العمارة والتشييد > التصميم المعماري

متحف أضواء النيون

استمع على ساوندكلاود 🎧

متحف يعود بنا إلى عصر تألق لاس فيغاس، عندما كانت الأضواء ذات أهمية كبيرة.

عندما نسمع اسم لاس فيغاس فإنّ أول ما يتبادر إلى الذهن هو لافتات مصابيح النيون والأضواء المتوهجة ليلاً، لكن مع وصول الغزو التقني إلى المدينة اختفت هذه اللافتات المعتمدة على غاز النيون، ليحل محلها تقنيات جديدة في الإضاءة.

فهل تساءلت يوماً أين اختفت لافتات مصابيح النيون الشهيرة في لاس فيغاس؟ هل تتمنى رؤيتها من جديد؟ لنتعرف معاً على متحف النيون في لاس فيغاس الذي يحتوي أهم الأيقونات المضيئة التي أعطت للمدينة شهرتها و سحرها.

بدأ العصر الذهبي للإنارة بمصابيح النيون بالاختفاء تدريجيّاً في لاس فيغاس نتيجة توافر شاشات LED العملاقة. فقد كانت الكازينوهات وعلى مدى عدة عقود تحدد هويتها البصريّة بواسطة أضواء مصابيح غاز النيون الملونة، في محاولة للتنافس على أكثر اللافتات ابتكاراً. ولكن مع إغلاق بعض الكازينوهات وتجديدها ووصول تقنيات الإنارة الحديثة، تم استبدال العديد من لافتات النيون، وقد قامت شركة Young Electric Sign Company بالاحتفاظ بلافتات مصابيح النيون القديمة لسنوات عديدة للتخزين وإعادة التدوير. ولحسن الحظ، فقد تم إنقاذ هذه اللافتات من قبل مجموعات الحفاظ على التاريخ، وبدعم من مجلس الفنون تمّ افتتاح متحف أضواء النيون لحفظ كنوز النيون ولتثقيف الجماهير.

عندما سجّلت لاس فيغاس كمدينة في عام 1911،كان شارع فيرمونت الشهير حينها هو الشارع الرئيسي الذي يقود إلى محطة القطار. وقد ظهرت أولى اللافتات المضيئة هناك عام 1906، مختلطة بإنارة الشارع بهدف إنشاء نقطة علّام ، وبحلول عام1920 كان الزوّار قد بدؤوا بالانجذاب للعدد المتزايد من الإعلانات المضيئة. حتى أن الحدود المتحركة للأضواء المتباعدة ساهمت في إنتاج إنارة فعّالة، تعتمد على الإشعال والإطفاء اليدوي.

لم تعاني لاس فيغاس من الركود الاقتصادي مثل باقي الولايات المتحدة وذلك بسبب إنشاء سد هوفر في الثلاثينات، بل طورت هويتها المتوهجة. و تلك هي الفترة التي بدأت فيها مصابيح النيون بتشكيل شارع فيرمونت. حيث أوردت مجلة لاس فيغاس الاقتباس التالي: " يعرض فندق Overland الآن لافتة كهربائية تعتمد على مصابيح غاز النيون، من التصاميم الأكثر حداثة، مضافةً بشكل واضح إلى المشهد العام لهذا الجزء من المدينة."

تم تدبر أمر العديد من لافتات مصابيح النيون باهظة الثمن عن طريق عقود أجار من قبل شركات الإنارة التي تضمنت عقود خدمة .وعند إعادتها، قامت الشركات بإعادة استعمال المكونات الفعّالة لتصنع لافتات جديدة، أو نقلت هذه اللافتات إلى ساحات الخردة المخصصة لها خارج المدينة. لاحقاً، تم التبرع بأجزاء من هذه المجموعات ليتم في النهاية وضع حجر الأساس لمتحف النيون في لاس فيغاس.

مع ازدياد حجم اللافتات وتعدد الألوان المعروضة على الستائر الأمامية للمباني، بدأت منافسة ضوئية شديدة أدت إلى ظهور لافتات من مصابيح النيون أكثر جاذبية في الأربعينات . وتطورت الكازينوهات والنوادي لتصبح الصناعة الأكثر رواجاً في لاس فيغاس ، مخلفةً وراءها فكرة "الغرب القديم" للسياح. وقد أصبح كازينو Glitter Gulch المعروف بضجيج آلات القمار ولافتته المضيئة المتميزة ،العلامة الفارقة لشارع فيرمونت. وعندما بدأت شعبية لافتات النيون بالتراجع في باقي مناطق الولايات، بقي الاهتمام بهذا النوع من الإنارة الخطيّة في لاس فيغاس. وقد أدت المنافسة الشديدة لشد الأنظار إلى إستراتيجية جديدة في الخمسينات، عندما بدأ مصممو اللافتات يتعاونون بشكل أكبر مع المعماريين. وأبرز ما يظهر ذلك هو التصميم الذي قدمه فندق وكازينو Mint الذي أضفى طراز عمارة الحداثة على شارع فرمونت من خلال لافتته التي تميزت بشفرة طولية غير متناظرة، وتشكيل إنشائي يعتمد الأشكال الهندسية. وقد تم التخلي عن طراز "الغرب القديم" المعتمد في الكازينوهات المحيطة، من أجل التركيز على عصر النيون في فندق Mint.

