الطب > مقالات طبية

الابتكارات الطبية الأبرز خلال عام 2015

شهد عامُ 2015 تحقيقَ الكثيرِ من الابتكاراتِ الجديدةِ في مجال الطبِ والعلومِ الحيويةِ، والتي ستساهم خلال السنواتِ القادمةِ بتغيير الكثيرِ من القواعد المتبَعةِ في علاج الأمراضِ الشائعةِ والنادرةِ على حدٍّ سواء. تعرّف معنا في هذه المقالة على الابتكاراتِ الطبية البارزةِ السبعةَ عشرَ التي تم تحقيقُها خلال عام 2015.

(1) لقاحاتٌ جديدةٌ ضد الإيبولا والتهابِ السحايا:

يواجه العالمُ تحدّياتٍ كبيرةً في مواجهة الأمراضِ الساريةِ التي يمكن أن تنتشرَ سريعاً. وقد شهدت السنواتُ الأخيرةُ إجراءَ أبحاثٍ مكثّفةٍ للعثور على لقاحاتٍ فعّالةٍ لاثنين من هذه الأمراض. هناك أربعةُ أنماطٍ مختلفةٍ من فيروس الإيبولا، وقد أدى هذا المرضُ إلى أكثرِ من عشرةِ آلافِ حالةِ وفاةٍ في أفريقيا حتى الآن دون أن تتوفرَ له أيُّ معالجةٍ فعالة. وقد قام الباحثون مؤخراً بتطوير لقاحٍ فعالٍ ضد الإيبولا، ويبدو أنه سيكون جاهزاً للطرح في الأسواق خلال عام 2016. أما جراثيمُ المكوراتِ السحائيةِ فهي من أخطر الجراثيمِ التي تؤدي إلى التهاب السحايا، وهي تنتقل عبر الهواءِ وتُحدِث العدوى بسهولةٍ لتؤديَ إلى الوفاة خلال 24 ساعةً من الإصابة. وقد ظهرت أوبئةٌ جديدةٌ بهذه الجراثيمِ في عدةِ مناطق. وأثمرت الدراساتُ الأخيرةُ عن إنتاج لقاحين جديدين ضد هذه الجراثيم.

(2) إدخالُ المرضى في الدراسات السريريةِ حسب الجينوم:

يتم في الدول المتقدمة إدخالُ المرضى الذين يعانون من حالات متقدمةٍ من السرطان أو الأمراضِ المزمنةِ في دراساتٍ سريريةٍ عشوائية لتحديد فعاليةِ المعالجاتِ الحديثةِ المبتكرة في معالجة مثلِ هذه الأمراض. ومن المعروفِ أن استجابةَ أيِّ مريضٍ لمعالجةٍ معينة ترتبط بخصائصِه الجينية (الوراثية)، فبعضُ المرضى يستجيبون لبعض المعالجاتِ أكثرَ أو أقلَّ من غيرهم. ولذلك فقد أظهرت الأبحاثُ الأخيرةُ أن تحديدَ النمطِ الجيني للمرضى يمكن أن يساعدَ بشكلٍ أفضلَ على إدخالهم في الدراسات السريريةِ المناسبة لبُنْيتِهم الجينية، مما يزيد من فرصتِهم في الدخول في هذه الأبحاثِ بشكلٍ أسرع، كما يزيد من احتمالِ استجابتِهم للمعالجات التي تتم دراستُها.

(3) معالجة الأمراضِ الوراثية بتقنية كريسبر:

