الكيمياء والصيدلة > صيدلة

هل يزيد الأسيتامينوفين من سعادتك؟

يعتبر الباراسيتامول (الأسيت أمينوفين) دواءً مسكناً وخافضاً للحرارة، وهو من أشهر المسكنات، ويُعرف في الولايات المتحدة باسم تيلينول Tylenol. إلّا أنّ هذا الدواء قد يرتبط بأكثر من مجرد تسكين الألم حيث وجدت تجربة جديدة ارتباطه بكل من مشاعر السعادة والحزن.

ففي الدراسة الجديدة الصغيرة التي تشير إلى أنّ دواء الباراسيتامول يقلّل من استجابة المريض العاطفية للمحفزات الإيجابية والسلبية (تحفيز التفاؤل). وقد اعتمدت الدراسة على بحث سابق في المشاعر السلبية حيث وجدت أبحاث سابقة في علم النفس أنّ الباراسيتامول يقلّل من الإحساس بالمشاعر السلبية المصاحبة للألم الجسدي.

لماذا يؤثر الباراسيتامول بهذه الطريقة؟

هذا ما تحاول الإجابة عنه هذه الدراسة الجديدة التي نشرت في مجلة علم النفس الإلكترونية، والتي تضم تجربتين منفصلتين تمّت كلّ منهما على ما يقارب الـ80 فرداً.

في التجربة الأولى، أخد نصف المشاركين جرعة 1000 ملغ من دواء الباراسيتامول، في حين أخد النصف الآخر حبّة وهمية (خالية من الباراسيتامول). وعُرضت بعد ساعة 40 صورة مصممة لإثارة ردود فعلهم العاطفية على كلا المجموعتين، وقد تراوحت هذه الصور بين الإيجابية (صور أطفال يلعبون مع حيواناتهم الأليفة) إلى السلبية (صور لأطفال مرضى أو ممن يعانون المجاعات) وطُلب من المشاركين تصنيف محتوى كل من الصور من ناحية محتواها العاطفي (كيف جعلتهم يشعرون).

وكانت النتائج بأن استجاب المشاركون ممن أخذوا الدواء الفعلي بشكل أكثر برودة لكل من الصور السلبية والإيجابية.

أماّ التجربة الثانية فقد كانت مشابهةً تقريباً للأولى ولكن طُلب من المشاركين أن يذكروا كم مرة قد رأوا اللون الأزرق في الصور. وكان الهدف من هذه التجربة معرفة ما إذا كان الدواء يؤثر في الاستجابات العاطفية فقط أم في القدرة على اتخاذ القرار بشكل عام. وقد أظهرت النتيجة أنّ الدواء لا يؤثر بأيّ شكلٍ من الأشكال في القدرة على اتخاذ القرار، أي أنه يرتبط بالتأثيرات العاطفية فقط.

وقال الباحثون المشاركون في الدراسة أنّ العلاقة بين دواء الباراسيتامول وتثبيط المشاعر خفيفة نسبياً ولكن يمكن الاعتماد عليها. وأكّدوا أنّ إيضاح الطريقة الفيزيولوجية لذلك ما تزال بعيدة المنال، ولكن قد يؤثر الدواء على الدماغ بكثير من الطرق كتغيير نشاط السيروتونين (ناقل عصبي متربط بالتأثيرات العاطفية) أو خفض تنشيط المناطق المسؤولة عن العاطفة في الدماغ، وأن مزيج واحد أو أكثر من هذه الآثار قد يسبب هذه النتائج النفسية التي نلاحظها على تقييمات الأفراد حيث تضعف ردة الفعل للمؤثرات السلبية والإيجابية.

وقد وضح الباحثون أنّ تأثير الباراسيتامول على العواطف قد لا يكون فريد من نوعه، فقد يكون لمسكنات الألم الأخرى مثل الأسبرين أو الإيبوبروفين آثاراً مماثلة على الرغم من عدم اختبارها.

وقد صرّح آلان هيفلر وهو الرئيس الفخري النفسي في مركز Maimonides الطبي في مدينة نيويورك، بعد الاطلاع على الدراسة أنّ هذه النتائج مثيرة للاهتمام والدهشة.

وذلك بسبب الاحتمالية القليلة لأن يكون لأي دواء آخر مثل هذا النوع من الآثار الجانبية. وقد أبدى استغرابه في الوقت نفسه أنّ أحداً لم يبلِّغ في أيّ وقت مضى عن هذا الشعور بنوعٍ من التبلُّد العاطفي بعد أخذ هذا الدواء رغم استخدامه الشائع جداً. وقد فسّر ذلك بأن الناس تستخدم الدواء في بعض الأحيان للاسترخاء وأحياناً لمساعدتهم على النوم، وأنّه ربما قد يكون هناك بعض التأثير خلال فترة قصيرة من الزمن يكون خلالها الاسترخاء من شدّة العواطف كذلك، ولكنّنا بالتأكيد نريد أن نرى هذه النتائج تتكرر قبل أن نقول أنّ تغيير أيّ شخصٍ لتوصياته عائدٌ لاستخدامه لهذا الدواء الذي يعطى دون وصفة طبية.

وعلى الرغم من ذلك فقد أكّدت الشركة المصنعة في بيان لها انتقادها للنتائج، وذلك بحجّة أنّ حجم العينة في دراسة أوهايو صغير جداً، مما يجعل من الصعب استخلاص استنتاجات نهائية حول تأثير الباراسيتامول على الاستجابة لكلّ من المحفزات العاطفية الإيجابية والسلبية.

المصدر:

هنا