التوعية الجنسية > الحياة والحقوق الجنسية والجندرية

الهرمونات الجنسيّة: مركّباتٌ صغيرةٌ بمسؤولياتٍ كبيرة!

استمع على ساوندكلاود 🎧

الهرمونات الجنسيّة مركّباتٌ كيميائيّةٌ تُطرح في الدّم مباشرةً لتؤثّر في مناطقَ مختلفةٍ من الجسم، حيث تُعتبَر الهرمونات نواقلَ كيميائيّةً موجودةً لدى الرجال والنساء على حدٍّ سواء، ولكن كمّية ودرجة هذه الهرمونات تختلف من شخص لآخرَ وبشكلٍ يوميّ، إذ تُفرز الهرمونات الجنسيّة على شكل دفعاتٍ تختلف من ساعةٍ لأخرى وحتّى من دقيقةٍ لأخرى.

بدايةً، ولأنّ "السيّداتَ أوّلاً"، لنتعرّف سريعاً على الجهاز التناسليّ الأنثويّ وأجزائِه، ومن ثمّ نتحدّث عن أبرز الهرمونات المسؤولة عن الصفات الأنثوية.

تظهرُ في الصّورةِ أعلاهُ أجزاءُ الجهازِ التناسليّ الأنثويّ، ويتكوّن من الشّفرات الكبيرة، والشّفرات الصغيرة، وغدد بارتولين المسؤولة عن الإفرازات المخاطيّة، والبظرِ، والمهبلِ، والرّحمِ، وقنواتِ فالوب، وأخيراً المبيضَين المسؤولَين عن إنتاج البيوض وإفراز الهرمونات.

لهذا الجهاز وظائفُ عديدةٌ؛ بالإضافة إلى إنتاجهِ للبويضاتِ الضّروريّةِ للتكاثرِ، يقومُ الجهازُ بنقلِ البويضةِ إلى مكان الإخصابِ، حيثُ تلتقي النطفةُ بالبويضةِ في قناةِ فالوب، ومن ثمَّ تنغرسُ هذهِ البويضةُ في جدارِ الرّحمِ ليحدث الحمل. من جهةٍ ثانيةٍ، وفي حال عدم حدوث الإخصاب، يعملُ الجهاز على التخلّصِ من البويضةِ والبطانةِ الرّحميّة من خلال عملية الطّمث "الدّورة الشّهريّة".

والآن، لنتعرّف إلى اثنين من أبرز الهرموناتِ المسؤولةِ عن الصّفاتِ الأنثويّةِ والوظيفةِ الجنسيّةِ؛ وهما الأستروجين والبروجسترون.

- الأستروجين Estrogen:

تُعتبر الأستروجينات من الستيروئيداتِ المسؤولةِ عن إظهار صفاتِ البلوغِ عند المرأة؛ فهي مسؤولةٌ عن نموِّ الثّديين والرّحمِ والمهبلِ، وظهورِ الشّعر في منطقةِ العانةِ، بالإضافةِ إلى ازديادِ حجمِ النّسجِ الشّحميّةِ وخاصّةً في منطقةِ الورك. يمتلكُ الأستروجين أهميةً كبيرةً في مرحلةِ الحملِ وفي تهيئة الأعضاءِ التناسليّةِ لحصولِ الحمل.

تتضمّنُ الأستروجينات مجموعةً من الهرموناتِ؛ هي الأستريول والإستراديول والإسترون.

• الأستريول: ينتجُ في المشيمةِ خلالَ الحمل.

• الإستراديول: هو الهرمون الرئيسيّ عند المرأةِ الحاملِ، إذ تفرزهُ جريباتُ المبيضِ ويُعدّ مسؤولاً عن الصّفات الأنثويّة والوظائف الجنسيّة، فضلاً عن أهمّيّتهِ في تنظيمِ نموِّ العظمِ، كما لهُ تأثيرٌ كبيرٌ في الأمراضِ النسائيّة.

• الإسترون: هرمونٌ ذو انتشارٍ واسعٍ في الجسم بعد سنّ اليأس.

تكونُ مستوياتُ الأستروجين مُرتفعةً لدى الشّاباتِ اليافعاتِ، لأنّه مسؤولٌ عن إحداثِ التغيّير في أجسادهنّ؛ حيث يعملُ الأستروجين على زيادةِ حجمِ الثّديين والنّسجِ الشحميّةِ في منطقةِ الوركِ وغيرها من التأثيراتِ المذكورةِ سابقاً.

تزدادُ نسبةُ الأستروجينات بشكلٍ ملحوظٍ عند الإناثِ اللواتي يعانينَ من زيادةٍ مُفرطةٍ في الوزنِ، وعند النساءِ المصاباتِ بارتفاع ضغط الدّمِ أو السّكّري. في حين تنخفضُ هذهِ النسبةُ بشكلٍ كبيرٍ في عمر 40 – 55 سنة، وتُدعى هذهِ المرحلةُ بسنّ اليأس. هذا الانخفاضُ الكبيرُ بالأستروجينات قد يسبّبُ أعراضاً غير مريحةٍ؛ كالتعرّقِ الليليّ، أو الجفاف، أو حكّةٍ في المهبل، بالإضافة إلى انخفاضِ الرغبةِ الجنسيّةِ.

