الفيزياء والفلك > علم الفلك

اكتشاف نجم عملاق فَتيّ وغنيّ بالليثيوم.

استمع على ساوندكلاود 🎧

أعلن فريقٌ من الفلكيين الأرجنتينيين من مرصد قرطبة Córdoba الفلكي عن اكتشافٍ استثنائي لنجمٍ عملاق فَتِي وغني بالليثيوم، أطلقوا عليه اسم KIC 9821622. فباستخدام بيانات المطياف عالي الدقة المسمى GRACES والموجود في مقراب (تلسكوب)Gemini North في هاواي، استطاع العلماء تحديد الوفرة (أي نسبة وجود المادة) الكيميائية للعناصر الثلاثة وعشرون المكوِّنة لهذا النجم، إضافةً إلى تحديد كتلته وقطره وعمره. ونشروا النتائج في عدد شهر كانون الأول عام 2015 في دورية Astronomy & Astrophysics.

ويتبين بحسب النتائج أن النجم KIC 9821622 هو نجمٌ عملاق متوسط الكتلة (كتلته تصل إلى حوالي 1.64 من كتلة الشمس) ويحوي كميةً وافرةً من الليثيوم، ويبلغ لمعانه حدًا قريبًا من لمعان النجوم في فرع العملاق الأحمر* red giant branch وقريبًا من طفرة اللمعان، مما يعني أنه يبعد عن الأرض مسافة 5300 سنة ضوئية تقريبًا. الجديد والاستثنائي في هذا النجم الجديد هو حقيقة أن النجوم الغنية بالليثيوم نادرةٌ جدًا، حيث يُقدَّر أن ما بين 1 إلى 2 بالمئة فقط من جميع النجوم العملاقة المرصودة تحوي كميةً من الليثيوم قريبة مما هو موجود في KIC 9821622.

أُجريت الأرصاد على هذا النجم باعتباره أحد الأهداف العلمية الأولى التي اختيرت للبدء باختبار مطياف GRACES بأجرامٍ سماوية. وكانت خلال شهر تموز/يوليو من عام 2015.

وبجانب كونه غنيًا بالليثيوم، وجد العلماء أن KIC 9821622 يظهر عليه أنه غنيٌ أيضًا بالكربون والنيتروجين والأوكسيجين. واستطاعوا أيضًا استنباط الوسائط (البارامترات) الأساسية الطيفية الدقيقة للنجم، بما فيها درجة الحرارة الفعالة، والثقالة السطحية، ومعدنية النجم، وسرعة الاضطرابات الصغرية في الغلاف الجوي.

تستهلك النجوم معظم الليثيوم الموجود فيها بعد وقت قصيرٍ من تشكلها، عندما تكون درجة حرارتها كافيةً لحدوث الاندماج النووي. وعادةً ما لا يعاد تشكيل هذا العنصر. لذلك فإن ما يحير العلماء هو كيف تصبح بعض النجوم غنيةً بالليثيوم.

أحد التفسيرات الذي يقدمه لنا القائمون على الدراسة هو أن غنى النجم بالليثيوم ناتجٌ عن ليثيوم جديد تم تركيبه قرب طفرة اللمعان. تفسيرٌ آخر مُعتبر هو النمو الالتحامي الحاصل في الكواكب أو في الأقزام البنية، حيث أن ابتلاع كوكبٍ أو قزمٍ بني قد يسبب مثل هذه الوفرة في الليثيوم. بيد أنه لم تظهر أية آثارٍ لكوكب يدور حول ذلك النجم، أو أنه أحد نجمَي نظام نجمِي ثنائي حتى الآن لتدعم هذه الفرضية.

لذلك يوصي العلماء بالمزيد من الأرصاد عند أطوالٍ موجيةٍ أكبر، من قبيل الأشعة تحت الحمراء المتوسطة** ودون الميليمترية. فهم مقتنعون بأن النمو الالتحامي لكوكبٍ ما سينتج عنه تشكُّل طبقةٍ من المواد المقذوفة والتي يمكن الكشف عنها بواسطة الأشعة تحت الحمراء.

يؤكد الفريق الذي اكتشف النجم KIC 9821622 الحاجة للمزيد من الأرصاد، ويركز على أهمية توصيف الخواص الكيميائية لهذه النجوم الغنية بالليثيوم، فدراستنا لوفرة الليثيوم في الغلاف الضوئي للنجم يمكن أن يكون أداةً مهمة لفهم عملية التشكل النجمي.

ويشير أعضاء الفريق إلى أنه وللمضي قُدمًا في فهمنا لهذه الأجسام النادرة، من الضروري ليس فقط أن نستمر في بحثنا عن النجوم العملاقة الغنية بالليثيوم، ولكن أيضًا معرفة منشأ وفرتها بالليثيوم، والفهم الواضح الذي لا لُبس فيه لكيفية تطور هذه النجوم.

يُعتبر النجم KIC 9821622 بكل تأكيد جسمًا فريدًا ومثيرًا للاهتمام، ويستحق المزيد من التدقيق والتمحيص للكشف عن آلية حيازته لهذه الوفرة غير الطبيعية من الليثيوم. ولهذا فإن التحليل الكيميائي عالي الدقة للمزيد من هذه النجوم العملاقة الشابة يمكن أن يساعد في فهمنا لأصل وكيفية تشكل هذه النجوم.

* فرع العملاق الأحمر red giant branch مقياس لتحديد بعد النجوم في المجرات عن طريق اعتبار النجوم العملاقة الحمراء بمثابة شمعةٍ معيارية.

** الأشعة تحت الحمراء المتوسطة: يُقسم مجال الأشعة تحت الحمراء بحسب طول الموجة إلى ثلاثة أقسام: الأشعة تحت الحمراء القريبة، والمتوسطة، والبعيدة.

وتتراوح قيم الأطوال الموجية لهذا المجال في علم الفلك ما بين 5 و (25 – 40) ميكرومتر.

المصدر: هنا