الغذاء والتغذية > مدخل إلى علم التغذية

سلسلة الفيتامينات: الفيتامين B3 (النياسين) - ماذا يحدث في حال نقصه أو زيادته المفرطة؟

تحدثنا في مقالنا السابق عن الفيتامين B3 وأهميته (هنا) ... وسيتناول مقالنا اليوم الحالات المرضية الناجمة عن نقصه أو فرطه وبعض الدراسات الحديثة...

عوز النياسين

يحدث عوز النياسين عندما لا يحصل الشخص عبر حميته الغذائية على ما يكفي من النياسين، أو الحمض الأميني التريبتوفان Tryptophan (حيث يمكن للكبد اصطناع النياسين أيضاً اعتباراً من التريبتوفان الموجود في الأغذية البروتينية)، أو نتيجة سوء امتصاص هذين العنصرين. كما توجد أسباب أخرى لحدوث عوز النياسين كالإدمان على الكحول، وغير ذلك من اضطرابات الجهاز الهضمي، وحالات العلاج طويل الأمد بأدوية السلّ مثل Isoniazid. وتشمل أعراض العوز البسيط لفيتامين B3 عسر الهضم، والتعب والوهن، والتقرحات الفموية، والتقيؤ، والاكتئاب. أما أعراض العوز الشديد فتتمثل بمرض البلاغرا Pellagra والإسهال Diarrhea، والتهاب الجلد Dermatitis، والخرفDementia، وأخيراً الموت Death.

من الجدير بالذكر أن مرض البلاغرا غير شائع اليوم في الدول الصناعية المتقدمة، حيث أن أغلب الحميات الغذائية تحتوي على الكميات اللازمة من النياسين أو أنه يضاف إليها عند الحاجة. أما الدول الفقيرة فما زالت تعاني من هذه المعضلة نظراً لسوء وضع التغذية فيها، والاعتماد الكبير لهذه الشعوب على الذرة والأرزّ في تغذيتها، حيث يعرف عن هذين المحصولين فقرهما بفيتامين B3. وعليه فإن النياسين لا يستخدم للوقاية من مرض البلاغرا فحسب، بل إنه يعتبر علاجاً له حتى بعد ظهور الإصابة. ويتم علاج العوز عن طريق تناول الأغذية الغنية بالنياسين والمذكورة في مقالنا السابق (هنا) وذلك وفقاً للحد اليومي المسموح به حسب الفئة العمرية.

وعند الضرورة اسأل طبيبك الخاص أو اختصاصي التغذية ليساعدك على الحصول على الكميات التي تحتاجها.

فرط استهلاك النياسين

يجب ألا تتجاوز الجرعة اليومية الـ 35 ملغ/يوم، حيث أن الاستهلاك المفرط من فيتامين B3 يمكن أن يسبب تضرر الكبد، احمرار الوجه، وارتفاع مستوى الغلوكوز لدى مرضى السكري. وبشكل عام، لا يمكن للحمية اليومية أن تصيب الشخص بفرط هذا الفيتامين حتى وإن احتوت على أغذية غنية به. إلا أنه شائعٌ جداً لدى الأفراد الذين يتناولون المكملات الحاوية على النياسين، ولذلك ينصح الأطباءُ الأشخاصَ الذين تتجاوز جرعاتهم اليومية الـ100 ملغ أن يُجروا فحوصاً دورية لوظائف الكبد. وتتراوح أعرض فرط الاستهلاك بالتالي:

احمرار شديد في الجلد ترافقه حالة من الدوار، وتسرّع ضربات القلب، وحكّة، وغثيان وتقيؤ، وآلام في البطن، وإسهال، والإصابة بالنقرس.

الأبحاث والدراسات المتعلقة بالنياسين

إضافةً إلى دوره المهم في الصحة العامة للجسم، يعتبر النياسين علاجاً للعديد من الحالات المرضية والتي سنستعرض بعضها فيما يلي:

• يستخدم النياسين بشكل واسع لعلاج الكوليسترول، وقد أثبتت دراسات عديدة تحسينه لمستويات الكوليسترول المفيد HDL وتخفيض الشحوم الثلاثية بشكل يضاهي أحياناً مفعول الأدوية الموصوفة لهذه الحالات. إلا أن ذلك يرتبط بالجرعات العالية التي قد تؤدي - كما ذُكر سابقاً – إلى ضرر الكبد، أو المشاكل الهضمية، أو عدم تحمل الغلوكوز. لذلك وجب اقتران هذا العلاج بوصفة تحدد الجرعة اللازمة من قبل الطبيب المختص إضافةً إلى عدم تجريبه بشكل اعتباطي.

• توجد أدلة مبشّرة بمساهمة النياسين في تخفيض تصلب الشرايين، كما يبدو أنه يخفض خطر تكرار حدوث السكتة القلبية لدى الأشخاص الذين تعرضوا لها سابقاً.

