يكون اللاعبون انطوائيين ويعانون من مشاكل بإجراء اتّصالات اجتماعية في الحياة الحقيقية فتأتي اللعبة لتجد لهم الصداقة والقبول المفقودين في حياتهم.

● التمرد على الحدود الزمنية، إذ يُصبح اللاعبون دفاعيين عن حاجتهم للعب بسبب إدمانهم ويغضبون إذا تم منعهم عنه وقد يصلون إلى مرحلة العنف.

● علامات نفسية:

يشعر المدمنون الذين لا يستطيعون اللعب بالخسارة، هذا الشعور يمكن أن يؤدي إلى تعكر المزاج والقلق أو الاكتئاب، لا يستطيعون التركيز على أي شيء آخر إلا عندما يعودوا للعب مرة أخرى.

● استخدام الألعاب كمهرب:

تصبح اللعبة الملاذ الآمن لمواجهة مشاكل الحياة، بل هي وسيلة قانونية وغير مكلفة لتهدئة قلق المشاعر ويمكن أن تصبح بسرعة وسيلة مريحة لتنس على الفور مشاكل الحياة مهما كانت الضغوط.

إدمان الألعاب لدى البالغين:

ليس فقط الأطفال والمراهقين وطلاب الجامعات يتأثرون بإدمان الألعاب عبر الإنترنت بل أصبح هناك عدد متزايد من البالغين يمارسون هذا النوع من الألعاب.

مدمنو الألعاب يعطون اهتماماً جدياً لألعاب الخيال، تحمّل امرأة من ولاية ويسكونسن لعبة "EverQuest " المسؤولية بمحاولة انتحار ابنها البالغ من العمر 21 عاماً، ابنها كان لديه تاريخ من مشاكل الصحة العقلية و كان أيضاً من المهووسين بلعبة " EverQuest ". اللعبة أيضاً متورطة في وفاة رضيع العام الماضي، كان والده قد كرّس كل وقته للعبة فأهمل طفله مما أدى لمقتله. ومع أن هذه الحالات نادرة، إلاأن العاملين في مجال الصحّة العقليّة يقولون أن عوالم الخيال المقدّمة من قبل ألعاب الكمبيوتر والفيديو يمكن أن تصبح سبب حقيقيّ وقويّ للإدمان وهذا يؤدي إلى تدمير الزواج والمهن. أصبح الناس من جميع الأعمار وبسرعة مغمورين في عالم الخيال الافتراضي لأنهم يستطيعون الهروب من مشاكل حياتهم بسهولة.

علامات سريرية:

العديد من المختصين لا يزالون يعتبرون أن الإدمان على الانترنت ليس اضطراب حقيقي، ولكن يتم توثيق المزيد من الحالات باستمرار.

في عام(2007) وضعت مجموعة من المعايير التشخيصية استناداً إلى الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية (Diagnostic and Statistical Manual of Mental Disorders <DSM) لمساعدة الأطباء في تحديد العلامات الأكثر شيوعاً التي تجبر الأشخاص على لعب ألعاب الأدوار على الإنترنت.

1. هل أنت بحاجة للعب الألعاب عبر الإنترنت لفترات طويلة من الوقت من أجل تحقيق الإثارة المرغوبة؟

2. هل تشغل الألعاب بالك بشكل مستمر ؟

3. هل تكذب على الأصدقاء وأفراد الأسرة لإخفاء مدى أهمية ألعابك على الانترنت؟

4 . هل تشعر بضيق الصدر وتعكر المزاج عند محاولة تخفيض أو وقف اللعب على الانترنت؟

5. هل كانت لديك محاولات متكررة فاشلة للسيطرة بتقليل أو وقف اللعب على الانترنت؟

6. هل تستخدم الألعاب كوسيلة للهروب من المشاكل أو التخفيف من مشاعر العجز، والشعور بالذنب، والقلق، أو الاكتئاب؟

7. هل خاطرت أو فقدت علاقة مهمة بحياتك، أو حتى خاطرت بزواجك بسبب الألعاب عبر الإنترنت؟

8. هل خاطرت بوظيفتك، أو دراستك، أو بفرصة عمل مناسبة بسبب عادة الألعاب عبر الإنترنت؟

الإجابة بـ "نعم" على ثلاثة أو أكثر من النقاط المذكورة أعلاه تشير و بدون تردد إلى أنك قد تعاني من إدمان الألعاب على الإنترنت. هذه هي علامات التحذير التي وُضعت من قبل DSM : فقدان السيطرة، الكذب، المخاطرة بأمور مهمة بسبب عادة اللعب عبر الإنترنت.

إدارة الأعراض

لديك مدمن وتريد معالجته :

- افهم كيف ومتى يستخدم اللاعب الكومبيوتر كخطوة أولى في عملية الاسترداد.

- احتفظ بسجل يومي لتتبع كيفية استخدام ألعاب الإنترنت.

- بعد ذلك خذ بضع دقائق للنظر في عادات استخدام الإنترنت الحالية. ما هي أيام الأسبوع التي سجلت فيها عادة اللعب على الإنترنت؟ في أي وقت من اليوم تبدأ؟ وكم تستمر جلسة نموذجية؟ أين يستخدم الكومبيوتر؟

- الآن، وباستخدام السجل اليومي، ابنِ جدولاً زمنياً جديداً، أو ما نشير إليه بجدول الممارسة العكسية. الهدف من هذه العملية هو تعطيلُ الروتين العادي وإعادة التكيف عن طريق أنماط وقت جديدة لمحاولة كسر هذه العادة. على سبيل المثال، دعنا نقول أن عادته باللعب على الإنترنت تبدأ من 5:00 مساءً حتى بعد منتصف الليل. نضع له بدلاً من ذلك، الاستحمام أو تناول وجبة أو مشاهدة الأخبار قبل تسجيل الدخول. أو ربما نسمح له باستخدام الإنترنت ليلاً فقط، والعودة إلى حياته خلال النهار والجلوس أمام الكومبيوتر للفترة المتبقية من المساء.

القضايا التنموية والتواصل:

العلاج الناجح لا يجب أن يعالجَ سلوكَ اللعب لدى المدمنين فقط، بل يجب عليه أيضاً المساعدة في الأمور التنموية الأساسية التي تساهم في تشكل هوياتهم والتي غالباً ما تكون قد أُهملت أثناء استخدام الألعاب. يجبُ أن يركزَ العلاج على حل المشكلة الأساسية وعلى المهارات الاجتماعية اللازمة لبناء الذات. العديد من اللاعبين لديهم انعدام شعور الثقة بالنفس واحترامهم لذاتهم في الحياة الحقيقية غير موجود أو ضعيف، لذلك العلاج يجب أن يركز على سبل بناء أو إعادة بناء هوياتهم ضمن بيئة غير الألعاب، وتعلّم التواصل مع الآخرين.

المصدر:

هنا