في كل عامٍ يولَد آلافُ الأشخاصِ الذين يحملون أمراضاً وراثيةً غيرَ قابلةٍ للشفاء، ولطالما حلُمَ الباحثون بالعثور على معالجاتٍ نهائيةٍ لهذه الأمراض. قام الباحثون بتطوير تقنيةِ كريسبر (CRISPER)، والتي تعني التكراراتِ المتجمعةَ المُعاوِدةَ القصيرةَ ذاتَ الفواصلِ المنتظمة (Clustered Regularly Interspaced Short Palindromic Repeats). يجري في هذه التقنيةِ استخدامُ إنزيمٍ يدعى Cas9 والذي يقوم بقَطعِ المادةِ الوراثية – الدنا (DNA) – في أماكنَ معينةٍ يمكن التحكمُ بها. وبذلك فمن الممكنِ استخدامُ هذه التقنيةِ لاستبعادِ مورثةٍ غيرِ مرغوبٍ بها أو استبدالِ مورثةٍ بمورثة أخرى. ومن الناحية العمليةِ تتيح هذه الطريقةُ الجديدةُ تغييرَ الدنا في أيِّ خلايا بما في ذلك خلايا الأجنّة. وبذلك فهي تمثل وسيلةً جديدةً للقضاء على الأمراضِ الوراثيةِ بشكلٍ نهائيٍّ، خصوصاً وأن التكلفةَ الإجماليةَ لتطبيق التقنية على مورّثةٍ واحدةٍ في المختبر لا تتعدّى 30 دولاراً. وسيبدأ في عام 2016 إجراءُ الأبحاثِ السريريةِ لتطبيق هذه التقنيةِ بشكل عملي.

(4) تطويرُ أنظمةٍ لتنقيةِ المياهِ بهدفِ الوقايةِ من الأمراض السارية:

تعتبر مشكلةُ مياهِ الشربِ من أهم التحدياتِ التي تواجه البشريةَ في هذا العصرِ، حيث يفتقر حوالي 2.5 مليار إنسانٍ إلى المياه المُعالجةِ بالشكل المثالي. ويموت في كل عام أكثرُ من مليون طفلٍ قبل الخامسةِ من العمر بسبب تلوثِ المياهِ وسوءِ العنايةِ بالنظافةِ، كما يشرب 700 مليون شخصٍ مياهاً غيرَ آمنة. ولهذه الغاية فقد طُوِّرَت مؤخراً تقنيةٌ جديدةٌ لمعالجة المياهِ بحيث يمكن الحصولُ على مياه قابلةٍ للشرب بسهولةٍ وسرعة. وتتيح التقنيةُ الجديدةُ تحويلَ مياهِ المجاريرِ إلى مياه آمنةٍ ونظيفةٍ عن طريق معالجتِها في مرحلة واحدةٍ ودون الحاجةِ لإجراءات معقدةٍ، الأمرُ الذي قد يشكل ثورةً في هذا المجالِ ويساهم في توصيل المياهِ الآمنةِ إلى مئات الآلافِ من الأشخاص حولَ العالم.

(5) تشخيصُ الاضطراباتِ الصِّبغيةِ لدى الجنينِ بفحص دمِ الأم:

تعتبر الكثيرُ من الأمراض الصبغية قابلةً للتشخيص قبل الولادةِ، مثل متلازمةِ داون ومتلازمةِ إدوارد. وقد كان الشك بمثل هذه الأمراضِ يتم بناءً على فحوص الدمِ لدى الأمِّ الحاملِ بالإضافة إلى تصوير الجنينِ بالأمواج فوقِ الصوتية. ولتأكيد وجودِ الاضطرابِ الصبغيِّ لدى الجنينِ فإن ذلك كان يحتاج إلى إجراءاتٍ باضِعةٍ، مثلَ سحب عينةٍ من السائل الأمنيوسيِّ الذي يحيط بالجنين، أو أخذِ خَزعةِ بالإبرة من الزُّغاباتِ الكورْيونيّة التي تشكل جزءاً من نسيج المشيمة. ومشكلةُ هذه الإجراءاتِ هي أنها يمكن أن تؤديَ إلى الإسقاط. أما الآن فقد أمكن تطويرُ طريقةٍ جديدةٍ لتشخيص مثلِ هذه الأمراضِ من خلال فحصِ خلايا الجنينِ الجائلةِ في دم الأمِّ (التي تصل إلى جهاز دورانِ الأم)، حيث يُقدَّر أنّ 10% من مادة الدنا الموجودةِ في دم الأم تنتمي في الواقع للجنين. وبهذه الطريقةِ يمكن تشخيصُ هذه الأمراضِ عبر فحصِ هذه الخلايا ودون أي إجراءٍ باضع. وقد أظهرت الأبحاثُ الأوّليةُ أن هذا الاختبارَ يترافق مع فرصةٍ أعلى بعشر مراتٍ لتشخيص متلازمةِ داون لدى الأجنّةِ، ودون تعريضِ الأم أو الجنينِ لأي إجراءاتٍ أخرى.

