التاريخ وعلم الآثار > التاريخ

ملوك من الشرق الأدنى القديم... مؤسس الامبراطورية الفارسية " كورش العظيم"

يعرف بعدة أسماء سيروس الثاني أو كورش الثاني أو كورش العظيم وهو مؤسس الامبراطورية الفارسية. أصبح ملك فارس عندما كانت ولاية تابعة للميديين ثم ثار عليهم واحتل عاصمتهم إكبتانا (مدينة همدان حالياً) وتخلص من ملكهم أستياجيس. سيطر على بابل وليديا والمدن اليونانية في آسيا الصغرى خلال فترة حكمه، فجلبت هذه التوسعات ثروات عديدة لفارس مما ساعده على بناء مدينة باسارغاد الملكية. للتعرف أكثر على حياة هذا الملك وإنجازاته تابعوا مقالنا التالي...

يرجح المؤرخون أن سيروس وُلد في عام 600-599 ق.م أو 576-575 ق.م وكغيره من الأبطال والفاتحين نُسجت حوله الروايات، حيث أن الكاتب هيرودوت اليوناني يَذكر أنّه كان من أحفاد الملك الميدي أستياجيس ورغم أنه رُبّي في عائلة تعتمد على الرعي إلا أنَّ علامات النبالة كانت واضحة، وحين بلغ العاشرة من عمره قابله الملك ولاحظ التشابه بينهما.

ورث كورش العرش في حياة أبيه في عام 559 ق.م ولكنه لم يكن مستقلاً، فقد كان مُجبراً كأسلافه على الاعتراف بالسلطة الميدية حتى عام 553 ق.م حين دعا الفرس للثورة على الميديين وبعد عدة معارك احتل عاصمتهم إكبتانا في 549 ق.م مُسيطراً بذلك على كامل الامبراطورية الميدية ورغم قبوله التاج الميدي إلا أنَّه أعلن نفسه "ملك فارس" في 546 ق.م.

كان احتلال ميديا مجرد الخطوة الأولى في حروب كورش حيث أن أستياجيس تحالف مع صهره كرويسوس ملك ليديا ونبوخذ نصر ملك بابل وأحمس الثاني فرعون مصر. وهاجموا مدينة برثيا التابعة للإمبراطورية الأخمينية، فجهز كورش جيشاً من مدن فارس المختلفة وانطلق به لمواجهة الليديين وأثناء المسير ازداد حجم الجيش من المناطق التي مر بها، استطاع كورش إبعاد خطر الجيش الليدي في معركة برثيا ثم توجه نحو عاصمتهم ساردس وقتل فرسانهم وذلك بفضل خطته في وضع راكبي الجِمال في الصفوف الأمامية من جيشه ثم احتل المدينة في 546 ق.م، وتتضارب الروايات حول مصير كرويسوس فيذكر الكاتب هيرودت أنه عفى عنه وجعله مستشاراً، أما الروايات الأخرى تذكر أنه قُتل.

احتل كورش عيلام وعاصمتها شوشان بين 546 ق.م و 540 ق.م، ثم انتقل لبابل وواجه الجيش البابلي قرب مدينة أوبيس على ضفاف نهر دجلة ثم احتل مدينة بابل دون مقاومة تُذكر، وذلك بسبب قيامه بحفر قناة لتحويل مياه نهر الفرات، فانخفض مستوى المياه مما سمح لجيشه بقطع النهر سيراً تحت جنح الظلام ودخول المدينة.

بعد السيطرة على بابل، دعى كورش نفسه ملك بابل، ملك سومر وأكاد، ملك الأرباع الأربعة للكون، وذلك بحسب "أسطوانة كورش" وهي أسطوانة مقدمة لإله الآلهة البابلية مردوخ عُثر عليها قرب أساسات معبد ايساكيلا، كما تحتوي على نصوص أخرى تتهم نبوخذ نصر الملك السابق لبابل بالملحد والعاق وتمدح كورش بالوفي والمطيع لمردوخ، وتصف أعمال كورش التي ساهمت في تحسين حياة السكان في بابل وذلك عن طريق إعادة إعمار منازل ومعابد البابليين المُدمرة. كما تحتوي على ما يعده بعض المؤرخين أول ميثاق لحقوق الانسان إلا أن غيرهم يَعدها تقليداً مُتبعاً عند الحضارات المختلفة لبلاد مابين النهرين عند تسلم الملوك الحكم.

وبهذا فقد كانت فترة حكم كورش العظيم (559 -530 ق.م)، أنجب خلال حياته أربعة أولاد من زوجته الأخمينية كاساندان وهم قمبيز الثاني وبارديا وأتوسا وابنة أخرى لم يرد ذكر اسمها في المصادر القديمة. أما وفاته فتختلف الروايات مرةً أخرى في تحديد مصيرها فيؤكد الكاتب هيرودوت في كتابه "التواريخ" أنه قُتل في معركة ضارية ضد توميريس ملكة ماساغيتي، في حين يدعي الكاتب زينوفون أنه توفي بسلام في عاصمته باسارغاد ومازال قبره موجوداً فيها حتى اليوم.

المصدر: www.ancient.eu/Cyrus_II/