البيولوجيا والتطوّر > منوعات بيولوجية

كيف "تدردش" أجزاء الخلية النباتية مع بعضها البعض؟

استمع على ساوندكلاود 🎧

اكتشف فريقٌ من الباحثين بقيادة علماءٍ من جامعة بون في ألمانيا University of Bonn أساس الاتصالات في الخلايا النباتية؛ حيث يتحكم بروتين "MICU" في تركيز أيونات (شوارد) الكالسيوم داخل محطات توليد الطاقة الخلوية. بالتالي، وعن طريق استخدام هذه الإشارات الكيميائية، يُمكن للنباتات أن تنظم تشكيل أعضائها أو استجاباتها للإجهاد المائي على سبيل المثال. هذه النتائج قد تستخدم في المستقبل لتحسين المحاصيل الزراعية.

تستجيب النباتات للمنبّهات في البيئات المحيطة بها من خلال ردّات فعلٍ معيّنة. مثلاً، عند وجود شحٍّ في المياه يقوم النبات بالحدّ من التبخر في أوراقه، وإذا هاجمه عاملٌ مُمرض يقوم بحماية نفسه بأسلحةٍ كيميائية، وإذا أراد فطرٌ في التربة التعاون مع جذور النبات من أجل منفعةٍ متبادلة، يقوم كلّ من الطرفين بتحديد واجباته. يقول الدكتور ماركوس شفارتزليندر Markus Schwarzlaender من معهد علوم المحاصيل والحفاظ على الموارد في جامعة بون: "هذه التعديلات جميعها تحتاجُ إلى قدرٍ كبيرٍ من التواصل بين الأجزاء المختلفة في الخلية النباتية الواحدة".

عندما تتواصل المكوّنات المختلفة للخلية مع بعضها البعض، فإنّها لا تستخدم الكلمات، وإنما أيونات الكالسيوم، مثل ذرّات الكالسيوم موجبة الشحنة على سبيل المثال. يوضّح الدكتور شفارتزليندر ذلك بقوله: "يتمّ ترميز المعلومات ضمن تقلّبات تراكيز أيونات الكالسيوم في مختلف مكوّنات الخلية". ولكن، كيف يمكن لأيونٍ واحدٍ أن يحمل وينقل الكثير من المعلومات؟ هذا السؤال الذي ظلّ يشغل بال العلماء منذ أن عرفوا أنّ أجزاء الخلية "تتحادث" مع بعضها.

• بروتين "MICU" هو محطة التحويل المركزية:

قام فريق الدكتور شفارتزليندر بالتعاون مع علماءٍ من إيطاليا، فرنسا، إنكلترا، أستراليا، معهد ماكس بلانك لأبحاث تربية النباتات في كولن وجامعة موينستر بتسليط الضوء على هذه المسألة، والتقصّي داخل محطّات توليد الطاقة الخلوية (أي الميتوكوندريا) لنبات رشاد الثيل (يُسمّى أيضاً رشاد أذن الفأر) Arabidopsis thaliana، فوجدوا أن البروتين المسمّى "MICU" يَشغل دوراً مركزياً في السيطرة على تركيز أيونات الكالسيوم في المتيوكوندريا.

تمتلك الثديّيات بروتيناً شديد الشبه يعمل أيضاً على تنظيم تراكيز أيونات الكالسيوم. يعمل هذا البروتين كالشاحن التوربيني، إذ يدفع الميتوكوندريا عند الثديّيات لتقديم المزيد من الطاقة. توقّع العلماء أن يكون هذا البروتين مرشّحاً محتملاً، ولكنهم فُوجئوا عندما وجدوا أن بروتيناً قريباً منه ذي أصلٍ نباتي، أي البروتين "MICU" ، هو محطة التحويل المركزية في نظام الاتصالات لنبات رشاد الثيل. يقول الدكتور شفارتزليندر: "إنّ كِلا البروتينين، النباتي والحيواني، قد نشئا من سلفٍ مشترك، ولكن مع مرور آلاف السنين، قام كلٌ منهما بتطوير خصائصه المميزة".

• محطات الطاقة الخلوية الفلوريّة تقدم المعلومات:

تمكّن الباحثون تجريبياً من معرفة تأثير البروتين على اتصالات الكالسيوم في الخلايا النباتية، وذلك من خلال تدمير المورّثة المسؤولة عن ترميز البروتين "MICU" في جينوم نبات رشاد الثيل. حيث قام الباحثون بتزويد المتيوكوندريا ببروتينٍ فلوريّ مستشعر، وباستخدام كثافاتٍ مختلفة للفلوريّة في المستشعرات، كانوا قادرين على رؤية التغيرات في تراكيز الكالسيوم ضمن محطات توليد الطاقة الخلوية في النباتات الحية. وبذلك تمكّن الباحثون من تحديد تأثيرٍ واضحٍ على التواصل في الميتوكوندريا، إذ أدّى إقصاءُ المورّثة المسؤولة عن بروتين "MICU" -بغضّ النظر عن العواقب الأخرى- إلى تعديل خصائص التنفس الخلوي.

يشير الدكتور شفارتزليندر إلى أنّ النتائج التي توصّلوا إليها تضع أساساً للتأثير على إشارات الكالسيوم في أجزاء معينة من الخلية النباتية. ونظراً لكون نبات رشاد الثيل يعدّ النموذج التجريبي للنباتات بشكلٍ عام، فإنّ هذه النتائج قد تكون قابلةّ للاستخدام في تحسين المحاصيل في المستقبل.

وبالتطلّع قُدُماً نحو المستقبل، يرى الباحثون أنه في حال تمكّنوا من "تعليم" نباتاتٍ معينةٍ كيفيةَ التحالف مع البكتريا المثبتّة للنتروجين في التربة عبر إشارات الكالسيوم المعدّلة، عندها يُمكن توفير كميّاتٍ كبيرةٍ من الأسمدة التي تستخدم حالياً في الزراعة.

المصادر:

هنا

البحث الأصلي: هنا