• تشير بعض الدراسات إلى إمكانية مساهمة النياسين في تخفيض خطر مرض آلزهايمر، حيث وُجد أن نسبة الإصابة بهذا المرض قد ارتفعت بمعدل 80% لدى الأشخاص الذين يعتمدون حمية غذائية فقيرة إلى متوسطة بالنياسين مقارنةً بأولئك الذين يستهلكون الأغذية الغنية به. كما أظهرت الدراسة نفسها أن تراجع الوظائف الإدراكية لدى الأشخاص ذوي الاستهلاك الجيد قد انخفض بنسبة 44%.

• أشارت دراسة حديثة إلى دور محتمل للنياسين يشابه دور الألياف في الأمعاء الغليظة مما يؤدي إلى الحماية من خطر الإصابة بسرطان القولون، كما يمكن أن يكون له تأثيرٌ مفيد لمرضى داء كرون وتقرحات القولون أيضاً. وتعتبر هذه النتيجة جوهريةً لمن يميلون إلى الحميات منخفضة المحتوى من الألياف، حيث أن خطر إصابة هؤلاء بسرطان القولون يكون مرتفعاً عادةً.

• كما تشير بعض الدراسات إلى دور إيجابي للنياسين في حالات إعتام عدسة العين (السّاد) Cataracts، والتهاب المفاصل، والسكري من النمط الأول. إلا أن هذه النتائج تحتاج إلى مزيدٍ من البحث ليتم تأكيدها بشكل قطعي.

• أخيراً، نؤكد ثانيةً على موافقة إدارة الغذاء والدواء الأمريكية FDA على استخدام النياسين لعلاج مرض البلاغرا المذكور آنفاً.

التداخلات الدوائية:

• المضادات الحيوية Antibiotics: وخاصة المضاد الحيوي تتراسكلين Tetracycline حيث يتداخل النياسين مع امتصاصه وفعاليته، والأمر ذاته ينطبق على جميع فيتامينات B.

• مضادات تخثر الدم Anticoaguland: فقد يجعل النياسين مفعولها أكثر قوة مما يؤدي إلى زيادة خطر النزف نتيجة ارتفاع سيولة الدم، ومنها Warfarin، وHeparin.

• أدوية ضغط الدم أو صادات-ألفا Alpha-blockers: أيضاً يزيد النياسين من مفعولها مما قد يسبب انخفاضاً شديداً في ضغط الدم.

• أدوية السكري: حيث يعمل النياسين على رفع مستوى سكر الدم، لذلك يجب على من يتعاطون الإنسولين Insulin، أو Metformin، أو Glyburide، أو Glipizide، أو غيرها أن يقوموا بضبط سكر الدم لديهم باستمرار.

• يضاف إلى ما سبق وجوب الحذر عند تناول الأدوية العشبية التي تستخدم لنفس الأغراض سابقة الذكر، من موسعات للأوعية الدموية وخافضات للضغط وغير ذلك.

ملاحظات أخرى

يعتبر حمض النيكوتينيك (وهو الشكل المستخدم في أدوية خفض الكوليسترول) غير مناسب لمرضى بعض الحالات: كالنقرس، والقرحة المعدية، والحساسية تجاه النياسين، والماء الأزرق في العين Glaucoma، ومرضى السكري من النمط 2 الذين لا يضبطون مستوى السكر لديهم، واضطرابات تخثر الدم مثل مرض الناعور Hemophilia، وأمراض الكبد، والإدمان على الكحول.

أما بالنسبة للاشخاص الذين يتناولون مكملات النياسين فيجب عليهم تناولها مع الطعام، لأنها تسبب اضطرابات المعدة في حال أُخذت منفردة، كما يَنصح الأطباء بتناولها مع الأسبيرين Aspirin أو مضاد الهيستامين Antihistamine لعدة أسابيع حتى تتطور قابلية تحمل النايسين لدى الجسم.

وتُنصح النساء الحوامل والمرضعات أو اللواتي يرغبن بالإنجاب بعدم تناول مكملات النياسين أو أي دواء آخر دون استشارة الطبيب، لأن بعض المكملات والأدوية العشبية قد تؤدي إلى حدوث تشوهات لدى الجنين.

فيمايلي يمكنك الاطلاع على ما نشر من مقالات ضمن سلسلة الفيتامينات:

الفيتامينات ... بداية الحكاية : هنا

الفيتامين A: هنا

فيتامين D: هنا

الفيتامين E: هنا

الفيتامين K: هنا

الفيتامين C: هنا هنا

الفيتامين B12: هنا هنا

الفيتامين B1: هنا هنا

الفيتامين B2: هنا

الفيتامين B3: هنا

المصادر:

1. هنا

2. هنا

3. هنا

4. هنا

5. هنا

6. هنا

7. هنا

8. هنا

9. هنا

10. هنا

11. هنا

12. هنا

13. هنا