(6) تحليلُ البروتيناتِ بهدف الكشفِ المبكرِ عن السرطان:

يعتبر التشخيصُ المبكرُ للسرطان من القضايا التي تشغل بالَ الباحثين. فعلى سبيل المثال يمكن تشخيصُ سرطانِ البروستات في مرحلةٍ مبكرةٍ بإجراء تحليل بسيطٍ للدم لدى الرجالِ، وذلك من خلال معايرةِ المستَضِدِّ النوعيِّ للبروستات (prostate-specific antigen أو اختصاراً PSA). ولكنَّ مثلَ هذه الاختباراتِ تفتقر إلى الحساسية والنوعيةِ الكافيَتين مما يحدّ من دقة النتائج. وقد توصل الباحثون إلى طريقة جديدةٍ تتحرّى التبدلاتِ البنيويةَ في بروتيناتٍ معينةٍ في الدم، ويمكن أن تساعدَ على تشخيص الكثيرِ من أنواع السرطانِ بدقة عاليةٍ تصل إلى 100% في بعض الأحيان. ويتم في هذه الطريقةِ استخلاصُ بروتيناتٍ معينةٍ من سوائل الجسمِ (مثل الدمِ أو البولِ) ومقارنةِ أشكالِ هذه البروتيناتِ لمعرفةِ فيما إذا كان يتم إنتاجُها من الخلايا السرطانيةِ أم الطبيعية. ومن المتوقعِ أن يتم تبنّي هذه الاختباراتِ غيرِ المكلِفةِ على نطاق واسعٍ خلال فترةٍ قصيرة.

(7) التحكمُ الدماغيُّ بالأطراف الصناعية:

يعيش مئاتُ آلافِ المرضى من جميع أنحاءِ العالمِ دون واحدٍ أو أكثرَ من الأطراف، سواءً العلويةُ أو السفلية. وتشكل الأطرافُ الصناعيةُ أهمَّ الحلول لمثل هذه المشكلةِ، رغم أنها لا تؤدي الغايةَ الوظيفيةَ بالكفاءةِ المطلوبة. وقد توصل الباحثون إلى تطوير أطرافٍ صناعيةٍ يمكن التحكم بها عن طريق الدماغِ، تماماً كما لو كانت أطرافاً حقيقية. وفي هذه الطريقةِ يتم زرعُ حسّاساتٍ حيويةٍ خاصةٍ في الدماغ بحيث تلتقط الإشاراتِ العصبيةَ التي يولّدها. تقوم مُعالِجاتٌ حاسوبيةٌ صغيرة بفك شيفرةِ (رموز) هذه الإشاراتِ الصادرةِ عن الدماغ، وتستخدمها في تشغيل الأطرافِ الصناعية وتحريكِها كما لو كانت حقيقية. وبهذه الطريقةِ يمكن تقليدُ الحركاتِ الطبيعيةِ بشكل كبير، مما يؤمّن تحسينَ نوعيةِ الحياة بشكل كبير لدى المرضى المصابين بالشلل أو البَتْر. وقد أظهرت هذه الطريقةُ نتائجَ أوّليةً مذهلة، ومن المتوقع أن تنتشرَ على نطاق واسعٍ خلال سنوات.