وتجدرُ الإشارةُ هنا إلى أنّ النّساءَ الرياضيّات أو عارضاتِ الأزياءِ ممّن يتّصفن بوزنٍ منخفضٍ أو مشاكلَ في تناولِ الطعامِ يفرزْنَ هرموناتٍ جنسيّةٍ أقلّ. في هذهِ الحالةِ قد تعاني هذه النسوة من انحباسِ الحيضِ أو من ترقّقِ العظام.

- البروجسترون Progesterone:

يُعتبر البروجسترون أيضاً من الستيروئيداتِ، وله دورٌ هامٌّ في عمليةِ الحمل والدّورةِ الشّهريّةِ، كما لهُ تأثيراتٌ أخرى لا ترتبطُ بالجنسِ أو التناسلِ. تفرزهُ المشيمةُ وغدّةُ الكظرِ؛ حيثُ يلعبُ دورَهُ الرئيسيّ بالتأثيرِ على بطانةِ الرّحمِ وتهيئتها لاستقبالِ البويضةِ، بالإضافةِ لمنعِ حصولِ التقلّصاتِ العضليّة في جدار الرّحمِ حفاظاً على البويضةِ الملتصقة.

يلعبُ البروجسترون هنا دوراً أساسيّاً في تشكيلِ أوعيةٍ دمويةٍ جديدةٍ وإفرازِ الموادِ المغذّيّةِ بهدفِ دعمِ الجنين. تلتقي الأوعيةُ الدمويّةُ ببعضها وتشكّلُ المشيمةَ، التي ستفرزُ بدورها المزيدَ من البروجسترون.

يمنعُ البروجسترون تشكيلَ بيوضٍ جديدةٍ ويعتبرُ أساسيّاً جداً في مرحلةِ الحملِ للحفاظِ على الجنين، حيثُ تبقى مستوياتهُ مرتفعةً طوال فترةِ الحملِ.

أمّا في حالِ عدم حدوث الإخصاب، تنخفضُ نسبةُ البروجسترون بشكلٍ كبيرٍ ممّا يؤدّي لدمارِ بطانةِ الرّحمِ، وهذا ما يُعرف بالطّمث.

* من الجديرِ ذكرُه أنّ الإناث يفرزنَ التستوستيرون أيضاً ، وهو ما يُعرف بهرمون الذّكورة (وسنأتي على شرحه في الهرمونات الجنسيّة الذكرية) ولكنّه موجودٌ بنسبٍ قليلةٍ جداً في أجسامهنّ وينتجه المبيضان.

ولكن، ما آثار التستوستيرون على جسمِ المرأةِ في حالِ ارتفاع نسبته؟

في الواقع، إنّ ارتفاع نسبة التستوستيرون في جسمِ المرأةِ، سواءٌ نتيجةً لوجودِ ورمٍ في المبايضِ أو غدّة الكظرِ، أو نتيجةَ متلازمةِ المبايض متعدّدةِ الكييسات، فإنه سيؤدّي لتأثيراتٍ سلبيةٍ على انتظامِ الدّورةِ الشّهريّةِ، كذلك سينمو الشّعرُ بشكلٍ كبيرٍ عن المعتاد، قد تعاني بعضُ النساءِ من ثخانةٍ في الصوتِ، وزيادةٍ في الكتلةِ العضليّةِ، وظهورِ حبّ الشّباب.

بالانتقالِ للحديثِ عن الهرموناتِ الجنسيّةِ لدى الذكورِ، لنتعرّف أولاً على أجزاء الجهاز التناسليّ الذكريّ.

يُقسمُ الجهازُ التناسليُّ الذكري بشكلٍ رئيسيٍّ إلى أعضاء خارجيّة وهي القضيب، وكيسُ الصفنِ الذي يحملُ الخصيتين وأنبوبيّ البربخِ حول كلّ خصيةٍ، وأعضاء داخلية هي القناةُ الناقلةُ للنطاف "الأسهر"، القنواتُ القاذفةُ، الإحليلُ، والحويصلاتُ المنويّةُ التي تُغذّي النطاف، غدّة البروستات، والغدّة البصليّة الإحليليّة.

وظيفةُ البربخِ هي تجميعُ النطافِ بعدَ خروجها من الخصيةِ وإبقاؤها حتّى تصلَ لمرحلةِ البلوغِ، أمّا أبرزُ الهرموناتِ المسؤولةِ عن الصّفاتِ الذكريّةِ والوظيفةِ الجنسيّةِ؛ فهما التستوستيرون والأندروجين.

- التِستوستيرون Testosterone:

بالنسبةِ للذكورِ، فإنّ الهرمون الرئيسيّ هو التستوستيرون، والذي تُنتجهُ الخصيتان.

