الاقتصاد والعلوم الإدارية > اقتصاد

لماذا ألغت الصين سياسة الطفل الواحد

استمع على ساوندكلاود 🎧

للاستماع للمقال:

قررت الصين في نهاية المطاف أن تواجه مشاكلها الديموغرافية التي تعتبر كالقنبلة الموقوتة، حيث أعلنت مؤخراً أنه سيتم إلغاء سياسة الطفل الواحد التي وضعتها للمرة الأولى في أواخر السبعينات، وبذلك سمحت لكل الأزواج بإنجاب طفلين بدلاً من طفل واحد فقط. هذه السياسة المثيرة للجدل قدر بأنها منعت ولادة ما يقارب من 400 مليون طفل، وعوقب الأزواج الذين أخلوا بهذا القانون بالعديد من العقوبات مثل الغرامات المالية وخسارة العمل والإجهاض القسري. وقد سُمح للأزواج في المناطق الريفية بالحصول على طفلٍ ثانٍ إذا كان المولود الأول فتاة، وكذلك سُمح استثنائياً للأقليات الاثنية بعدم التقيد بهذا القانون منذ عام 2013. ومع ذلك فقد قال نشطاء أن هذه السياسة أدت إلى زيادة الإجهاض القسري، ووأد البنات وعدم الإبلاغ عن المواليد الإناث، مما سبب باختلال التوازن بين الجنسين في الصين.

كما جمعت الحكومة الصينية تريليوني يوان (ما يعادل 206 مليار دولار أمريكي) غرامات ناجمة عن انتهاك قانون الطفل الواحد بحسب ما ورد في موقع The Economist. ويعتقد أن أقصى عقوبة بلغت 7.5 مليون يوان (ما يعادل 1.2 مليون دولار) تحملها أحد الأغنياء لحصوله على طفل ثالث. ولمنع الأغنياء من إنجاب الأطفال بما يخالف السياسة المذكورة، قامت الحكومة بجعل الغرامات المفروضة متناسبة مع الدخل. وقد باتت سياسة الطفل الواحد والتي وضعتها الصين كوسيلة لمنع السكان من استنفاذ موارد البلاد تهدد النمو في الصين في خلال العقود المقبلة، بالرغم من قيام القادة بتخفيف أحكام القانون في عام 2013.

وتشير الرسوم البيانية إلى الإحصائيات والتوقعات التي قد تكون قد دفعت قادة الحزب الشيوعي في بكين نحو التغيير لوضع الإطار الاقتصادي للسنوات الخمس المقبلة.

انخفاض معدل المواليد

وقد انخفض عدد الأطفال في الصين نتيجة للسياسة المذكورة ولبعض التغيرات الأخرى إلى 12.1 طفل لكل ألف من السكان في عام 2013 بعد أن بلغ ذروته إلى 23.3 بالألف بعد الإصلاح في عام 1987. ووفقاً لبيانات البنك الدولي، كان معدل المواليد في الصين أقل من معدل المواليد في الولايات المتحدة الأمريكية والذي بلغ 13 بالألف، ومن معدل ماليزيا الذي بلغ 18 بالألف، وفيتنام 16 بالألف. كما بلغ معدل مواليد اليابان والمعروفة بمشاكلها الديموغرافية ثمانية مواليد لكل ألف.

تناقص عدد العاملين

إن تدني معدل المواليد يؤدي بالنتيجة إلى انخفاض مستمر في عدد السكان العاملين، ومن الممكن أن يقوم ذلك بعرقلة النمو الاقتصادي في البلاد ورفع الأجور بشكل سريع، دافعاً الشركات إلى نقل مصانعها إلى دول منخفضة التكلفة كما في آسيا وأماكن أخرى من العالم. ولأول مرة منذ عقدين على الأقل، انخفض في عام 2014 عدد الأشخاص الذين تترواح أعمارهم بين 15 و64 عاماً بمقدار 1.6 مليون نسمة أو ما يعادل 0.2% من الإجمالي إلى 1.004 مليار نسمة.

شيخوخة السكان

يعني هذا التحول الديموغرافي أن نسبة كبار السن ستزداد بشكل ملحوظ، مما يحدّ من حجم القوى العاملة وزيادة تكاليف الرعاية الصحية، ووضع أعباء أكبر على الشباب لتقديم الدعم لهم. وتتوقع الأمم المتحدة أن عدد الصينيين الذين يبلغون من العمر 60 عاماً وأكثر سيتضاعف في الخمسة وعشرين سنة المقبلة ليصل إلى 431 مليون نسمة. وفي عام 2050 يُتوقع أن تشكل هذه المجموعة من السكان نسبة 36.5% أي بشكل يزيد عن النسبة الحالية و التي تبلغ 15.2%.

ويقول مراسلون أنه على الرغم من تخفيف القوانين فإن كثير من الأزواج قد لا يتخلون عن فكرة الطفل الواحد حيث أصبحت بمثابة قاعدة اجتماعية، وقد صرح ناقدون أنه حتى سياسة الطفلين لن تعزز من معدل المواليد بما فيه الكفاية. وبالنسبة لحقوق النساء، صرحت مايا وانغ Maya Wang العاملة في منظمة حقوق الإنسان بأنه طالما أن نظام المراقبة مازال قائماً، فإن المرأة لا تزال محرومة من الحقوق الإيجابية. وقد ارتفعت أسهم الشركات التي تتعامل بمنتجات الأطفال بعد التخلي عن سياسة الطفل الواحد مثل Mead Johnson Nutrition، Danone SA، Biostime International Holdings، Synutra International، Goodbaby International Holdings وغيرها. كما أن أسعار الحليب في العالم قد تراجعت جزئياً هذا العام بسبب تباطؤ واردات الصين والتي تعتبر المستهلك الأكبر في العالم لمنتجات الحليب الجاف للأطفال، وقد وصلت إلى أدنى مستوى لها منذ عام 2008 في أغسطس/آب 2015.

كما تشكل الصين ما يقارب نصف واردات العالم من مسحوق الحليب الكامل الدسم، على الرغم أنه من المتوقع أن تنخفض المشتريات نحو 40% بسبب تراجع النمو الاقتصادي والمخزون الكبير في البلاد لمنتجات الحليب بحسب المعلومات الواردة من US Department of Agriculture . وقد قال أحد محللي منتجات الألبان جون لانكاستر John Lancaster أن الأمر سيستغرق عدة أشهر قبل أن تؤثر السياسة الصينية الجديدة على الطلب والأسعار التي ما زالت تتعافى من الهبوط الحاد الذي حدث في أغسطس/آب 2015 وربما لن نرى زيادة كبيرة قبل الربع الثاني من العام المقبل.

المصادر

هنا

هنا

هنا

هنا

هنا