(8) ابتكار أولِ علاجٍ لاضطراب نقصِ الرغبةِ الجنسيةِ لدى النساء:

لقد طُوِّرَت العديدُ من المعالجات الخاصة بتحسين الوظيفةِ الجنسيةِ لدى الرجالِ، ولكن لم يتمَّ حتى الآن إحداثُ تطورٍ يُذكر فيما يتعلق بالنساء. يُعتبَر اضطرابُ نقصِ الرغبةِ الجنسيةِ لدى النساءِ (hypoactive sexual desire disorder أو اختصاراً HSDD) من الاضطرابات الشائعةِ جداً، حيث يقدَّر بأن واحدةً من كل عشرِ سيداتٍ قبل سنِّ الضّهْي (سن الإياس أو انقطاع الطمث) تعاني من هذا الاضطراب. وفي هذه الحالة لا تعاني المريضةُ من أي اضطرابٍ عضويٍّ أو نفسيٍّ أو وظيفي أو عائلي، ورغم ذلك لا يمكن العثورُ على أي تفسيرٍ واضحٍ لفقدان الرغبةِ الجنسية. ويتمثل الإنجازُ الجديدُ بتطوير عقارٍ يدعى فليبانزيرين (Flibanserin)، وهذا العقارُ قادرٌ على إعادة الرغبةِ الجنسيةِ لدى النساءِ إلى مستواها الطبيعي. ويعمل الدواء عبر تأثيرِه على مستويات النواقلِ العصبيةِ في الدماغ، حيث يزيد من مستوياتِ الدوبامين والنورإبينفرين المرتبطَين بالتحريض الجنسيِّ، ويُنقِص من مستويات السيروتونين المرتبطِ بتثبيط الوظيفةِ الجنسية والشعورِ بالشبع الجنسي.

(9) تطوير أجهزةِ المراقبةِ الدائمةِ عن بُعد:

تم في السنوات الأخيرةِ تطويرُ الكثيرِ من الأجهزة المحمولةِ التي تتيح جمعَ البياناتِ الحيويةِ من المرضى (مثل النبضِ والضغطِ والفعاليةِ الجسدية) من خلال التماسِّ مع الجلد فقط. ولكن الإنجازَ الجديدَ يذهب لأبعدَ من ذلك، فهو يتيح إجراءَ تحاليلٍ حيويةٍ عن بُعد ودون سحبِ أيِّ عيناتٍ من الجسم. تعتمد هذه الأجهزةُ على وسائلِ تحسّسٍ موجودةٍ على سطح الجلدِ لجمع معلوماتٍ عن مستوى السكرِ في الدم مثلاً، وذلك من خلال استشعارِ موادٍ بروتينيةٍ وحيويةٍ معينةٍ على الجلد تعكس مستوياتِ السكرِ في الدم. وبذلك يصبح المريضُ قادراً على معرفة مستوياتِ السكر في الدم لديه من خلال ارتداءِ جهازٍ بسيطٍ، كما يتيح ذلك تحذيرَ كلٍّ من الطبيب والمريض بشكل سريعٍ حين تحدث اضطراباتٌ مهدّدةٌ للحياة.

(10) جهازٌ جديدٌ لسحب الجلطاتِ الدمويةِ من الأوعية الدماغية:

تعتبر السكتةُ الدماغيةُ من أشيع أسبابِ العجزِ والوفاةِ لدى المسنّين، حيث تنجم عادةً عن حدوثِ الجلطاتِ في الأوعية الدمويةِ الدماغيةِ مما يؤدي إلى انسدادِها وتوقفِ تدفقِ الدم في أجزاءٍ واسعةٍ من الدماغ. والطريقةُ الوحيدةُ للتعامل مع مثلِ هذه الحالاتِ هي إزالةُ الخثرةِ خلال بضعِ ساعاتٍ للوقاية من حدوث الأذيّةِ الدماغيةِ أو الوفاة. وقد اعتمدت الطرقُ المتّبَعةُ حتى الآن على استخدام دواءٍ يُدعى بمُفعّل البلازمينوجين النسيجي (tissue plasminogen activator أو اختصاراً tPA). ويقوم هذا الدواءُ بحلِّ الخثرةِ الدموية المتشكلةِ من خلال تفكيكِ بروتيناتِ التخثّرِ الموجودةِ فيها. ولكنّ مشكلةَ هذا الدواءِ هي أن فعاليتَه تقتصر على ثلُثِ المرضى فقط، وخصوصاً حين يشمل الانسدادُ أحدَ الأوعيةِ الدمويةِ الكبيرة. وقد تم مؤخراً تطويرُ جهازٍ جديدٍ يتيح سحبَ الجلطاتِ الدمويةِ من الأوعية الدمويةِ بشكلٍ مباشر، وذلك من خلال الدخولِ في الأوعيةِ الدمويةِ للدماغ عن طريق القثطرةِ الوعائية. وقد أكدت الدراساتُ الأخيرةُ أن هذا الجهازَ يؤدي إلى نتائجَ رائعة، حيث يحسّن معدلاتِ الشفاءِ بشكل كبير وسريعٍ ويتيح الحصولَ على فرصةٍ أفضلَ بكثير للحياة بشكل مستقل. ويقدَّر بأن التقنيةَ الجديدة ستُستخدمُ في أكثر من ستين ألفِ مريضٍ مع نهاية العقدِ الحالي.