يعتمدُ الجهازُ التناسليّ عند الذكورِ بشكلٍ أساسيٍّ على الهرموناتِ وهي التستوستيرون، والهرمون المُنبّه للجُرَيْب FSH، بالإضافةِ للهرمونِ الملوتِن (LH) luteinizing hormone. حيثُ يُعتبرُ الهرمون المُنبّه للجُريب ضروريّاً لإنتاجِ النطافِ، أمّا الهرمونُ الملوتِن فيحفّزُ إنتاجَ هرمونِ التستوستيرون، وهذا الأخيرُ هوالمسؤولُ عن إظهارِ صفاتِ الذّكورة والضّخامةِ عند الذكورِ؛ حيثُ يزيدُ الكتلةَ العضليّةَ، ويكسبُ الرجال الصوتَ الثّخينَ، ويحفّزُ نموّ شعرِ الجسمِ والوجهِ، وإنتاجِ النّطافِ.

تكونُ نسبةُ التستوستيرون منخفضةً عند الذكورِ قبلَ مرحلةِ البلوغِ ويبلغُ أعلى مستوياتهِ في سنّ الأربعين، ومن ثمّ يعودُ للانخفاضِ عند كبار السنّ. تتغيّرُ نسبةُ التستوستيرون أيضاً خلال فتراتِ اليومِ حيثُ يبلغُ قمّتهُ في الصباحِ وتنخفضُ نسبتهُ في الليل.

يؤدي انخفاضُ نسبةُ التستوستيرون إلى انخفاضِ الرغبةِ الجنسيّةِ عند الرجالِ، وعدمِ حصولِ انتصابٍ في القضيبِ. أمّا بالنسبةِ للبالغين ممّن يعانون من مستوياتٍ منخفضةٍ من هذا الهرمونِ، فقد يكونُ السببُ نموٌّ بطيءٌ أو إصابةٌ في الخصيتين، قد يكونُ السبّبُ أيضاً المعالجةَ بهرمونٍ أنثويٍّ مثل الأستروجين.

يسبّبُ الاستهلاكُ المزمنُ للكحولِ انخفاض مستوياتِ الهرمون.

من جهةٍ ثانية، تشيرُ النسبُ المرتفعةُ من التستوستيرون عند الرجالِ إلى احتمالِ وجودِ سرطانِ الخصية، أو مشاكلَ في غدّة الكظر. بالنسبةِ للذكور بأعمارٍ أقلّ من 10 سنوات فإنّ ظهور نسبٍ مرتفعةٍ من هذا الهرمون يسبّب البلوغ المبكّر أو ورماً في الخصيةِ أو مشكلةً في الكظر.

- الأندروجينات Androgens:

تُعرفُ الأندروجينات بأنّها هرمونات الرجال لأنّها تكون بتراكيزٍ أعلى بكثيرٍ عندهم ممّا هي عليهِ عند الإناث، إلّا أنّها في الحقيقة موجودةٌ في كلا الجنسين. تُوجد العديد من الأندروجينات، ولكنّ أبرزها التستوستيرون والأندروستندويون.

فعند الإناث، تُفرزُ الأندروجينات في المبيضين وغدّة الكظر والغدد الدّهنية، وتلعبُ دوراً هامّاً لبدءِ عمليّةِ البلوغِ حيثُ تحفّزُ نموّ شعرِ العانةِ. تلعبُ هذهِ الهرموناتُ أدواراً هامّةً أخرى في تنظيمِ نموّ العظمِ وتؤثّر على الكليةِ والكبدِ والعضلاتِ، كما تعدّ الأندروجينات ضروريةً عند النساءِ البالغاتِ لإنتاج الأستروجين. وقد ثَبُـت أنّ لها دوراً في الوقايةِ من ترقّقِ العظامِ بالإضافةِ لتأثيرهِ الكبيرِ على الرغبةِ الجنسيّةِ والمتعةِ.

تسبّب النسبُ المرتفعةُ من الأندروجينات ظهورَ حبّ الشّباب وظهورَ الشّعر في أماكنَ غير محبّبةٍ مثل الذقنِ والشّفّةِ العُليا بالإضافةِ إلى رقّة الشّعرِ في الرأس. أمّا بالنسبةِ لانخفاضِ نسبةِ الأندروجيناتِ فهذا يخفّضُ بدورهِ من الرغبةِ الجنسيّةِ، ويُسبّب التعبَ ويُزيد من احتماليّة حدوثِ ترقّق العظامِ أو العظمِ الإسفنجيّ. يؤثّر انخفاضُ الأندروجينات على النساءِ بمختلفِ الأعمارِ ولكنّ تأثير فقدانهِ يظهرُ بشكلٍ كبيرٍ في سنِّ اليأس.

ويمكن ممّا سبق تنبؤ أهميّة الأندروجينات بالنسبةِ للذكور، فمستوياتها المرتفعة عندهم ذات أهميّة كبيرة إذ تعني ظهورَ الصفاتِ الذكوريّةِ كشعرِ الذقنِ والشاربِ، كذلك تلعبُ دوراً في البنيةِ الجسديّةِ الذكوريةِ الضخمةِ فضلاً عن دورها في الرغبة الجنسيّة.

المصادر:

هنا

هنا

هنا

هنا

هنا

هنا