علم النفس > المنوعات وعلم النفس الحديث

معتقداتنا ومفاهيمنا قد تكون عرضة للتغيير عن طريق التحفيز المغناطيسي للدماغ!

صرّحت دراسة مشتركة، بين جامعة (York) البريطانية و جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس الأمريكيّة (UCLA)، بأنّ التّحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة (TMS) للجزء الخلفيّ المتوسّط للقشرة المخيّة الأماميّة (pMFC) لدى متطوعيّ الدّراسة جعلهم أقلّ ميلاً للإيمان بالإله وأقل انتقاداً للمهاجرين.

ويُعتقد أن هذا الجزء من الدماغ (pMFC) يلعب دوراً أساسياً في ملاحظة الفروق بين الأمور الموجودة فعلياً وبين تلك التي يرغب الإنسان بوجودها، وبناءً على ذلك يتّخذ الإنسان القرارات لحلّ الالتباس. وبالإضافة اتخاذ القرارات بشأن الحالات الملموسة و المجرّدة. فإنَّ عوامل أخرى كالتّذكير بالموت أوالشعور بعدم الأمان قد تُسهم في زيادة الأخلاق المعنويّة والقيم والسلوكات التي تنتمي لثقافة الأفراد، ويحدث ذلك بمساعدة منطقة (pMFC).

فعلى سبيل المثال ،عندما تواجهك أفكار عن الموت فإن منطقة (pMFC) تعمل على تعديل سلوكك ليتلاءم مع زيادة الايمان بالله وبشكل مشابه عندما ينتقد شخص منتمٍ لجماعة المهاجرين (الغرباء) جماعتك أومعتقداتك فإنَّ استجابة منطقة (pMFC) ستكون أقرب لإعلان حالة الكره لكامل تلك المجموعة.

و بعد أن توصل العلماء لمعلومات أكيدة حول الدور الذي تقوم به منطقة (pMFC) في تعديل القرارات المجرّدة منها والمعنويّة. فكَّر الباحثون في دراسة ما يحدث عند تخفيض النشاط لهذه المنطقة عن طريق التحفيز المغناطيسي.

الفكرة ببساطة هي كالتالي: معظم الناس يلجؤون إلى أفكارهم ومعتقداتهم عندما يواجهون المشاكل، لذلك أراد العلماء اكتشاف فيما إذا كانت الأفكار والمعتقدات يمكن أن تتغير بتعطيل هذا الجزء من الدماغ والذي يُسهم في ترسيخ المعتقدات واتخاذ هكذا قرارات.

و بهدف إجراء هذه الدراسة تم اختيار 38 شخص دون سنّ التخرج بعد إجراء مقابلاتٍ هاتفية معهم و ذلك لضمان اختيار مجموعة من الأشخاص المعتدلين سياسياً. و قد أظهر جميع المشاركين معتقدات دينية قوية في البداية، ثمّ قُسّمَ المشاركون إلى مجموعتين خضعت إحداهما لعلاج زائف والأخرى لعلاج (TMS) على التّتالي وبعدها أعطى الباحثون مهمة للمشاركين و هي تقييم ايمانهم بالله، الشياطين، الجنة ...إلخ ..وذلك عقب قراءتهم لمقالين عن:

1- التذكيرِ بالموت.

2- انتقاداً لجماعتهم كتبه فردٌ من جماعة أخرى.

ثم طُلب من المشاركين كتابة نص عن مشاعرهم حيال موتهم وأجابوا بعدها على أسئلة تتعلّق بالدراسة لتوكيد التغييرات التي سببها تثبيط التأثير الناظم التي تقوم به منطقة (pMFC) بتطبيق علاج (TMS) فأظهرت النتائج أن الذين خضعوا لعلاج التحفيز المغناطيسي (TMS) - وعلى عكس الذين خضعوا للمعالجة الزائفة – أظهروا:

- تناقصاً عاماً في المعتقدات الدينية الايجابية منها والسلبية.

- تناقصاً كبيراً بنسبة 32.8 % في المعتقدات والأفكار الدينية الايجابية (الله، الجنة، الملائكة) برغم استمرار تذكيرهم بالموت.

- لم يُظهِر المشاركون تناقصاً كبيراً في المعتقدات الدينية السلبية (الشياطين).

- زيادةً في الموقف الايجابي تجاه المهاجرين بنسبة 28.5% رغم قراءتهم لرسالة النقد التّي كتبها شخص من غير جماعتهم (تراجعاً في التمييز العنصري).

- لم يختبر المشاركون تغييرات كبيرة في حالتهم العاطفية كنتيجة للتحفيز المغناطيسي.

و بحسب رأي المؤلف، فقد أظهرت الدراسة وللمرة الأولى أن "التمييز العنصري و المعتقدات الدينية ممكن أن تتأثر بالمعايرة العصبية المستهدفة وتشير إلى آلية ادراكية مشتركة فيما يخص عملية اتخاذ القرارات المعنوية و المجردة". كما خلصوا إلى أنّه :" سواء حاولنا أن نتسلق شجرةً ساقطةً وجدناها في طريقنا، أو أن نبحث عن العزاء في الدين أو الحل لقضايا الهجرة ... فإن أدمغتنا تتبع نفس الآلية الذهنية الأساسية"

و أخيراً نحن بحاجة إلى بحثٍ مفصّلٍ أكثر لنكتشف السبب الكامن خلف النتائج المُلاحظة في هذي الدراسة إلا أنّه من الواضح أنّ الرسالة الجوهريّة هي : (يمكننا بالتحفيز المغناطيسي أن نُغيّر ونؤثّر في معتقد شخصٍ ما.

المصادر:

هنا