(11) استخدامُ فيروس شللِ الأطفالِ لمعالجة السرطان:

ينجم مرضُ شللِ الأطفال عن العدوى بفيروس البوليو (polio virus) الذي يصيب الخلايا العصبيةَ ويؤدي إلى الشلل. وقد استغل الباحثون قدرةَ هذا الفيروس على الاندماجِ في الخلايا العصبيةِ لمعالجة أحدِ الأنواعِ القاتلةِ من سرطان الدماغِ، وهو الورمُ الأروميُّ الدبقيُّ (glioblastoma) الذي يقضي على المريض خلال أقل من سنة واحدة. تعتمد التقنيةُ الجديدة على الهندسة الوراثيةِ للفيروس بحيث يصبح قادراً على تخريب الخلايا السرطانيةِ دون أن يؤثر على خلايا الجسمِ الطبيعيةِ، حيث دُعي الفيروسُ المعدلُ وراثياً باسم PVS-RIPO. وقد أظهرت الأبحاثُ الأوليةُ نتائجَ رائعةً، حيث أمكن القضاءُ على الورم السرطانيِّ بشكل كامل في بعض المرضى. ومن المتوقع أن تتم المصادقةُ على العلاج الجديدِ خلال العامِ القادم.

(12) وسيلةٌ جديدة لمعالجة ابيضاضِ الدم:

تشكّل المعالجةُ بالأدوية الكيميائيةِ chemotherapy وزرعُ نِقْيِ العظامِ المعالجةَ الأساسيةَ لأحد أنواعِ سرطانِ الدمِ المدعوِّ باسم ابيضاضِ الدم أو اللوكيميا leukemia. وعلى الرغم من ذلك فإن هذا المرضَ يكون قاتلاً لدى الكثيرِ من المرضى حتى عند تقديم المعالجةِ القصوى. وقد قام البروفيسور وسيم قاسم، وهو أستاذُ المعالجةِ الوراثيةِ (الجينية) في معهد صحةِ الأطفالِ في لندن، بتطوير تقنيةٍ جديدةٍ قد تشكل بارقةَ أملٍ لدى هؤلاء المرضى. يتم في هذه التقنيةِ برمجةُ الخلايا المناعية المعروفةِ باسم الخلايا التائيةِ T-cells من خلال المعالجةِ الوراثيةِ، بحيث تتعرف على الخلايا السرطانيةِ وتقتلها. ونظراً لأن هؤلاء المرضى عاجزون عادةً عن توليد خلايا تائيةٍ سليمةٍ، فإنّ التقنيةَ الجديدةَ تعتمد على جمعِ الخلايا التائيةِ من متبرعين ومعالجتِها ثم حقنِها لدى المريض. ولا تزال التقنيةُ الجديدةُ قيدَ البحث.