واحدة من الواجهات الضخمة التي ظهرت في تلك الفترة أيضاً كانت لكازينو Stardust الشهير عام .1958 تضمنت الواجهة التي بلغ طولها 65 متراً وارتفاعها 8 أمتار، 11000 مصباح كهربائي وامض وحوالي 2100 متر من أنابيب النيون، وعدد غير محدود من النجوم والأشعة الكونية التي عكست الطموح الأميركي بربح السباق الفضائي في الستينات . لقد غطت الواجهة المضيئة المبنى غير الجذاب خلفها، رامزة بذلك إلى "الكوخ المزخرف" الذي تحدث عنه Robert Venturi و Denise Scott Brown وSteven Izenour في كتابهم الشهير " التعلم من لاس فيغاس" الذي نشر عام 1970. بطريقة ما، استبقت واجهة Stardust المتغيرة الألوان النقاش حول واجهات وسائل الإعلام المعاصرة التي تعمل إلى حد ما كمجملات سطحية لعمارة رتيبة.

مع تزايد عدد أبراج الفنادق المضيئة، بدأت مدينة لاس فيغاس بتطوير أفق ليلي خاص بالمدينة للمرة الأولى في الثمانينات. ولكن مع وصول العمارة التصويرية إلى جنوب لاس فيغاس، تلاشت الرغبة بلافتات نيونية متوهجة بشكل ملاحظ في التسعينات من القرن الماضي. إذ يعتبر كازينو The Excalibur بتصميمه الذي يشبه القلعة، إضافة إلى كازينو الأقصر Luxur بهرمه المصري، ممثلاً للنمط الجديد من العمارة. وعلى الرغم من ذلك كانت هذه الفنادق مضيئة بشكل لافت للنظر ولكن ليس باستعمال النيون، فقد ظهرت اللافتات المضاءة بتقنية LED الجديدة وحلت محل مصابيح النيون المتوهجة.

ومن أجل مواجهة صعود قطاع لاس فيغاس الجنوبي مقارنة بمركز المدينة الذي أصبح أقل حيوية، تلقى شارع فرمونت قنطرة مظللة للترفيه عام. 1995 تبدأ العروض الضوئية الشهيرة هناك بإطفاء الأضواء القديمة للمباني، يليها صور متحركة على الشاشة التي يصل طولها إلى 460 م والتي تحوّل القنطرة إلى سقف مضيء، لتطرد بذلك أي مشاعر تعب ليلية. الجهاز الذي كان مزوداً بأربعة مصابيح ملونة متوهجة في كل بكسل منه، خضع لتحديث تقني بإضافة مصابيح LED في عام 2004 ساهمت في تحسين صيانة المصابيح وتحسين استهلاك الطاقة. اللافتة المشهورة لراعي البقر المصنوع من مصابيح النيون Vic و نظيرته الانثى Vickie يظهران الآن بوصفهما الأثر الوحيد للعصر الذهبي للنيون ضمن العروض المذهلة لمصابيح LED.

ولاستعادة المشاعر المرتبطة بالعصر الذهبي للنيون، حفظ متحف النيون أكثر من 150 لافتة من مصابيح النيون، بمعرض خارجي يضم لافتات شهيرة من Moulin Rouge، The Stardust، Desert Inn، Saesars Palace إضافة إلى العديد غيرهم. هذه اللافتات الرائعة كانت تظهر يوماً ما في قلب مدينة لاس فيغاس . يستطيع السياح أيضا اكتشاف مركز سياحي استثنائي في المتحف يظهر تاريخ المدينة من خلال قشرة البهو المعاد ترميمها من موتيل La Concha للمعماري Paul Williams الذي عمل أيضاً على تصميم المبنى ذو الطابع المستقبلي لمطار لوس انجلوس الدولي بالاشتراك مع William Pereira، Charles Luckman، Welton Becket.

إذا تسنت لك زيارة لاس فيغاس، فلا تنسى أن تخصص بعضاً من وقتك ل متحف النيون وتأخذ جولة هناك لتغوص في التاريخ المضيء لعاصمة السحر.

المصدر:

هنا