(13) التواصلُ عن بعدٍ بين الأدمغةِ البشرية:

لطالما شكّل التخاطرُ والتواصلُ عن بعد بين الأدمغةِ البشريةِ أحدَ الأحلامِ الكبيرة للإنسان. وقد قام العلماءُ في جامعة واشنطن بابتكار طريقةٍ جديدة تعتمد على دمجِ تصويرِ الدماغِ مع التحريضِ العصبيِّ للسماح بإحداث نوعٍ من التواصل بين دماغي الشخصين المرسِل والمستقبِل، مما يتيح لهما التواصلَ بشكل مباشرٍ وعن طريقِ الأفكار. تدعى التقنيةُ الجديدةُ بالتواصل المباشرِ بين الأدمغة (direct brain-to-brain interfacing أو اختصاراً BBI). ويتم فيها الحصولُ على الأفكار من دماغِ الشخصِ "المُرسِل" من خلال تحليلِ الإشاراتِ العصبية الملتقطةِ بواسطة تخطيط الدماغِ الكهربائي. بعد ذلك يتم ترميزُ هذه الإشاراتِ وإعادةُ بثِّها في دماغ الشخص "المُستقبِل" بشكل فعاليةٍ عصبية. وقد تمكن الأفرادُ الذين خضعوا لهذه التجاربِ من طرح الأسئلةِ والإجابةِ عليها بين بعضِهم البعض دون أيِّ نوعٍ من التواصل التقليدي!

(14) التطبيقاتُ الطبيةُ للطباعةِ ثلاثيةِ الأبعاد

دخلت تقنيةُ الطباعةِ ثلاثيةِ الأبعادِ بقوةٍ في المجال الطبيِّ، حيث أتاحت تحقيقَ عدة إنجازاتٍ في مجالات مختلفة. فعلى سبيل المثال خضع أحدُ المرضى لعملية جراحيةٍ استُؤصلَت فيها أجزاءٌ واسعةٌ من القفص الصدريِّ وعظمِ القَصِّ، بهدف علاج ورمٍ خبيثٍ في هذه المنطقة. ولا يمكن عادة تعويضُ هذه الأنسجةِ من المتبرعين عادة. ولذلك فقد تم تصنيعُ أنسجةٍ مطابقةٍ تماماً لعظام المريضِ بالاعتماد على الصور ثلاثيةِ الأبعادِ التي تم الحصولُ عليها قبل الجراحة. وأتاحت هذه الطريقةُ الحصولَ على قفصٍ صدريٍّ جديدٍ من مادة التيتانيوم مطابقٌ تماماً للقفص الصدري القديمِ؛ الأمرُ الذي أنقذ حياةَ المريض. وفي إنجاز آخرَ استَخدم أحدُ جرّاحي الأعصابِ في الصين تقنيةَ الطباعةِ ثلاثيةِ الأبعادِ أيضاً لتصنيع جمجمةٍ من التيتانيوم لتصنيع عظامِ الرأسِ لدى طفلةٍ تعاني من الاستسقاء الدماغيِّ الولادي (وهو انتفاخُ الدماغِ بسبب تجمّعِ السوائلِ فيه نظراً لاضطراب آليّةِ تصريفِ السوائل).

(15) أول قطراتٍ عينيةٍ لتذويب المياهِ البيضاء

تعتبر المياهُ البيضاءُ أو السادُّ (cataract) من أهم أسبابِ فقدان البصرِ في الدول المتقدمةِ والعالم، حيث تنجم عن تكثّفِ عدسةِ العين بحيث تصبح بيضاءَ اللونِ وغيرَ قابلةٍ لتمرير الضوءِ بما يكفي للإبصار. وتتمثل المعالجةُ الحاليةُ بإجراء عمليةٍ جراحيةٍ لإزالة عدسةِ العينِ واستبدالِها بعدسة صناعية. وقد قام باحثون بتطوير قطراتٍ عينيةٍ جديدة قادرةٍ على تذويب السادِّ دون الحاجةِ للجراحة. وقد تم تحقيقُ ذلك من خلال استخدامِ مادةٍ تدعى باسم لانوستيرول (Lanosterol)، وهي أحدُ أنواعِ الستيروئيداتِ الطبيعيةِ (الستيروئيدات هي مركباتٌ كيميائيةٌ موجودة بشكل طبيعي في الجسم ويُعتبر الكورتيزون من أهم الأمثلةِ عليها). وقد أتاح هذا المركبُ لدى تطبيقِه على العين بشكل قطراتٍ تقليصَ حجمِ السادِّ بشكل كبيرٍ، بالإضافة إلى الوقاية من عودته مرةً أخرى خلال فترةِ المتابعة. ورغم أنّ الآليةَ التي يعمل بها الدواءُ لا تزال غيرَ معروفةٍ بشكل دقيقٍ حتى الآن، إلا أن الباحثين يعتقدون أنه يمنع من تشكل البروتين الذي يتراكم في عدسة العينِ ويعيق مرورَ الضوء. ولم تتم المصادقةُ بعد على استخدام العقارِ الجديد، ولكن من المتوقعِ أن يتم ذلك قريباً إذا أثبتت الأبحاثُ فعاليتَه على المدى الطويل.

(16) معالجةُ العقمِ بالخلايا الجذعيةِ المأخوذةِ من الجلد:

قام فريقٌ من الباحثين في جامعةِ كامبردج باستخلاص الخلايا من جلد الإنسانِ ومعالجتِها في المختبر للحصول على خلايا جذعيةٍ تحمل خصائصَ الخلايا الإنتاشيةِ (germ cells)، وهي الخلايا القادرةُ على توليد الأجنّة. وأظهرت الدراسةُ أن الخلايا التي تم الحصولُ عليها لا تختلف عن الخلايا الجذعيةِ الطبيعيةِ المعزولةِ من الأجنّة. وكانت أبحاثٌ سابقةٌ لدى الفئران قد أظهرت أن من الممكن توليدُ النطافِ والبيوضِ من الخلايا الجذعيةِ، ولكن لم يتم إجراءُ هذه الأبحاثِ على الخلايا البشريةِ حتى الآن. وبذلك إذا تمكن الباحثون من تنفيذ هذه التقنيةِ لدى البشرِ أيضاً فسنصبح قادرين على توليدِ النطافِ والبيوضِ ببساطةٍ من الخلايا المأخوذةِ من الجلد، حيث يُتوقّع أن يصبحَ ذلك حقيقةً واقعةً خلال سنتين. وبذلك يمكن استخدامُ هذه الخلايا بسهولة لمساعدةِ الأزواجِ الذين يعانون من العقم من خلال تقنيةِ الإخصابِ في الزجاج (طفلِ الأنبوب).

(17) أولُ عمليةٍ ناجحةٍ لزرع القضيب

قام الدكتور أندريه فان دير ميرفيه André van der Merwe في مدينة كيبتاون في جنوب أفريقيا بإجراء عمليةٍ امتدت لتسع ساعاتٍ لرجل يبلغ من العمر واحداً وعشرين عاماً. كان المريضُ قد خضع لبترِ العضوِ الذكريِّ بهدف إنقاذِ حياتِه، وذلك بعد سلسلةٍ من المضاعفات التاليةِ لعمليةِ ختانٍ فاشلة. قام الأطباءُ بالحصول على عضوٍ ذكريٍّ آخر من متبرعٍ متوفّىً دماغياً، واستخدم الفريقُ تقنيةَ الجراحةِ المجهريةِ لتوصيلِ الأوعيةِ الدموية والأعصابِ الصغيرةِ للعضو المزروع. ورغم أن العديدَ من الجراحين قد حاولوا سابقاً إجراءَ مثلِ هذه العمليةِ، إلا أنّ هذه هي المرةُ الأولى التي يتم فيها الحصولُ على نتائجَ وظيفيةٍ بشكل كاملٍ، حيث استعاد المريضُ القدرةَ على استخدام عضوِه الذكريِّ الجديدِ في الوظيفتين البوليةِ والتناسليةِ بعد ثلاثةِ أشهرٍ فقط من العملية، والتي اعتُبرتْ فترةً قياسيةً وغيرَ متوقعةٍ أمام مثلِ هذه الحالة.

المصادر:

هنا

هنا

حقوق الصورة:

shutterstock